الأقليات في بريطانيا تساورها الشكوك مع انتشار لقاح كورونا

لندن – هل سأصاب بالعقم؟ هل أنت متأكد من أنه آمن؟ لماذا تم تطويره بهذه السرعة؟ أنا لا أثق به.
عندما يتعلق الأمر بالأسئلة حول لقاحات فايروس كورونا المستجد، سمعت المساعدة الطبية روكشانا فهيمة كل شيء وهي في وضع يمكنها من الإجابة. لكن في داخلها شكوك أيضا.
وقالت وهي ترتدي معدات واقية داخل مسجد شرقي لندن تحول إلى مركز للتلقيح “في البداية كنت قلقة للغاية بشأن اللقاح لأنهم صنعوه في عام واحد فقط”.
وتابعت الشابة البالغة من العمر 24 عاما في حديثها “تسمع الكثير من الأشياء من أشخاص مختلفين. وتؤثر عليك في بعض الأحيان. ولكن عليك أن تجري أبحاثك الخاصة. أشعر بثقة أكبر الآن أن اللقاح موجود لحماية الجميع”.
وتبقى فهيمة، التي تتمتع بخلفية بنغلاديشية والمتحصلة على اللقاح، واحدة من العديد من العاملين الصحيين الذين يلقحون السكان في المسجد في محاولة لزيادة معدلات التطعيم بين مجتمعات السود والآسيويين والأقليات العرقية.
وعلى الرغم من أن حملة التطعيم في بريطانيا انطلقت منذ يناير، تظهر البيانات الرسمية أن العديد من المنتمين إلى الأقليات العرقية لم يحضروا. وكان جل متلقي اللقاح في إنجلترا اعتبارا من 2 فبراير من البيض، وفقا للكلية الملكية للممارسين العامين، التي حللت بيانات هيئة الخدمات الصحية الوطنية.
وأضاف التقرير أن من بين الذين تم تطعيمهم حتى الآن، كان 1.7 في المئة من السود و5.3 في المئة من الآسيويين، وهما نسبتان أقل بكثير من الـ3.5 في المئة والـ7.8 في المئة التي تمثلها كل مجموعة من إجمالي سكان البلاد.
كما أظهر التحليل أن احتمال تلقي البيض للقاح كان ضعف ذاك المسجل بين البريطانيين السود، وأكثر بمرة ونصف من ذوي الخلفيات الآسيوية.
11 مليار دولار تستثمرها بريطانيا لمعالجة المعلومات الكاذبة حول اللقاحات داخل مجموعات الأقليات
وكشفت الأزمة في بريطانيا عن الفوارق الصحية بين المجموعات العرقية المختلفة. وأظهرت دراسة رسمية أن السود والآسيويين في إنجلترا كانوا أكثر عرضة للوفاة بنسبة تصل إلى 50 في المئة بعد الإصابة بالفايروس، وغالبا ما ينتمون إلى أسر فقيرة وكبيرة العدد ويشغلون وظائف تعرضهم لخطر أكبر.
وقال خبراء الصحة إن المعلومات المضللة التي انتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقات الرسائل، إلى جانب تضاعف عدم الثقة في الحكومة، وإرث التجارب الطبية التاريخية التي أجريت على السود، غذّت التردد بشأن اللقاحات. وفي العام الماضي، أثار طبيب فرنسي غضبا باقتراحه اختبار علاجات كوفيد – 19 في أفريقيا.
وقالت ساندرا هاسباندز، مديرة الصحة العامة في هاكني، وهي منطقة متنوعة إثنيا في شرق لندن، إن السكان غير مرتاحين لأسباب مفهومة بسبب تاريخ العنصرية الطبية.
وأشارت إلى أنه من مزارع العبيد إلى تجربة توسكيجي في 1932، أين ظن الرجال الأميركيون من أصل أفريقي أنهم يعالجون من مرض الزهري، تعرض السود تاريخيا لسوء المعاملة باسم العلم.
وترى أن أفراد الأقليات متريثون ولا يريدون وضع أنفسهم في موقف يجعلهم محل تجارب مرة أخرى. وشددت على أن هذه المرحلة ليست تجريبية وعلى أهمية نشر هذه المعلومة على نطاق واسع.
