الأطفال السوريون في تركيا ضحايا لأيديولوجيا أردوغان

الحكومة التركية تواجه اتهامات بتغذية الفكر المُتطرف لدى الأطفال السوريين اللاجئين وزرع مفاهيم وأفكار الحزب الحاكم في عقولهم من خلال المناهج الدراسية الموجهة.
الأربعاء 2021/08/25
جيل يكبر بإذلال خارج وطنه

إسطنبول- فيما بلغ عدد السوريين الذين حصلوا على الجنسية التركية منذ عام 2015 نحو 120 ألف سوري، تُثار التساؤلات حول حقيقة اندماجهم في المُجتمع الجديد، وهل أنّ جميع من حصل على الجنسية هم موالون لحزب العدالة والتنمية الإسلامي الحاكم، الذي يقوده الرئيس رجب طيب أردوغان.

وذكر تقرير لموقع أحوال تركية أنه في حين يعيش في تركيا اليوم فعلياً قرابة 3 ملايين سوري، حوالي مليون منهم هم في سن الدراسة، بينما تبلغ نسبة المُلتحقين بالمدارس حوالي 60 في المئة فقط، هناك مخاوف من زرع مفاهيم وأفكار الحزب الحاكم في عقولهم من خلال المناهج الدراسية الموجهة على نمط مدارس “إمام – خطيب” التركية التي تعتمد الدين أولاً وتبتعد عن العلمانية.

وقد شهد النظام التعليمي التركي قرارات متناقضة ومزاجية في سنوات الحرب السورية، وصل بعضها لدرجة إغلاق مدارس مُعتمدة محلياً ودولياً أسّسها سوريون وفق مناهج حيادية، بجهودهم وأموالهم، خلال 24 ساعة دون الاكتراث بمصير الطلبة السوريين وإيجاد بدائل لهم، وذلك بحجة دمجهم في النظام التعليمي التركي.

وفيما يواصل أطفال سوريون العيش في مخيمات اللاجئين بتركيا، التي جاؤوا إليها صغاراً أو ولدوا فيها، حتى أصبحت قراهم وظنّوا أنها ديارهم، لا زالت الحكومة التركية تتجاهل مصير ما يزيد عن 400 ألف طفل سوري في عُمر الدراسة لا يتلقون اليوم أيّ تعليم رغم تمويل الاتحاد الأوروبي لمدارس يُفترض أن تكون لهم، وذلك بينما يتغنّى حزب العدالة والتنمية الإسلامي الحاكم بأنّ هناك أكثر من 600 ألف من الأطفال السوريين يدرسون في المدارس الحكومية ومراكز التعليم المؤقتة في المخيمات، وسط اتهامات بتغذية الفكر المُتطرف من خلال التركيز على التعليم الديني لهؤلاء الأطفال، وزرع أفكار حزب العدالة وتنظيم الإخوان المسلمين في عقولهم، وتجنيدهم كمرتزقة للقتال في ليبيا ودول أخرى رغم صغر سنّهم.

ورغم أنّ الاتحاد الأوروبي يسعى بدوره للتصدي لخطر ضياع أجيال من الأطفال السوريين اللاجئين في تركيا، حيث خصّص ما يزيد عن 900 مليون يورو لتعليم هؤلاء الأطفال (من أصل 6 مليارات يورو منحتها أوروبا لتركيا لصرفها على اللاجئين في أراضيها)، إلا أنّه من غير المعروف إن كانت تركيا تستثمر هذه الأموال بالشكل الصحيح وسط مُطالبة أنقرة بالمزيد من الأموال الأوروبية.

400 ألف طفل سوري في سن الدراسة لا يتلقون اليوم أي تعليم في تركيا رغم تمويل الاتحاد الأوروبي
400 ألف طفل سوري في سن الدراسة لا يتلقون اليوم أي تعليم في تركيا رغم تمويل الاتحاد الأوروبي

ودأبت تركيا منذ عام 2011 على تشجيع استقطاب اللاجئين السوريين وفتح الحدود لهم بُحرّية واسعة، وبنت لهم مخيمات حتى قبل توقّع وصولهم بأسابيع تحريضاً وإيهاماً بالوقوف إلى  جانبهم بوجه النظام السوري، وذلك بغرض استخدامهم كورقة ضغط سياسية مع دول المنطقة، فضلاً عن تهديد الاتحاد الأوروبي بفتح المجال لهم للهجرة نحو أوروبا، وهذا ما حدث في فترات كثيرة آخرها مارس وأبريل 2020.

وتُواجه الخطوات التي اتخذتها السلطات التركية في سبيل دمج الطلاب السوريين مع نظرائهم الأتراك بناء على اتفاقيات مع الاتحاد الأوروبي، الكثير من العقبات أهمها صعوبة التفاهم بين الشريحتين وتنامي مشاعر العنصرية التركية والعُثمانية.

وأدرجت تركيا محاور الدين والتعليم ضمن خُططها الأهم والأخطر لتتريك المناطق السورية التي تُسيطر عليها من خلال فصائل سورية مسلحة موالية لها تماماً، وذلك بالتوازي مع عمليات تغيير ديموغرافي واسعة تتعرّض لها تلك المناطق المُحتلة، بينما يتم فرض اللغة والتاريخ التركيين على الطلبة السوريين بكلّ ما يحمله ذلك من عملية تزوير للعديد من الحقائق والوقائع التاريخية والثقافية.

ويُشرف مُدرسّون أتراك على تنسيق أعمال توزيع الكتب التركية على المدارس في مدن عفرين وجرابلس والباب وأعزاز والراعي وأخترين ومارع، وتل أبيض ورأس العين مؤخراً ضمن مناطق ما يُسمّى “نبع السلام”.

وتلعب رئاسة الشؤون الدينية التركية “ديانت” دورا مُثيرا للجدل في المناطق التي تمكّن الجيش التركي من السيطرة عليها في شمال سوريا، إذ تُشرف على تنفيذ خطط استراتيجية لنشر عقيدة دينية إسلامية مُستنسخة من أفكار حزب العدالة، بالإضافة إلى مُعتقدات تنحدر من أدبيات تنظيم الإخوان المسلمين، التي تشكل أحد المكونات الرئيسة
لفكر الرئيس أردوغان، الذي عمل من خلال “ديانت” على خلق قوة دينية للسيطرة على المسلمين داخل وخارج البلاد بالتعاون مع وكالة الاستخبارات التركية.

وكشفت تقارير محلية أنّ هناك أكثر من 14 ألف طالب سوري في الشمال يتلقون تعليمهم تحت إشراف مباشر من “ديانت”، بينما تؤكد مصادر من المعارضة السورية أنّ الكثير من المُنضمين للعمل في صفوفها شمال سوريا، من المدرسين والإداريين، هم أعضاء حاليون أو سابقون في تنظيم الإخوان المسلمين ومؤيدون للفصائل المُسلحة التي تدور في فلكه.

13