الأطفال متفرجون ومشاركون في مهرجان مسرح الطفل بسوريا

لا يقدم مسرح الطفل العروض الترفيهية فقط وإنما يعدّ دوره التعليمي والتثقيفي هو الأهم، فمن خلال الأعمال المسرحية الموجهة للطفل والمواكبة للتطورات الفكرية والتقنية التي تعاصرها الناشئة، يلعب المسرح دورا كبيرا في خلق أجيال متوازنة وفي توعية الطفل بالواقع المعيش وتحدياته وسبل مواجهة مشكلاته وحلّها.
دمشق – تزامنا مع العطلة المدرسية، انطلق مهرجان مسرح الطفل في سوريا ليستمر لمدة أسبوع يتراوح من الخامس عشر من يناير الجاري إلى غاية الثاني والعشرين منه، مقدما عددا من العروض المسرحية والفنية الموجهة للطفل وفق معالجة تقنية ومسرحية خاصة.
ويتضمن المهرجان الذي تقيمه مديرية المسارح والموسيقى سنويا 38 عملا منوعا بين الأعمال المسرحية التقليدية كمسرح الدمى والعروض الراقصة وعروض خيال الظل، تقدمها فرق عامة وخاصة على خشبات مسارح 11 محافظة.
وافتتح المهرجان أول عروضه في العاصمة دمشق من خشبة الحمراء بعرض لمسرحية فلة والأقزام السبعة تأليف هشام كفارنة وإخراج بسام حميدي.

المهرجان يعرض ثمانية وثلاثين عملا منوعا بين الأعمال المسرحية التقليدية كمسرح الدمى والعروض الراقصة وعروض خيال الظل
ووجد الأطفال في العرض المستوحى من القصة الشهيرة فرصة للقاء مباشر يوفره المسرح بينهم وبين شخصياتهم المحببة.
العرض الذي أنتجته مؤسسة ميار بالتعاون مع مديرية المسارح عكس من خلال السينوغرافيا المعتمدة شكلا جديدا لمسرح الأطفال الذي يحاكي مفردات العصر بقالب حداثي يتناسب مع اهتمامات الأطفال في عصرنا الحالي.
ورغم أنه اتكأ على قصة تراثية إلا أن المؤلف كفارنة استطاع تقديم القصة بقالب جديد أسبغ عليه الترفيه مع القيم الأخلاقية والتربوية. في حين لعبت موسيقى إيهاب مرادني دورا كبيرا في تطور الأحداث وشدّ انتباه الجمهور من الأطفال الذين انسجموا مع العرض بطريقة مميزة.
وعلى خشبة المركز الثقافي العربي بالحسكة (شمال شرق) قدمت دائرة المسرح القومي عرض مزرعة البهاء الذي يستمر لثلاثة أيام.
وبيّن مدير المسرح القومي في المحافظة إسماعيل خلف أن العرض يحمل دعوة إلى تعزيز قيم الخير والعمل والتعاون في نفوس الأطفال وذلك في إطار كوميدي غنائي راقص، معتبرا أن مهرجان مسرح الطفل تحول إلى تظاهرة جميلة تعم مختلف مسارح المحافظات وتشكل حالة من التواصل مع الأطفال.
وفي اللاذقية (غرب) افتتح عرض “ضيف الدب” لفرقة أليسار المسرحية فعاليات المهرجان على خشبة مسرح دار الأسد للثقافة. وتضمن العرض مجموعة من النصائح المهمة لسلامة الطفل وتوعيته بأهمية الابتعاد عن الأشخاص المخادعين من خلال حكاية لمجموعة من حيوانات الغابة المحببة للطفل.
وأكد مخرج العرض ومدير فرقة أليسار المسرحية نضال عديرة أهمية المهرجان الذي يستقطب في كل عام عددا كبيرا من الأطفال وذويهم الأمر الذي يشكل حافزا للفرق المسرحية للمشاركة بعروض جديدة وهادفة تحمل المتعة والفائدة وترسخ أسس المسرح الحقيقية في مخيلة الطفل عبر النصّ والفكرة وطريقة العرض.
وفي طرطوس افتتحت فرقة نينار فعاليات المهرجان على خشبة المسرح القومي بعرض فني غنائي حمل عنوان “فرح الطفولة”.
ووفق مخرج العمل ومدير فرقة نينار ياسر دله، ضمّ العرض 35 طفلا وطفلة من عمر 6 سنوات حتى 12 سنة الذين قدموا أغاني وطنية وأخرى مخصصة للأطفال وبعضا من الأغاني التراثية.