وأظهر استطلاع أجري في يناير على أكثر من 12 ألف شخص في بريطانيا أن 18 في المئة من المستجوبين، معظمهم من السود ومن أصل جنوب آسيوي، قالوا إنهم من غير المرجح أن يقبلوا اللقاح إذا عُرض عليهم.
وقالت غوينيتا كاري، وهي محاضرة عن التفاوتات الصحية العرقية في جامعة إدنبرة “سيفترض الجميع أنه بسبب موت الأقليات العرقية بمعدل أعلى، فإنهم سيتدفقون على هذه اللقاحات، لكن الأمر ليس بهذه البساطة. فقد سلّط الوباء الضوء على كل هذه التفاوتات التي كانت موجودة دائما”.
وتستثمر وزارة الصحة البريطانية 8 مليارات جنيه إسترليني (11 مليار دولار) لمساعدة المجالس في معالجة المعلومات الكاذبة حول اللقاحات داخل مجموعات الأقليات العرقية بالإضافة إلى التأثير غير المتناسب للوباء عليها.
وقال وزير توزيع لقاح كورونا في بريطانيا، نديم الزهاوي، “نريد أن يستفيد كل شخص مؤهل من لقاح مجاني، بغض النظر عن عرقه أو معتقداته الدينية”.
ووجد باحثون في يونيو الماضي أنه بالإضافة إلى الوفاة بمعدل أعلى خلال الجائحة، فقد تضرر الأشخاص من الأقليات العرقية في بريطانيا من فقدان الوظائف بشدة.
وقالت فرزانا حسين، وهي طبيبة تدير عيادة طبية في نيوهام، وهي واحدة من أكثر مناطق لندن حرمانا “سلط الوباء الضوء على مجتمعنا غير المتكافئ، سواء في الحرمان المالي أو التفاوتات الصحية”. وبعد أن كانت جزءا من المجتمع لأكثر من عقدين، ذكرت حسين أنها عملت بجد لكسب ثقة مرضاها، والتي تعتقد أنها مفيدة في مكافحة المعلومات المضللة عن اللقاح وتخفيف المخاوف.
وقالت الطبيبة البريطانية البنغلاديشية “يخشى الكثيرون الاتصال بطبيبهم. أريد أن يتسلح الناس بالحقيقة وليس بالمعلومات المضللة، وأن يتحدثوا إلى أشخاص مثلي حول مخاوفهم”.
وبصفتها الطبيبة الصومالية الوحيدة في ليستر البريطانية، تقضي سميرة حسن معظم وقتها في مواجهة الأساطير حول اللقاحات عبر الإنترنت وداخل مجتمعها وإقناع والدتها بالذهاب للحصول على اللقاح.
وقالت “لا يستطيع الكثيرون من الأقليات العرقية الوصول إلى الأطباء والمهنيين الصحيين الذين يمكنهم التحدث بلغتهم الأم، والذين يمكنهم فهم خلفيتهم الثقافية. ليس هذا التمثيل موجودا، ويصعب سد هذه الفجوة إذا لم يشعر الناس أن المؤسسة تعمل لصالحهم وتخدمهم”.
وشددت حسن على وجوب إيصال المعلومات الرسمية حول اللقاحات بشكل أفضل إلى مجتمعات السود والأقليات العرقية وعدم فرضها على أي شخص لا يزال يحاول البحث عن الحقيقة.
وفي المسجد اللندني، كانت ماركلين، وهي امرأة سوداء تعمل في دار رعاية وتبلغ من العمر 61 عاما، غير مبالية بشأن اللقاح الذي تلقته.
وقالت “في البداية، عندما لا تعرف شيئا عن اللقاح وتسمع ما يقوله الناس، ربما تعتقد أن هناك خطبا ما. لكن بعض أصدقائي تلقوه وقالوا إنهم بخير. وأنا مضطرة لتلقيه لأن هذا الفايروس لن يختفي في وقت قريب. لذلك، من الأفضل لي أن أحمي نفسي”.