الأنظار في تونس تتجه إلى البرلمان الجديد على أمل ألا يكون مثل سابقه

مجلس النواب الجديد سيكون مختلفا لعدة اعتبارات، أولها أن القوى الممثلة داخله مؤيدة لمسار 25 يوليو، وهي متقاربة أيديولوجيا وسياسيا.
الاثنين 2023/03/13
البرلمان التونسي يستعيد وضعه

تونس – تتجه الأنظار في تونس إلى مجلس النواب الجديد الذي سيعقد الاثنين جلسته الافتتاحية إيذانا ببدء مرحلة نيابية جديدة يأمل التونسيون في ألا تكون مثل سابقاتها.

وكان البرلمان السابق الذي جرى تجميده في الخامس والعشرين من يوليو 2021 وحله لاحقا بقرار من الرئيس قيس سعيد، قد شكل مرآة تعكس للتونسيين حجم تعفن المناخ السياسي في البلاد.

وقد تحولت جلسات ذلك البرلمان إلى ساحة سجالات لا تنتهي بين القوى السياسية المتخاصمة، وغلب على تلك السجالات التشنج، ووصل بعضها إلى حد ممارسة العنف، فكان أن شكل قرار الرئيس محل ترحيب لافت من الشارع التونسي، حيث خرج الآلاف من المواطنين إلى الشوارع احتفاء بالحدث على الرغم من كون البلاد تعيش حينها حالة حظر تجوال جراء وباء كورونا.

ويرى متابعون أن مجلس النواب الجديد سيكون مختلفا لعدة اعتبارات، أولها أن القوى الممثلة داخله مؤيدة لمسار الخامس والعشرين من يوليو، وهي متقاربة أيديولوجيا وسياسيا، على عكس البرلمان السابق الذي كان أشبه بفسيفساء سياسية، وكل طرف يسعى للمزايدة على الطرف الآخر.

باسل الترجمان: البرلمان الجديد مطالب باستعادة ثقة المواطنين
باسل الترجمان: البرلمان الجديد مطالب باستعادة ثقة المواطنين

ويلفت المتابعون إلى أن مجلس النواب الجديد لا يحظى أيضا بصلاحيات واسعة، حيث تنحصر أدواره في البعد التشريعي، وستكون الأولوية لمشاريع القوانين التي سيعرضها رئيس الجمهورية.

ويستدرك المتابعون بالقول إن هذا لا ينفي وجود محاولات من بعض الجهات التي وجدت نفسها خارج دائرة الحكم، لاستقطاب عدد من النواب المستقلين وتشكيل كتلة موالية لها، وهو ما حذر منه الرئيس سعيد قبيل انعقاد الجلسة الافتتاحية.

وقال الرئيس التونسي السبت إنّ ما يحصل اليوم مع عدد من النواب في تكوين الكتل أمر من التاريخ، مشدّدا على أنّ “البرلمان لن يكون كما كان في السابق”.

وأكّد رئيس الجمهورية على أنّ “التشريعات يجب أن تُعبّر عن الإرادة العامّة لا إرادة بعض الجهات التي مازالت تحنّ إلى العشرية الماضية وإلى البرلمان الماضي”. وأضاف خلال زيارة أداها إلى مقرّ “سنيب لابراس الصحافة”، أنّ المجلس التشريعي القادم يجب أن يكون في مستوى تطلعات الشعب التونسي.

وقال الناشط السياسي والنائب بالبرلمان السابق حاتم المليكي “هناك تحدّ شكلي لدى البرلمان الجديد وهو تحسين الصورة القديمة للمجلس، والتي كانت سلبية في السنوات الماضية من حيث السلوك”.

وأضاف المليكي في تصريحات لـ”العرب” أن “صورة المجلس مرتبطة أساسا بطبيعة الرهانات السياسية، والبرلمان الجديد سيقتصر دوره على المصادقة على القوانين، ولكن يجب القطع مع التجاذبات والمناكفات السياسية السابقة”. وتابع المليكي “الـ90 في المئة من الذين قاطعوا الانتخابات التشريعية، عبّروا عن رفضهم بالأساس للصورة السلبية للبرلمان في السنوات الماضية”.

