الأنشطة الاجتماعية حل لمشكلة التجول بلا هدف لمرضى الزهايمر

الأفراد الذين يعانون من عرض التجول مرات عديدة في الأسبوع يعانون دائما من الخرف المعتدل على الأقل.
الاثنين 2022/09/26
التجول بلا هدف يكون حتى داخل الغرفة

برلين - يعد “التجول بلا هدف أو وجهة” أحد الأعراض الشائعة بين الأفراد المصابين بمرض الزهايمر.

وأوضحت شينا ماير خبيرة العلاج المهني ومديرة برنامج إعادة التأهيل السريري في مركز كليفلاند كلينيك لو روفو لصحة الدماغ، أن عرض “التجول” هو مفهوم واسع إلى حد ما؛ إذ لا يشير التجول إلى الأشخاص الذين يتجولون جسديا بعيدا عن منازلهم أو يمشون بمفردهم في الأماكن العامة فقط، وإنما، أيضا، يمكن أن يحدث داخل المنزل على شكل المشي بسرعة متكررة، أو التعبير بشكل متكرر عن الحاجة إلى المغادرة والذهاب إلى مكان ما، حتى عندما يكون هذا المكان أو المفهوم غير منطقي، مثل الرغبة في العودة إلى منزل الطفولة قبل عودة الأب من العمل.

وأضافت ماير أنه في حين أن نحو 20 في المئة من الأفراد الذين يعيشون في المجتمع ومصابون بالخرف ومنهم 60 في المئة يعيشون في مؤسسات رعاية وتأهيل يعانون من عرض التجول، إلّا أن هذه النسبة لا تعكس بالضرورة حجم المشكلة، ذلك لأن أفراد الأسرة لا يبلّغون عادة عن عرض التجوّل ولا يتناولونه بشكل متكرر كما ينبغي في أثناء زيارة مراكز الرعاية الصحية والتحدث مع الأطباء المختصين، أو أنهم قد يخطئون في شرح “التجول بلا وجهة” على أنه سلوك آخر. بالإضافة إلى ذلك، قد لا يكون مقدمو الرعاية الصحية على دراية بالمناهج الأخرى التي يمكن أن تساعد في إدارة هذه الحالة، مثل الأنشطة الاجتماعية والعلاج المهني.

التجول له عواقب نفسية حادة مثل التوتر أو القلق أو الاكتئاب، كما يمكن أن يؤدي إلى الإصابة باضطرابات النوم

وشدّدت ماير على أهمية معالجة عرض التجول لدى المصابين بالزهايمر، نظرا للآثار السلبية التي يمكن أن تنتج عنه، ففي حين يمكن أن يكون التجول داخل بيئة خاضعة للرقابة آمنا إلى حد ما، إلا أن الآثار المترتبة عليه خارج البيئات الآمنة قد تكون خطيرة. ويمكن أن تكون للتجول عواقب نفسية حادة مثل التوتر أو القلق أو الاكتئاب. ويمكن أن يؤدي أيضا إلى إصابتهم باضطرابات النوم، التي تؤثر أكثر في وظائفهم الإدراكية، أو الحاجة لإدخال المريض إلى مركز رعاية صحية. بالإضافة إلى ذلك، هناك خطر التعرض لأذى جسدي بما في ذلك نقص السكر في الدم، وانخفاض حرارة الجسم، وضربات الشمس، والسقوط، والإصابات الأخرى، حتى الموت.

وأشارت إلى أن خطر التجول يزداد مع شدة الضعف الإدراكي، وأن الأفراد الذين يعانون من عرض التجول مرات عديدة في الأسبوع يعانون دائما من الخرف المعتدل على الأقل.

ولفتت ماير إلى أنه بالنظر إلى الأسباب التي تدفع المصابين إلى التجول، تشير مجموعة كبيرة من الأبحاث التي تركز على وجهات النظر النفسية والاجتماعية حول التجول إلى ثلاثة سيناريوهات؛ أولها، هروب الشخص من بيئة غير مألوفة، وثانيها، الرغبة في التفاعل الاجتماعي، وثالثها، ممارسة السلوك الناجم عن القلق أو قلة النشاط. وتشمل العوامل الأخرى التي تزيد من عرض التجول، القدرة على تحمل الضغط المنخفض مدى الحياة، واعتقاد الفرد أنه لا يزال يعمل، ورغبته المتكررة في البحث عن أشخاص أو أماكن محددة.

