الأمير تركي الفيصل: أميركا يجب أن تضحك، لماذا العبوس

البادئ أظلم.. مقال يضع قواعد جديدة لطريقة التعامل الإعلامي بين المملكة والولايات المتحدة.
الثلاثاء 2022/04/19
لسنا تلاميذ مدارس

يقول الأمير تركي الفيصل رداً على تعاطي الإعلام الأميركي مع مقطع تقليد جو بايدن الشهير إنه مستمتع بالضجيج الذي يحدث في الإعلام الأميركي بسبب المقطع السعودي، مؤكدا “لقد قاومنا وصمدنا لسنوات طويلة أمام السخرية منا ومن العدل أن تتحملوا وتصمدوا أمام استهزاءاتنا”، موجها إلى الأميركيين دعوة مفادها “دعونا نضحك معاً”.

الرياض - أثار مقال لرئيس المخابرات العامة السعودية السابق الأمير تركي الفيصل، سخر فيه من استياء الأميركيين من فقرة برنامج سعودي، تفاعلا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي.

وأشار الأمير تركي إلى أن “الجعجعة تظهر مدى ضعف وسائل الإعلام الأميركية بغض النظر عن الطريقة التي تعاملت بها تلك وسائل الإعلام مع قيادتنا وشعبنا وعقيدتنا”.

وشغل مقطع فيديو من البرنامج التلفزيوني “ستوديو 22” -الذي يبث على قناة “أم. بي. سي” ومنصة “شاهد” السعوديتين- يسخر من الرئيس الأميركي جو بايدن ونائبته كاميلا هاريس الأميركيين والسعوديين على حد السواء الأسبوع الماضي.

وانتشر المقطع على مواقع التواصل في الولايات المتحدة بطريقة فايروسية وحاز الملايين من المشاهدات وتردد صداه في العالم.

ويظهر المقطع  الذي مدته دقيقة الممثل خالد الفراج يقوم بدور الرئيس الأميركي جو بايدن “العجوز العاجز”. وتبدو الشخصية غير مدركة لما يحيط بها وعرضة إلى النوم في أي لحظة، وإلى جانبه نائبته كاميلا هاريس -التي يؤدي دورها الممثل وحيد الصالح- وهي تخبر الرئيس بما يجب أن يقوله ويفعله. وفي نهاية المقطع نام بايدن!

وبدأ الأمير تركي، مقاله باللغة الإنجليزية على موقع “عرب نيوز” السعودي الناطق بالإنجليزية، بالتعبير عن فخره وسعادته بدخول المملكة “عصر ما بعد كورونا”، وقال “في حين أن العديد من التحديات تواجهنا في حقبة ما بعد كورونا، فإنني مستمتع بجعجعة وسائل الإعلام الأميركية حول برنامج كوميدي تلفزيوني سعودي سخر من الرئيس جو بايدن. أبدى المعلقون والنقاد استياءهم، قائلين إنه كان مهينًا، لأنه أظهر أن المملكة لم تكن صديقة للولايات المتحدة”.

وساق الأمير تركي الذي شغل أيضا منصب سفير السعودية في الولايات المتحدة بين عامي 2005 و2007 أمثلة سابقة من السخرية الأميركية التي طالت العرب عموما والسعوديين بصفة خاصة. وقال “يتجاوز تصوير العرب والمسلمين في الكوميديا والدراما والمغامرة والخيال الإهانات والتحقير. عادة ما تثير الشخصية العربية الإسلامية السخرية والاشمئزاز، مع لمحة شريرة على وجهها، وخنجر حول خصرها، ورداء أبيض غير مهذب، ولحية متناثرة وعينيْن مثقبتيْن بظل غامق حولهما”. وأضاف واصفا العرب كما يصورهم الإعلام الأميركي “عادة ما يكون بالقرب من العربي بئر نفط، وتقف فتيات ‘حريم’ عند قدميه وخلفه جمل أو اثنان”.

وتابع ”أتذكر حلقة من مسلسل تلفزيوني أميركي شهير قبل بضع سنوات، حيث قامت وزيرة خارجية أميركية بضرب وزير الخارجية السعودي ‘المفترض’ لقبول موقفها من التعدي السعودي على حقوق الإنسان؛ كان ‘الوزير السعودي’ مجرد صورة كاريكاتورية، مثل جميع أفلام هوليوود منذ عشرينيات القرن الماضي وحتى اليوم. الإشارات المهينة للمملكة وقيادتها في البرامج الكوميدية الأميركية لا تعد ولا تحصى، من ساترداي نايت لايف إلى الكوميديين مثل ستيفن كولبير”.