وعبر الأطفال المشاركون عن سعادتهم بالعمل الذي أتاح لهم فرصة الوقوف على المسرح للمرة الأولى، ليكون اختبارا لهم بالدرجة الأولى.
وفي هذا السياق، أشارت مديرة المسرح القومي في المحافظة غادة عيسى إلى أن أهمية المهرجان تختصر في كونه فرصة للأطفال لتقديم مواهبهم الفنية والاستفادة منها على نحو إيجابي مثمر.
واعتبرت عيسى أن إيجابيات عروض مسرح الطفل لا تقتصر على الصغار بل تطال الكبار المصاحبين لهم أيضا، ما يدفع الطفل لتنمية حسه الفني والجمالي وتقديم الأفضل.
ووجد عدد من الحضور أن هذا العمل أظهر مواهب جديدة ومتميزة لأطفال بأعمار صغيرة تؤكد أهمية التوجه للجيل الجديد لاستثمار أوقات الفراغ بنشاط فني هادف ولبناء قدراتهم.
وشهد مسرح دار الكتب الوطنية في حلب افتتاح عروض المهرجان من خلال مسرحية تلفزيون جدو غسان وهي من إعداد وإخراج الفنان غسان مكانسي.
وأوضح مكانسي أن “تلفزيون جدو غسان” يحمل قيما نبيلة مثل الأمانة والصدق والنظافة ويحرص على تنبيه الأطفال إلى أهمية الالتزام بهذه القيم.
أما على خشبة مسرح دار الثقافة بدرعا فقدمت فرقة حاتم علي للفنون المسرحية عرض “معروف الإسكافي” وهي من إعداد وإخراج الفنان فراس المقبل.وشدّد عدد من ذوي الأطفال على أهمية هذه العروض تتمثل في الارتقاء بوعي الصغار بطريقة جاذبة وبعيدة عن الوعظ والتلقين.
وتضمن العرض وفقا لمخرجه رسالة توعوية وتعليمية للأطفال بأهمية التعليم والابتعاد عن مخلفات الحرب واتباع الإجراءات الاحترازية للوقاية من فايروس كورونا.
ومن أبطال العمل، ذكر محمد المومني أنه جسد دور الطبيب رؤوف الذي يقدم العلاج والنصائح للأطفال حول الأمراض وأهمية تجنب العدوى والابتعاد عن الأجسام الغربية من مخلفات الحرب حفاظا على حياتهم، مشيرا إلى أن العمل قدم بطريقة كوميدية لتبليغ رسالة تعليمية وتوعوية بطريقة سهلة وبسيطة.
وشارك في العمل يوسف أبوحمد وأحمد عبود ومحمد محاميد ونور المعاني وموفق المقبل وريتاج المقبل إضافة إلى محمد المومني وفراس المقبل، أما أغنية العمل فكتبها المومني ولحنها عبود.
وفي السويداء افتتحت عروض المهرجان بمسرحية “خيال” على خشبة مسرح القصر الثقافي في المدينة.
المسرحية التي أعدها وأخرجها أكرم غزلان جاءت بأدوات محببة وقريبة للأطفال من ملابس وديكور بسيط وإضاءة زاهية تحاكي ما يحبه الأطفال لحثهم على الابتعاد عن العنف ومحاربته بالمحبة مع إسقاطات على الواقع من خلال حكاية فحواها محبة الورود وحمايتها من العابثين.
وأوضح غزلان أن العرض شبه إيمائي ومشاهده بصرية تحرر مخيلة الطفل وتدخله في جو من الفرح والتفاعل وتدفعه للتفكير وإعطاء الحلول وكيفية التصرف ونبذ العنف في التعامل مع الآخرين.
وبيّن المخرج رفعت الهادي رئيس دائرة المسارح أنه تم إعداد عملين مسرحيين للمهرجان من الكبار إلى الصغار ومن الصغار إلى الصغار بهدف تقديم المتعة والفائدة للأطفال، منوها بأهمية إقامة مثل هذه المهرجانات لإشغال وقت فراغ الأطفال بما هو مفيد فنيا وفكريا.
ورغم أنه يقيم دوراته منذ سنوات إلا أن عددا من الفنانين والنقاد السوريين يطالبون دوما بإعادة النظر في عروض مسرح الطفل والطريقة التي يسمح بها للفرق وتحديدا الخاصة منها بتقديم عروضها للأطفال، وحتى عروض مديرية مسرح الطفل في المسرح القومي وخططها ومناهجها، فهي وإن كانت عروضا متخصصة فإنها لا تزال إلى الآن غير قادرة على مواكبة التطورات التي يقبل عليها الطفل.