وأضافت ماير أنه من خلال تجربتها الشخصية في مساعدة الأفراد المصابين بالخرف والزهايمر، وجدت أن العواطف والشعور يؤدّيان دورا مهما في إدارة الأعراض. وغالبا ما كان الأشخاص المصابون بعرض التجول غير قادرين على فهم أو إيصال أنهم كانوا يعانون من القلق أو الملل أو عدم الراحة أو الأوهام أو الهلوسة المتعلقة بأشخاص أو أماكن سابقة.

ونوّهت إلى أنه يمكن لأفراد الأسرة وأولئك الذين يعتنون بالأفراد المصابين بمرض الزهايمر طلب المساعدة من مختصي العلاج المهني، إذ يدرك المعالجون المهنيون تأثير الأنشطة الروتينية وأنماط الحياة المتسقة والبيئة المحيطة في الأشياء التي يتعين علينا تأديتها ونريد أن نكون قادرين على إنجازها في يوم معين. ويمكنهم بالتالي تقديم توصيات لتقليل السلوكيات غير الآمنة ودعم السلوكيات الصحية. ويمكن لهؤلاء المعالجين تدريب أفراد العائلة أو الأصدقاء أو مقدمي الرعاية على استخدام إستراتيجيات إعادة التوجيه والتحقق والاستماع الانعكاسي والتلميح للحد من عرض التجول غير الآمن وتهدئة الانفعالات إذا لزم الأمر.

ا

وتابعت “يمكن للعائلات ومقدمي الرعاية أيضا دعم المريض مباشرة بطرق مختلفة. ويجب أن يتعلم مقدمو الرعاية فهم علامات الانزعاج والتأكد من تلبية الاحتياجات الأساسية للمريض، مثل التغذية واستخدام الحمام وتسكين الآلام. ويمكن لمقدمي الرعاية، أيضا، البحث عن أنشطة هادفة لتقليل مخاطر الملل بالنسبة إلى المريض، مثل: تشجيعه على المشاركة في برامج المشي أو التمارين الرياضية، والموسيقى، والهوايات، والتجارب الاجتماعية، والمهام الأخرى الهادفة في المنزل”.

وقدّمت ماير مجموعة من الخطوات العملية التي يمكن لأفراد العائلة ومقدمي الرعاية اتخاذها لتقليل التجول أو على الأقل المساعدة في ضمان سلامة المريض، من ذلك تنبيه السلطات المحلية حول شخص معرّض للتجول من غير وجهة، إذا كان ذلك مناسبا، ومعرفة موارد السلامة المحلية في المنطقة، وإعادة توجيه المريض بأمان أو الحد من الوصول إلى أبواب الخروج، عن طريق وضع مرآة أمام هذه الأبواب أو تمويهها، وكذلك تغطية مقابض الأبواب أو تركيب مغلاق للباب بعيدا عن متناول المريض.

كما يمكن استكشاف المنتجات المصممة لتحسين سلامة الأشخاص المصابين بمرض الزهايمر، مثل تلك المنتجات في المواقع الإلكترونية الخاصة بمؤسسات رعاية مرضى الزهايمر. والاستفادة من أجهزة التعقب “جي.بي.إس” أو الأنظمة التقنية الأخرى مثل التنبيه الآمن أو التنبيه الطبي، التي توفر تغطية داخل المنزل وخارجه. وتركيب أجهزة إنذار لتنبيه مقدم الرعاية حول هروب المريض من منطقة آمنة.

ووفقا لمنظمة الصحة العالمية، يُعد مرض الزهايمر أكثر أشكال الخرف شيوعا، ومن بين نحو 55 مليون شخص مصاب بالخَرَف على مستوى العالم، يُقدر أن نسبة المصابين بداء الزهايمر تتراوح بين 60 في المئة و70 في المئة. وتذكر منظمة الصحة العالمية أن هناك ما يقرب من 10 ملايين حالة خَرَف جديدة كل عام، ومن المتوقع أن يرتفع هذا العدد بالتزامن مع ارتفاع نسبة السكان المسنين في عدد كبير من البلدان.

17