الأمن في مدن عراقية رهين حالة العداء بين مقتدى الصدر وقيس الخزعلي

محافظة ميسان بجنوب شرق بغداد تعيش توترا أمنيا شديدا وحالة من الاستنفار في صفوف ميليشيا الصدر وميليشيا الخزعلي عقب اغتيال عضو في عصائب أهل الحق.
الثلاثاء 2024/02/06
جيوش غير نظامية تحتل المدن

الناصرية (العراق) - يعيش سكان عدد من محافظات جنوب العراق في ظل مخاوف أمنية جرّاء التوتر المتصاعد في العلاقة بين قوى سياسية تمتلك ميليشيات مسلّحة والآخذ في التحوّل تدريجيا إلى صدام مسلّح بين تلك القوى الشيعية التي تتخذ من وسط وجنوب البلاد معقلا لها وتمتلك من الأسلحة والمقاتلين ما يمكن أن يكون وقودا لحرب أهلية مدمرّة.

وخلال الفترة الأخيرة تسبّبت حالة العداء المستحكم بين التيار الصدري بقيادة رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر وميليشيا عصائب أهل الحق بقيادة قيس الخزعلي المنشق عن التيار في صدامات مسلّحة بين الجانبين أحدثت حالة من الفزع بين السكان كونها تدور في أحيائهم وداخل مدنهم العامرة بالسكّان.

وتعيش محافظة ميسان بجنوب شرق العاصمة بغداد منذ الأحد توترا أمنيا شديدا وحالة من الاستنفار في صفوف ميليشيا الصدر وميليشيا الخزعلي عقب اغتيال عضو في العصائب.

وجاء ذلك أياما بعد أن شهدت مدينة الناصرية مركز محافظة ذي قار المجاورة لميسان اشتباكات مسلّحة بين الطرفين.

ورغم انتماء الصدر والخزعلي إلى العائلة السياسية الشيعية في العراق إلاّ أن حالة من العداء الشديد تجمع بينهما. وتعمّقت تلك الحالة مع تقدّم الخزعلي في المشهد السياسي العراقي ومشاركته في تشكيل الحكومة الحالية باعتباره جزءا من الإطارالتنسيقي الذي يجمع بين أبرز الأحزاب والفصائل الشيعية المسلّحة في العراق.

قيس الخزعلي: دماء الشهداء والمظلومين في ميسان لن تذهب هدرا
قيس الخزعلي: دماء الشهداء والمظلومين في ميسان لن تذهب هدرا

وجاء ذلك التقدّم بشكل مباشر على حساب الصدر الذي ينظر بازدراء للخزعلي ويعتبره غير جدير بلعب أي دور سياسي، ذلك أن الإطار كان قد انتزع من التيار الصدري أحقية تشكيل الحكومة رغم أنّ الأخير حصل على أعلى عدد من مقاعد البرلمان إثر الانتخابات التشريعية الأخيرة.

ويحاول التيار التمسّك بما بقي له من نفوذ في محافظات وسط وجنوب العراق، في وقت بدأت القوى المناوئة له ومن ضمنها ميليشيا العصائب في الاستيلاء على مواقع مهمّة له في الحكومات المحلية لتلك المحافظات في إثر الانتخابات التي أجريت مؤخّرا وحقّق فيها أعداء الصدر وخصومه نتائج جيّدة بينما اختار هو منع تياره من المشاركة فيها.

وبدأ شعور قيادة التيار الصدري بالخطر على مكانة تيارها في معاقله الرئيسية يثير حالة من الاستنفار في صفوفها ويبرز خيار لجوئها إلى استخدام السلاح للحفاظ على تلك المكانة.

وتوجّهت أصابع الاتهام في اغتيال ناجي الكعبي مسؤول العلاقات في ميليشيا عصائب أهل الحق بميسان صوب أتباع مقتدى الصدر.

