الأطفال المعاقون أكبر الأقليات المحرومة من التعليم

يحرم المعاقون من أبسط حقوقهم ويتعرضون للكثير من الحواجز التي تحول دون اندماجهم في المجتمع وتسلبهم حقهم في التعليم الشامل، وشددت اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة على ضرورة ضمان حقوقهم في التعليم الشامل بغض النظر عن العمر ودون تمييز وعلى أساس تكافؤ الفرص. وطالبت الاتفاقية الدول الأطراف بضمان عدم استبعاد المعاقين من التعليم الابتدائي المجاني والإلزامي أو من التعليم الثانوي.
السبت 2016/09/03
التعليم هام لذوي الإعاقة وللمجتمعات التي يعيشون فيها

أكدت التوجيهات الجديدة في اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة والتي تزامنت مع عودة ملايين الأطفال إلى المدارس على أن التعليم الشامل أمر حاسم في تحقيق مستوى عال من التعليم لجميع طلاب العلم، بمن فيهم الأشخاص ذوو الإعاقة، لتنمية مجتمعات شاملة وسلمية ومنصفة.

وقال خبراء من لجنة حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في المبادئ التوجيهية التي نشرت مؤخرا “يحرم الملايين من ذوي الإعاقة من التعليم، وبالنسبة إلى الكثيرين الآخرين يتاح التعليم فقط في الأماكن التي يتم فيها عزلهم عن أقرانهم”.

وأشاروا إلى أنه في الكثير من الأحيان يكون تعليم الأشخاص ذوي الإعاقة له نوعية رديئة، ويحدد توقعات متدنية ويحد من فرص المتعلمين، مضيفين أنه على النقيض من ذلك، تقدر البيئة التعليمية الشاملة مساهمة وإمكانات الأشخاص ذوي الإعاقة، وتزودهم بمهارات الحياة الأساسية والاجتماعية واللغوية.

وقالت رئيسة اللجنة ماريا سوليداد سيسترناس رييس “إن الحق في التعليم الشامل يعني تحويل الثقافة والسياسة والممارسة في جميع البيئات التعليمية الرسمية وغير الرسمية لأجل ضمان التعليم لجميع الدارسين “، مضيفة “التعليم الشامل هام ليس فقط للأشخاص ذوي الإعاقة وإنما أيضا للمجتمعات التي يعيشون فيها، كما أنه يساهم في مكافحة التمييز، وفي تعزيز التنوع والمشاركة”. وأكدت المبادئ التوجيهية أن وضع الطلاب ذوي الإعاقة في الصفوف المدرسية العادية لا ترافقه تغييرات هيكلية للنظام والمناهج واستراتيجيات التدريس والتعلم.

وبدلا من ذلك، يركز التعليم الشامل على المشاركة الكاملة والفعالة والوصول والحضور لجميع الطلاب، وخاصة أولئك الذين يتم استبعادهم أو يتعرضون لخطر التهميش لأسباب مختلفة. وشدد الخبراء على أن تتم إتاحة النظام التعليمي بأكمله للجميع، سواء كان يخضع لإدارة الدولة أو للقطاع الخاص، بما في ذلك المباني والمعلومات والاتصالات، والمواد التعليمية، وأساليب التدريس والتقييم والخدمات اللغوية والدعم، والنقل المدرسي ومرافق المياه والصرف الصحي، في المدارس والمقاصف المدرسية والأماكن الترفيهية.

ومن جانبها أكدت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة “اليونسكو” أن عدد المعاقين في العالم بلغ أكثر من 650 مليونا، وتحول إعاقتهم دون مشاركتهم في الحياة الاجتماعية. وفي الغالب، ليس لديهم أي أمل في الالتحاق بالمدارس، والحصول على عمل، وامتلاك مسكن، وتكوين أسر، وتربية أطفال، والتمتع بحياة اجتماعية وحق التصويت كمواطنين.

وقالت المنظمة إنه من الواضح أن الأطفال المعاقين يتعرضون للحرمان من فرص التعليم. كما أن ثلث الأطفال في سن التعليم الابتدائي غير الملتحقين بالمدارس، والبالغ عددهم 75 مليون طفل، هم من المعاقين. وهكذا فإن الأطفال المعاقين يمثلون أكبر الأقليات وأكثرها حرماناً في العالم.

إدماج التلاميذ ذوي الإعاقة يقتضي القضاء على الحواجز التي تقيد أو تحظر مشاركتهم في نظام التعليم العام

وتشير التقديرات إلى أن 20 بالمئة من أفقر سكان العالم معاقون، وأن 90 بالمئة من الأطفال المعوقين في البلدان النامية غير مسجلين في المدارس، كما أن 30 بالمئة من أطفال الشوارع، في مختلف أنحاء العالم، يعانون من إعاقات، وأن معدل معرفة القراءة والكتابة للكبار المعاقين يبلغ 3 بالمئة، وفي البعض من البلدان يصل هذا المعدل إلى واحد بالمئة. وكشفت اليونسكو عن وجود ترابط قوي بين الفقر والإعاقة، حيث يعيش أغلب الأطفال المعاقين في البلدان النامية ويمثلون ثلث العدد الإجمالي للأطفال غير الملتحقين بالمدرسة. وعندما يتمكنون من الالتحاق بالتعليم يكون احتمال إكمالهم لتعليمهم المدرسي أقل بكثير من احتمال إكمال الأطفال الآخرين لهذا التعليم. وفي معظم الحالات لا يتلقى الأطفال المعاقون تعليمهم مع الأطفال الآخرين، بل في قاعات منفصلة.

هذا وبينت دراسة سابقة أعدتها مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أن النظم المدرسية اعتمدت نُهجاً تمييزية ضد الأشخاص ذوي الإعاقة يمكن أن تؤدي إلى حرمانهم من حقهم في التعليم؛ إذ يستبعد بعض التلاميذ من الالتحاق بالنظام التعليمي على أساس وجود إعاقة لديهم، دون أن تُتاح لهم أي فرصة تعليمية أخرى. ويُرسَل آخرون إلى مدارس أُعدت لمعالجة إعاقة معينة، وعادة ما يكون ذلك في إطار نظام تعليمي خاص، ويُفصَلون عن التلاميذ الآخرين، ويتم إدماج البعض من التلاميذ في مدارس عادية طالما أنهم قادرون على التكيف مع المعايير المعمول بها في هذه المدارس.

وطبقاً لاتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، فإن التعليم الجامع عنصر أساسي لإعمال الحق في التعليم للجميع، بمن فيهم الأشخاص ذوو الإعاقة. وأوضحت الدراسة أن إدماج التلاميذ ذوي الإعاقة يقتضي القضاء على الحواجز التي تقيد أو تحظر مشاركتهم في نظام التعليم العام، ويقتضي أيضا تغيير الثقافات والسياسات والممارسات المتبعة في المدارس العادية لاستيعاب احتياجات جميع التلاميذ، بمن فيهم ذوو الإعاقة. ويوفر التعليم الجامع منبراً لمكافحة الوصم والتمييز. كما أنه يُمَكن الأشخاص ذوي الإعاقة، الذين يعانون عادة من ارتفاع غير متناسب في معدلات البطالة، من المشاركة الكاملة في المجتمع.

وأشارت الدراسة إلى أن النظم التعليمية ينبغي أن تحظر رفض القبول في المدارس العادية على أساس الإعاقة، وأن تشجع على انتقال التلاميذ ذوي الإعاقة من المدارس الخاصة إلى المدارس العادية، وأن تضمن عدم التمييز وذلك بمراعاة الاحتياجات بصورة معقولة.

21