الألغام ومخلفات الحرب تهدد حياة السوريين العائدين إلى بيوتهم

دمشق - يواجه السوريون العائدون إلى منازلهم خطرا شديدا جراء انتشار الألغام والقذائف غير المنفجرة في مساحات شاسعة من سوريا، بعد أكثر من 13 عاما من الحرب المدمرة، إذ قتل 6 أشخاص بينهم 3 أطفال الأحد، جراء انفجار لغم أرضي في محافظة حماة وسط سوريا.
وجراء سنوات الحرب والمعارك سقطت الملايين من الذخائر على جميع المناطق في سوريا، إضافة إلى زراعة مئات الآلاف من الألغام في العديد من المناطق. وتضم هذه الذخائر “قذائف المدفعية والقنابل اليدوية وقذائف الهاون والقذائف الأخرى، والصواريخ” بسائر أشكالها.
وأفاد الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) في منشور على منصة فيسبوك، بأن لغما أرضيا انفجر في قرية الرحيّة بريف حماة الشرقي. وأوضح أن الانفجار أسفر عن مقتل 6 أشخاص من عائلة واحدة، بينهم 3 أطفال. وأشار إلى أن فرق الدفاع المدني تواصل جهودها لإزالة الألغام في جميع أنحاء الأراضي المحررة بعد الإطاحة بنظام بشار الأسد.
ويحتاج القضاء على الألغام والقذائف غير المنفجرة في سوريا إلى جهود كبيرة من السلطات المحلية بالتعاون مع جهات دولية، وحذرت منظمات دولية عديدة من أن الآلاف من الأشخاص العائدين إلى منازلهم بعد سقوط حكم الرئيس السابق بشار الأسد “معرضون لخطر شديد”.
وذكرت منظمة “هالو تراست” البريطانية أن “ثمة حاجة ماسة إلى بذل جهد دولي للتخلص من الملايين من الذخائر العنقودية والألغام وغيرها من الذخائر غير المنفجرة لحماية حياة مئات الآلاف من السوريين الذين عادوا إلى ديارهم، وتمهيد الطريق لسلام دائم.”
◙ 933 شخصا قتلوا عام 2023 بسبب الألغام في سوريا التي حلت في المرتبة الثانية بعد بورما
وفي الثامن من ديسمبر الجاري، سيطرت فصائل سورية على العاصمة دمشق وقبلها مدن أخرى، مع انسحاب قوات الجيش السوري من المؤسسات العامة والشوارع، لينتهي بذلك عهد دام 61 عاما من حكم نظام حزب البعث، و53 سنة من حكم عائلة الأسد.
وقال داميان أوبراين، مسؤول ملف سوريا في المنظمة المتخصصة بإزالة الألغام، إن “هذه الألغام منتشرة في الحقول والقرى والمدن والناس معرضون للخطر بشكل كبير.” وأضاف “يمر عشرات الآلاف من الأشخاص يوميا عبر مناطق تنتشر فيها الألغام بكثافة.”
وبحسب اللجنة الدولية للصليب الأحمر، فإن مخلفات الحرب طويلة وواسعة الانتشار قد يستغرق العثور عليها وإزالتها “عدة سنوات أو عدة عقود”، إذ ما زالت دول أوروبية تجري عمليات استكشاف وإزالة لأسلحة استخدمت خلال الحرب العالمية الثانية.
والثلاثاء الماضي، لقي ثلاثة أفراد من عائلة واحدة حتفهم بانفجار لغم في مدينة تدمر، بعدما عادت هذه العائلة النازحة لتفقد منزلها، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وفي اليوم التالي، أفاد المرصد بمقتل خمسة مدنيين، بينهم طفل، في ظروف مماثلة في محافظتي حماة ودير الزور. والسبت، قال المرصد إن ستة مدنيين، بينهم أربع نساء، قُتلوا في منطقة حماة عندما انفجر لغم أثناء مرور سيارتهم، وإن شخصا سابعا قضى بعد أن أصابته شظايا في محافظة حمص. كذلك، أفاد بمقتل عنصرين من هيئة تحرير الشام أثناء تفكيك ألغام في بلدة الطلحية شرقي إدلب.
والسبت أيضا أكدت منظمة الدفاع المدني السوري “الخوذ البيض” أنها “أزالت وأتلفت” 491 ذخيرة غير منفجرة بين السادس والعشرين من نوفمبر والثاني عشر من ديسمبر.
وتسببت الألغام في سوريا عام 2023 بمقتل 933 شخصا، لتحل بذلك في المرتبة الثانية بعد بورما التي حلت في المرتبة الأولى بتسجيلها 1003 ضحايا، وفق مرصد الألغام، ومع عودة الملايين من السوريين إلى بلادهم يخشى أن تزيد هذه الحصيلة إلى أرقام مضاعفة.
وتعرف اللجنة الدولية للصليب الأحمر مخلّفات الحرب بأنها “الذخائر المتفجرة بجميع أشكالها وأنواعها المتروكة أو غير المنفجرة التي تظل في منطقة معينة بعد انتهاء نزاع مسلح ما. وتضم هذه الذخائر قذائف المدفعية والقنابل اليدوية وقذائف الهاون والقذائف الأخرى، والصواريخ بسائر أشكالها.”
وتفرق اللجنة بين “الذخائر غير المنفجرة” والتي تعتبر “أشد مخلفات الحرب القابلة للانفجار خطورة” وهي تلك التي أطلقت أو ألقيت لكنها لم تنفجر على النحو المنشود، خاصة وأنها قد تنفجر في حالات كثيرة عند “لمسها أو تحريكها”، وبين “الذخائر المتفجرة المتروكة” التي تركت أثناء النزاعات في مواقع غير آمنة من دون حراسة.
وذكر مدير المرصد السوري أن بعض المناطق، مثل درعا وريف حلب الشمالي ومناطق الحدود السورية – العراقية وتلك التي شهدت المعارك المسلحة التي تمركزت فيها ميليشيات مسلحة أو قواعد عسكرية، من الأرجح أنها تضم العديد من المخلفات الخطيرة.
وتتزايد الأصوات المطالبة المنظمات الدولية بضرورة العمل على إزالة تلك المخلفات من الأراضي السورية بسبب مخاطرها العالية على حياة المواطنين وسكان تلك المناطق.
وعلى صعيد المواقع الجغرافية، تتصدر المناطق التي كانت تحت سلطة النظام السوري حالات الإصابة والوفاة بسبب مخلفات الحرب، تليها مناطق نفوذ الإدارة الذاتية ومناطق نفوذ الفصائل الموالية لأنقرة قبل سيطرتها على كامل سوريا.