وكانت الانتخابات التشريعية التي جرت على دورتين في نوفمبر ويناير الماضيين قد شهدت نسبة عزوف كبيرة من الناخبين، ورغم تأثير القانون الانتخابي الجديد الذي أقره قيس سعيد يرى متابعون أن صورة البرلمان السابق شوهت بشكل كبير العمل التشريعي، وأدت إلى نفور المواطن التونسي.

وأفاد الكاتب والمحلل السياسي باسل الترجمان بأن “البرلمان الجديد مطالب باستعادة ثقة المواطنين في المجلس، خاصة بعد ترذيل المشهد البرلماني في السنتين الأخيرتين عندما كان رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي رئيسا للبرلمان”.

وأوضح الترجمان في تصريحات لـ”العرب” أن “أمام البرلمان مسؤوليات كبرى، إما سيكون مثل سابقيه معطّلا لتنفيذ مشاريع القوانين والتشريعات، أو سيعمل على إخراج تونس من دائرة التخلّف الإداري الذي تعيشه منذ سنوات”، مشددا على أن “النواب أمامهم مسؤوليات كبرى لتطوير وإلغاء عدّة قوانين سابقة عطّلت منوال التنمية في البلاد”.

حاتم المليكي: صورة المجلس مرتبطة بطبيعة الرهانات السياسية
حاتم المليكي: صورة المجلس مرتبطة بطبيعة الرهانات السياسية

وعن موقف الرئيس سعيد من الكتل البرلمانية، قال المحلل السياسي التونسي إن “الرئيس أراد أن يوجّه رسالة إلى أعضاء البرلمان الجديد، مفادها أن واجب المجلس هو العمل على تحقيق طموحات التونسيين والقطع مع تجربة الماضي دون الانجرار إلى التجاذبات السياسية”.

والأحد نشرت الصفحة الرسمية لمجلس النواب على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك تفاصيل الجلسة العامّة الافتتاحية المقرّرة الاثنين. وسيرأس الجلسة أكبر الأعضاء سنا بمساعدة أصغرهم وأصغرهن سنا، وذلك إلى حين انتخاب رئيس مجلس نواب الشعب.

ويتلو رئيس الجلسة الافتتاحية أو أحد مساعديه القائمة النهائية للمنتخبين بمجلس النواب بناء على قراري الهيئة العليا المستقلة للانتخابات المتعلقين بالتصريح بالنتائج النهائية لانتخابات أعضاء البرلمان لسنة 2022 في دورتها الأولى والثانية.

ويكوّن المجلس في جلسته العامة الافتتاحية لجنة قارة لإحصاء الأصوات ومراقبة عمليات التصويت. ويعلن رئيس الجلسة العامة الافتتاحية عن فتح باب الترشح لمنصب رئيس مجلس النواب ونائبيه ويتلقى الترشحات في نفس الجلسة ويسجلها ويعلن عنها ثمّ يأذن بالشروع في عملية التصويت.

ويقع انتخاب رئيس مجلس نواب الشعب ونائبه ونائبته، بالتصويت السري وبالأغلبية المطلقة لأعضائه. وفي صورة عدم حصول أيّ مترشح على هذه الأغلبية في الدورة الأولى، تنظم دورة ثانية يتقدم إليها المترشحان المتحصلان على أكثر عدد من الأصوات.

ويعتبر فائزا المترشح المتحصّل على أكثر الأصوات. وفي صورة التساوي يرجح المترشح الأكبر سنا، وفي حالة استمرار التساوي يتم اللجوء إلى القرعة لتحديد الفائز. ويعلن رئيس الجلسة عن اسم المترشح الفائز برئاسة المجلس وعن اسمي نائبيه، وإثر ذلك ترفع الجلسة الافتتاحية.

وتستأنف الجلسة العامة أشغالها برئاسة الرئيس المنتخب وبمساعدة نائبيه. ويعرض الرئيس على المجلس تكوين لجنة إعداد النظام الداخلي ثم يعلن عن فتح باب الترشح لعضوية اللجنة المذكورة ويتلقى الترشحات في نفس الجلسة ويعلن عنها ويعرض التركيبة على التصويت بالأغلبية المطلقة للأعضاء. ويدعو رئيس المجلس لجنة إعداد النظام الداخلي إلى الاجتماع مباشرة إثر الجلسة العامة الافتتاحية ثم يعلن عن رفع الجلسة.

4