الأميركيون يربكون عباس: غزة مسؤولية السلطة

الرهان على السلطة يعكس محدودية خيارات واشنطن.
الاثنين 2023/11/06
الثقة الأميركية تحرج عباس

رام الله (الضفة الغربية) – أربك وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن السلطة الفلسطينية عندما قال إنها يجب أن تسيطر على قطاع غزة، بعد القضاء على حماس.

وربط الرئيس الفلسطيني محمود عباس عودة السلطة الفلسطينية إلى إدارة قطاع غزة بـ”حل سياسي شامل” للنزاع.

وقال عباس الذي التقى بلينكن للمرة الثانية منذ السابع من أكتوبر الماضي “قطاع غزة هو جزء لا يتجزأ من دولة فلسطين، وسنتحمل مسؤولياتنا كاملة في إطار حل سياسي شامل على كل من الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية وقطاع غزة”.

علي حنفي: عباس يختبر  الاستعداد الدولي لحل القضية الفلسطينية
علي حنفي: عباس يختبر  الاستعداد الدولي لحل القضية الفلسطينية

وتشير تصريحات بلينكن وتعليقات عباس إلى أن خيارات واشنطن في غزة ما بعد حماس ضيقة جدا وتبقى محصورة في آليات السلطة الفلسطينية التي لا تلقى أي نوع من التقبل لدى إسرائيل.

وفصل وزير الخارجية الأميركي تماما بين لقائه مع وزراء الخارجية العرب المعنيين بالأزمة -حيث قدم لهم تطمينات فيما يخص احتمالات توسع رقعة الصراع- وبين الاستعداد الأميركي لترتيبات السلطة في غزة ما بعد حماس.

وجاء تصريح بلينكن ليبدد الغموض الأميركي بشأن تصور واشنطن لمستقبل غزة السياسي بعد القضاء على حركة حماس، والذي أثار الكثير من التكهنات خلال الأيام الماضية.

وقال مساعد وزير الخارجية المصري سابقا السفير علي الحنفي إن “محمود عباس أراد الذهاب إلى قرارات الشرعية الدولية التي يعترف بها العالم، باستثناء إسرائيل، في حديثه عن إدارة قطاع غزة، وأن يكون القطاع خاضعا للسلطة الوطنية، ويظل هذا الحل مستبعدا حتى الآن في ظل الدعم غير المحدود الذي تقدمه الولايات المتحدة إلى إسرائيل”.

وأضاف في تصريح لـ”العرب” أن “الإدارة الأميركية هدفت من وراء وضع مسؤولية القطاع على عاتق السلطة الفلسطينية إلى إلقاء الكرة في ملعب أبومازن الذي أكد بدوره أن الحل يقتضي الوصول إلى تسوية سياسية شاملة للقضية الفلسطينية، وفي هذه الحالة يمكن الحديث عن تطوير أدوات منظمة التحرير الفلسطينية أو استيعاب حركة حماس لتكون جزءا من سلطة وطنية شاملة تدير القطاع والضفة الغربية والقدس الشرقية”.

oo

ولفت الحنفي إلى أن حديث أبومازن يرمي إلى اختبار الإرادة الدولية بشأن مدى استعدادها لحل القضية الفلسطينية بعد أن أثبتت التصريحات الأميركية الأخيرة غياب رغبة سياسية حقيقية في التسوية، وتعمل بشتى الطرق على دعم إسرائيل ومساعدتها في الوصول إلى أهدافها التي من بينها عدم وجود دولة فلسطينية.

وتراجعت شعبية السلطة الفلسطينية برئاسة عباس، والتي تمارس سلطة محدودة في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل، وسط اتهامات بالفساد. ولا يوجد خليفة واضح لعباس الذي يبلغ من العمر 87 عاما ويعاني من تدهور وضعه الصحي.

وتصاعد العنف منذ بدء الحرب في الضفة الغربية ليسجل هذه السنة أعلى مستوياته منذ أكثر من 15 سنة إذ رصدت الأمم المتحدة شن المستوطنين اليهود أكثر من 170 هجوما على فلسطينيين.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية ماثيو ميلر إن عباس وبلينكن ناقشا أيضا “ضرورة وقف أعمال العنف التي ينفذها متطرفون ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية”، في إشارة على وجه التحديد إلى أعمال العنف التي ينفذها المستوطنون وتسببت بمقتل عدد من الفلسطينيين خلال الشهر الماضي.

وأكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس الدكتور أيمن الرقب أن بلينكن أشاد بالدور الذي تقوم به السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية من ضبط النفس والأمن، وهو ما ينطوي على إشارة إيجابية إلى أن السلطة قادرة على مد نفوذها إلى قطاع غزة، وأنها سوف تتلقى دعما من الولايات المتحدة والمجتمع الدولي، لكن ذلك من دون وضع أفق أو التزام محدد بتسوية سياسية شاملة للقضية الفلسطينية، كما يريد أبومازن.

وأوضح لـ”العرب” أن “تواتر الحديث عن التسوية والسلام وحل الدولتين وعقد مؤتمر إنساني لدعم غزة يرمي إلى إقناع أبومازن بأن هناك خطوات جدية يمكن أن تتخذ في هذا الطريق قريبا، وهو ما يربك حسابات السلطة التي قامت على رفض القبول بإدارة غزة بعد المجازر الإسرائيلية التي ارتكبت في حق الشعب الفلسطيني.

وأكد الرقب أن المشكلة تكمن في عدم وضوح الرؤية بشأن انتهاء الحرب، فالضوء الأخضر الذي منحته واشنطن لإسرائيل سينتهي أول ديسمبر القادم، بينما المعارك الحالية تقول إن لدى حماس مخزونا تسليحيا يقود إلى استمرار الحرب إلى ما بعد هذا التاريخ، على أمل استنزاف ما تملكه المقاومة من أسلحة عبر حرب طويلة زمنيا، وقد لوح وزراء في إسرائيل بقدرتهم على القتال نحو عام، وهي إشكالية عسكرية وسياسية في ظل تململ الرأي العام داخلها وخارجها من مشاهد الدماء التي تسيل بغزارة.

1