المقال رد بليغ على أولئك الذين رأوا أن الفقرة التي سخرت من الرئيس الأميركي في برنامج سعودي غير موفقة

وتابع مؤسس وأمين مؤسسة الملك فيصل ورئيس مجلس إدارة مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية متطرقا إلى مسألة إنتاج النفط “ادعى العديد من المعلقين الأميركيين أن رفض المملكة لتوسيع الإنتاج يشير بوضوح إلى أننا نستخدم ذلك كرافعة ضد الولايات المتحدة في وقت يكون فيه بايدن في مأزق بشأن التضخم. أغفل هؤلاء المعلقون الإشارة إلى أن الحرب في أوكرانيا، والعقوبات الغربية على روسيا، وسياسة بايدن الخاصة بالطاقة هي التي ساهمت في ارتفاع أسعار النفط”.

ونوه الأمير تركي إلى أن الاعتداء على السعودية عبر الإعلام الأميركي طال ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. وكتب “كانت التعليقات الأميركية الأخيرة حول المملكة وولي عهدنا من قبل ما يسمون بالخبراء وحتى السياسيين سلبية بشكل متعمد. شبه أحد هؤلاء النجوم ولي العهد بإيكاروس الشخصية في الأساطير اليونانية التي لقيت حتفها بعد أن حلقت بالقرب من الشمس بأجنحة من الريش والشمع. لو كان هذا ‘الخبير’ فقط قد ألقى نظرة نزيهة على ما قاله وفعله ولي العهد بالفعل، لما اختار مثل هذا القياس المضلل. وبالمثل، فإن مؤلفي مقال في مجلة أتلانتيك عن ولي العهد أساءوا تفسير ما قاله. لحسن الحظ، أدى نشر النص الكامل للمقابلة إلى تصحيح الأمور”.

واعتبر الأمير تركي أن السياسيين الأميركيين من جميع الانتماءات السياسية يطلقون سهامًا على السعودية لانتقادها وتحقيرها، حتى وصلت إلى حد الدعوة إلى نهج العصا والجزرة في التعامل مع السعودية. وأضاف “أقول لهم إننا لسنا تلاميذ مدارس نقبل مثل هذا التأديب أو المكافأة. تنبع صداقتنا مع الولايات المتحدة من اهتمامنا المشترك بإيجاد السلام في الشرق الأوسط، ومكافحة الإرهاب، وتحدي العدوان الإيراني وعدائها المعلن لكلينا. هذا على الرغم من سعي بايدن الدؤوب للتوصل إلى اتفاق نووي لن يكون مؤقتًا في منع الطموحات النووية الإيرانية فحسب، بل سيدعم أيضًا التخريب الإيراني الدائم للدول العربية وإطلاق الصواريخ الإيرانية والطائرات بدون طيار التي تستهدف المملكة”.

وتابع الأمير تركي “كما نتقاسم المنافع المتبادلة من التبادلات التجارية ومشاريع التنمية في المملكة، والروابط التي نمت على مر السنين وستستمر في النمو في السنوات القادمة. تنبع علاقاتنا الإنسانية المشتركة من الوجود المستمر لجالية أميركية في المملكة يبلغ عددها الآلاف، ووجود آلاف الطلاب السعوديين في الجامعات الأميركية”.

الجعجعة تظهر مدى ضعف وسائل الإعلام الأميركية بغض النظر عن الطريقة التي تعاملت بها تلك وسائل الإعلام مع قيادتنا وشعبنا وعقيدتنا

واختتم رئيس مجلس إدارة مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية مقاله بالقول “بشكل عام، أقول لوسائل الإعلام الأميركية وغيرها من الخبراء المزعومين: اضحكوا على الفكاهة، فلوقت طويل قاومنا استهزاء وسائل الإعلام والسياسيين الأميركيين، ومن العدل أن تصمدوا قليلًا أمامنا في المقابل، دعونا نضحك معًا، لا أن نعبس بوجوه بعضنا”.

من جانب آخر قالت صحيفة “نيويورك بوست” الأميركية إن “المسرحية الهزلية التي بثتها ‘أم. بي. سي’ السعودية ربما علامة على وجهة نظر الرياض الباردة تجاه إدارة بايدن؛ فالعلاقات بين الولايات المتحدة والمملكة في أدنى مستوياتها”. وقدمت دليلا على ذلك بأن السعودية وحلفاءها في المنطقة رفضوا مؤخرا مناشدات بايدن لزيادة إنتاج النفط، مع ارتفاع أسعار الطاقة في أعقاب العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.

ويقول معلقون إن مقال الأمير تركي رد بليغ على أولئك الذين رأوا أن الفقرة التي سخرت من الرئيس الأميركي في برنامج “ستوديو 22” غير موفقة، خاصة أن البعض عبر صراحة عن مخاوفه من إحراج الدولة. وقال معلقون إن السعودية تفتح صفحة جديدة في العلاقات مع الولايات المتحدة وتتبنى شعارات جديدة مفادها “الند للند” و”البادئ أظلم”.

16