وفي ردّ فعلها على الحادثة، قامت العصائب بنشر مسلّحيها في الشوارع مثيرة حالة من الذعر في صفوف السكان.

وقام مسلّحو العصائب بإطلاق النار بشكل مكثّف أثناء تشييع جنازة الكعبي، وذلك في استعراض للقوّة جرى تحت أنظار قوات الشرطة النظامية التي تلقّت أوامر بعدم التدخّل لتجنّب الدخول في صدام مع ميليشيا الخزعلي.

ويتخوّف سكان ميسان من تطوّر الأوضاع في مدينتهم إلى صدام مفتوح بين عصائب أهل الحق ومسلّحي التيار الصدري، بالنظر إلى حالة الغضب الشديد التي ميزت خطاب قادة العصائب وعلى رأسهم قيس الخزعلي الذي نشر بيانا شديد اللهجة عبر موقعه في منصّة إكس.

رغم انتماء الصدر والخزعلي إلى العائلة السياسية الشيعية في العراق إلاّ أن حالة من العداء الشديد تجمع بينهما

ووصف الخزعلي أتباع الصدر (دون أن يسميهم) بـ”القتلة القذرين”، وبـ”عصابات المخدرات وأراذل الخلق”، متسائلا “هل من المعقول أن تبقى محافظة ميسان رهينة بأيديهم”، ومتوعّدا قتلة الكعبي بأنّ “دماء الشهداء والمظلومين من أبناء المحافظة لن تذهب هدرا”.

وتقع ميسان على الحدود مع إيران المجاورة، وهي بذلك طريق للتجارة وأفواج الزوار الذين يتدفّقون في المناسبات الدينية للشيعة على المواقع المقدّسة لديهم في الداخل العراقي ما يفسّر التنافس الشديد بين الميليشيات للسيطرة عليها والاستفادة من حركة الأفراد والتجارة والتهريب التي تمرّ عبرها بما في ذلك تهريب المواد المخدّرة.

وعلى هذه الخلفية شهدت المحافظة موجة من الاغتيالات التي تنسبها مصادر محلية لكل من ميليشيا الصدر وميليشيا الخزعلي. وكان عضو التيار الصدري القاضي أحمد فيصل الساعدي أحد ضحايا تلك الموجة حيث سقط قرب مقرّ عمله بمحكمة استئناف ميسان في مدينة العمارة برصاص مسلحين مجهولين قال بعض الصدريين إنّهم عناصر من العصائب ضالعون في تجارة المخدّرات ومتورّطون في قضية بصدد النظر من قبل القاضي نفسه.

كما لقي جواد الحلفي عضو ميليشيا سرايا السلام التابعة للصدر حتفه في إطلاق نار بميسان من قبل مسلحين مجهولين.

وعلى الجهة المقابلة فقدت العصائب مدير مكتبها في ميسان وشقيقه في هجوم مسلح على مقرّها في مدينة العمارة، وتمّ لاحقا اغتيال حسام العلياوي شقيق القيادي في الميليشيا وسام العلياوي برصاص مسلحين مجهولين.

ولا يزال الصدر رغم تراجع مكانته في قيادة العملية السياسية في البلاد يحكم سيطرته على بعض المناطق والقطاعات الخدمية والاقتصادية فيها.

ومن أبرز القطاعات التي يتمسك التيار الصدري بها القطاع الصحّي الذي يقوده بشكل رئيسي أشخاص تابعون للصدر ومقرّبون منه.

وعلى هذه الخلفية كان مستشفى الناصرية مدار نزاع مسلّح نشب مؤخّرا بين مسلحين تابعين للتيار وعناصر من ميليشيا عصائب أهل الحق. وقد نشب الاشتباك بين الطرفين عندما حاولت قوة من العصائب الدخول إلى المستشفى وقام المسلحون الصدريون بمنعها، ليتطوّر الحادث إلى تبادل لإطلاق النار اضطرت معه القوات الأمنية النظامية إلى التدخل والفصل بين الفريقين.

3