الأمطار تزيد معاناة الفارين من الصراع في السودان

عمال الإغاثة يستعدون للارتفاع المتوقع في الأمراض المنقولة بالمياه، بما في ذلك الكوليرا والملاريا، مع قلة العقاقير.
الأربعاء 2024/07/31
السيول غمرت الملاجئ

الخرطوم - تقطعت السبل بآلاف الأشخاص في شوارع مدينة كسلا شرق السودان بسبب هطول أمطار غزيرة فاقمت معاناة أكثر من مليون سوداني فروا إلى المنطقة بحثا عن ملاذ يقيهم من الحرب المستمرة منذ خمسة عشر شهرا.

وألحق موسم الأمطار الذي بدأ في وقت سابق من هذا الشهر الضرر بالملاجئ وجعل الطرق غير صالحة للاستعمال، كما سيعرّض الملايين من الأشخاص لخطر الإصابة بأمراض تنقلها المياه الراكدة في مناطق واسعة من البلاد. يأتي ذلك وسط استمرار تزايد عدد النازحين داخل السودان، والذي يتجاوز حاليا عشرة ملايين.

واندلعت الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في أبريل 2023 وأثارت تحذيرات من مجاعة وكذلك ما وصفته الأمم المتحدة بأكبر أزمة إنسانية في العالم.

ويقيم نحو 765 ألف نازح في ولاية القضارف، وأكثر من 255 ألفا آخرين في ولاية كسلا التي قالت الأمم المتحدة إنها تعرضت لأسوأ هطول للأمطار مطلع هذا الأسبوع.

165

ألف شخص عدد النازحين من ولاية سنار، حيث فر كثيرون منهم سيرا على الأقدام وسط الأمطار في الأسابيع القليلة الماضية

وفي أحدث موجة للنزوح نزح 165 ألف شخص من ولاية سنار، حيث فر كثيرون منهم سيرا على الأقدام وسط الأمطار في الأسابيع القليلة الماضية.

ووصل أكثر من عشرة آلاف شخص إلى مدينة كسلا ليتكدسوا في عدد قليل من المباني، بما في ذلك فناء مدرسة ومستودع فارغ، ولكن هذه الأماكن سرعان ما غمرتها المياه.

وقالت النازحة ندى عمر “إلى حد الآن لم نجد محلا نستقر فيه… الشمس فوق رؤوسنا… رضينا بالشمس لكن عندما يأتي المطر لا نحتمل… ندخل هنا فيخرجوننا… صاحب هذا المطعم يسمح لنا بالدخول لكنه يخرجنا عند آذان الفجر: اخرجوا اخرجوا، ومعنا الأطفال الصغار… وخرجنا”.

وينتظر النازحون الآن تحت مظلات المتاجر أو يستظلون بأقمشة من المشمع في الشارع، مع توقعات باستمرار هطول أمطار غزيرة أكثر من المعتاد حتى سبتمبر القادم. وقال مسؤول حكومي وعمال إغاثة إن بعض النازحين رفضوا خطة لنقلهم خارج المدينة، حيث لن تكون هناك سوى فرص قليلة للدخل.

وقال حسين عبده، وهو نازح آخر، “تفاجأنا بالمياه… وسقط منا طفلان وامرأة مسنة… استشهدا… وأصبحنا جالسين في الشارع ولم نجد مكانا نستقر فيه”. وبحسب الأمم المتحدة فإن تقارير رصدت مقتل خمسة أشخاص على الأقل بسبب الأمطار.

والذين جاءوا في وقت سابق من الخرطوم أو ولاية الجزيرة، أو من ولاية القضارف الأكثر جفافا قليلا، ليسوا أفضل حالا، فهم ينامون على الأرض في المدارس التي لا تتوفر فيها إلا خدمات قليلة ومراحيض مؤقتة غمرتها المياه أيضا.

وقال محمد قزلباش من منظمة بلان إنترناشيونال إنه لم يجر الاستعداد لمثل هذا الوضع إلا قليلا. وأضاف لرويترز “وصلنا إلى نحو 500 يوم من الحرب والجميع منهكون… إنها مأساة تلو الأخرى”.

pp

ويستعد عمال الإغاثة للارتفاع المتوقع في الأمراض المنقولة بالمياه، بما في ذلك الكوليرا والملاريا وحمى الضنك، مع قلة العقاقير لعلاجها. وصرح الدكتور علي آدم، مدير إدارة الصحة بولاية القضارف، “نحن نتقاسم ما عندنا لكن الوضع يفوق طاقتنا”.

ويؤثر موسم الأمطار على معظم أنحاء البلاد. ودمرت الأمطار الأسبوع الماضي أكثر من 1000 منزل و800 مرحاض في مخيم زمزم في شمال دارفور، وهو أحد المواقع في البلاد التي يقول الخبراء إن المجاعة محتملة فيها.

ويرجح متابعون أن تكون القضارف ساحة قتال جديدة في قادم الأيام بين الجيش وقوات الدعم السريع التي قالت الاثنين إنها وصلت إلى منطقة تبعد نحو 180 كيلومترا عن القضارف، وهي إحدى الولايات التي يلوذ بها أكبر عدد من الناس.

ولا تملك كسلا، وهي الولاية المجاورة الوحيدة التي يسيطر عليها الجيش، القدرة على استيعاب الناس من القضارف، ولا تستطيع ذلك أيضا بورتسودان التي أصبحت كالعاصمة بالنسبة إلى الجيش.

وقال أحد المتطوعين في غرفة طوارئ القضارف “الناس خايفة لكن ما عندها خيارات… منتظرين قدرهم، المدن التانية اتملت خلاص”.

2