الأمم المتحدة تدخل على خط الجدل بشأن الإصلاح القضائي في إسرائيل

القدس - دعا المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة فولكر تورك الثلاثاء إسرائيل إلى تعليق مشروعي قانونين للإصلاح القضائي، خشية تأثيرهما على حقوق الإنسان واستقلالية القضاء.
وقال تورك، بعدما وافق البرلمان الإسرائيلي الثلاثاء في القراءة الأولى على مشروعي قانونين يتعلّقان بالإصلاح القضائي المثير للجدل، “نظرا لنسبة القلق الشعبية والسياسية، أدعو الحكومة الإسرائيلية إلى تعليق التعديلات التشريعية المقترحة وإلى فتح مساحة أوسع للنقاش والتفكير”.
وأضاف في بيان “تستحق هذه المسائل الواقعة في صميم سيادة القانون أقصى درجات الاهتمام من أجل ضمان أن أي تغيير يعزّز، ولا يقلل، من قدرة السلطة القضائية، والفروع الأخرى للحكومة، على حماية حقوق جميع سكان إسرائيل”.
ويعتبر الإصلاح القضائي برنامجا أساسيا في تحالف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الحكومي الذي يضم أحزابا يهودية متشددة ويمينية متطرفة، وتولى السلطة في أواخر ديسمبر 2022.
وتابع فولكر تورك “إن التغييرات التي تمس صميم الهيكل التأسيسي المعتمد منذ فترة طويلة في بلد ما، والتي تؤثر على ضمانات مؤسسية راسخة، يجب أن يتم إجراؤها فقط بعد مشاورات واسعة وبإجماع سياسي واسع وعام”.
واعتبر أن الإصلاح القضائي “سيقوض إلى حد كبير قدرة القضاء على حماية الحقوق الفردية ودعم سيادة القانون، باعتباره وسيلة رقابة مؤسسية فعالة على السلطتين التنفيذية والتشريعية”.
وأضاف “أخشى أن هذه التعديلات، إن أُقرّت، تضعف حماية حقوق جميع الأشخاص، خصوصا المجتمعات والمجموعات الأكثر هشاشة والأقلّ قدرة على الدفاع عن حقوقها من خلال تمثيل لها في السلطتين التنفيذية والتشريعية للحكومة”، خصوصا العرب الإسرائيليين وطالبي اللجوء وأفراد مجتمع الميم – عين.
وفي تصويت ليلي، وافق النواب بأغلبية 63 صوتا مقابل 47 صوتا على هذين النصّين اللذين يتعلّقان بتغيير آلية اختيار القضاة في إسرائيل، ويجعلان المحاكم غير مؤهّلة للحكم على الأفعال أو القرارات التي يرون أنها تتعارض مع القوانين الأساسية، التي تعتبر بمثابة دستور في إسرائيل.
وهناك بند آخر متنازع عليه في إطار الإصلاح القضائي، يتمثّل في إدخال بند “الاستثناء” الذي يسمح للبرلمان بإلغاء بعض قرارات المحكمة العليا بأغلبية بسيطة، ويُتوقع إقراره في وقت لاحق.
وتحرك جزء كبير من الرأي العام ضدّ هذا المشروع، ومنذ نحو الشهرين أصبح مساء السبت موعدا للتظاهرة الأسبوعية ضد مشروع القانون المقترح.
وتظاهر الاثنين عشرات الآلاف من الأشخاص في القدس في محيط البرلمان ضدّ التصويت الذي تعطّلت قبله المناقشات، وسط مقاطعة عدد من نواب المعارضة الذين لفّوا أنفسهم بالعلم الإسرائيلي، هاتفين “عار”، واستُبعدوا مؤقتا من الجلسة.
وتجب إعادة مشروعي القانون إلى اللجنة القانونية في مجلس النواب من أجل إجراء المزيد من النقاشات، قبل عمليّتي تصويت في القراءتين الثانية والثالثة خلال الجلسة العامة ليصبحا قانونين.
بعد التصويت ليلا، دعا وزير العدل ياريف ليفين أعضاء المعارضة إلى “الحضور لمناقشة” الأمر. وقال “يمكننا التوصّل إلى تفاهم”.
63
صوتا صوتوا بنهم مقابل 47 صوتا على نصّين يتعلّقان بتغيير آلية اختيار القضاة في إسرائيل
لكن زعيم المعارضة يائير لابيد اتهم الائتلاف الحاكم بأنه يدفع إسرائيل إلى حرب أهلية. وقال “إذا كنتم تهتمّون بإسرائيل وشعبها… توقّفوا اليوم عن تشريع هذا الإصلاح”.
ويرى نتنياهو وليفين أن الإصلاح القضائي أساسي لإعادة التوازن إلى فروع السلطة، إذ يعتبران أن القضاة يتمتعون بسلطة كبيرة أعلى من النواب المنتخبين.
يتم تعيين قضاة المحكمة العليا حاليا من قبل لجنة تضم قضاة ونوابا ومحامين من نقابة المحامين، تحت إشراف وزير العدل.
ويقترح التعديل إخراج المحامين من هذه اللجنة ليحل محلهم مواطنان يعينهما مكتب وزير العدل ياريف ليفين. ويحتفظ القضاة بعضويتهم في اللجنة إلى جانب وزير إسرائيلي آخر.
ورأى رئيس الدولة إسحاق هرتسوغ أن “الكثير من الناس يخشون على وحدة الأمة… هذا صباح صعب”، مؤكدا الحاجة “إلى بذل كل جهد ممكن لاستمرار الحوار بعد التصويت والتوصل إلى تفاهمات لإخراجنا من هذه الفترة الصعبة”. وشدد الرئيس على أن “الخلاف يمكن حله”. في المقابل، يرى معارضو الإصلاح أنّ هدف الحكومة هو الاستيلاء على السلطة.
وشارك عشرات الآلاف من الإسرائيليين بالاحتجاجات الأسبوعية المستمرة منذ نحو الشهرين، ضد القانون الذي كانت رئيسة المحكمة العليا إستر غايوت من بين الرافضين له. ووصف المنتقدون مشروع القانون بأنه اعتداء على استقلال القضاء الإسرائيلي.
وربط بعض منتقدي المقترح بينه وبين محاكمة رئيس الوزراء الجارية بتهم تتعلق بالفساد، وقالوا إنه يسعى إلى تقويض النظام القضائي الذي وجه له تهما ينفيها ويعتبرها غير عادلة ومسيسة. ورفض نتنياهو هذه الانتقادات، نافيا أن يكون مشروع القانون المقترح على صلة بمحاكمته.