الأسواق تسيء تفسير تخفيضات أوبك+

تحرك منتجي التحالف نابع من رؤية استباقية تتمحور حول تخمة المعروض واحتمال تقلص الطلب.
الاثنين 2023/04/10
الصنبور الذي يفعل كل شيء!

شكل استباق تحالف أوبك+ أي ارتباك في أسواق النفط قد يؤثر على الأسعار خلال الفترة الماضية بخفض الإنتاج بداية من الشهر المقبل نقطة مفصلية تنم عن إدراك عميق بكل تفاصيل هذه التجارة، والتي يقول بعض المحللين إنها خطوة لم يستوعبها القطاع على النحو الأمثل.

لندن - أدى إعلان تحالف أوبك+ المفاجئ الأسبوع الماضي عن خفض طوعي آخر للإنتاج بإجمالي نحو 1.16 مليون برميل يوميا إلى ارتفاع أسعار النفط بنسبة 8 في المئة، مما أثار الكثير من المشاعر الصعودية في الأسواق.

وستؤدي التعهدات إلى رفع الحجم الإجمالي لتخفيضات أوبك+ منذ نوفمبر الماضي إلى 3.66 مليون برميل يوميا وفقا لحسابات رويترز، بما يعادل 3.7 في المئة من الطلب العالمي.

وبينما قد تبدو الحركة في البداية صعودية للغاية بالنسبة لأسواق النفط، لكن الأسباب الكامنة وراء التخفيضات هي في الواقع هبوطية.

ورأي المحلل الاقتصادي في مجال الطاقة أسامة رضوي في مقال نشر على المنصة الإلكترونية لمجلة “أوبل برايس” الأميركية أن تحرك منتجي أوبك+ أمر مفهوم بسبب فائض العرض في السوق ونقص الطلب الوشيك.

وكان رضوي قد تطرق إلى هذا سابقا في مقالات نشرها على منصة برايمري فيجن نتوورك، وحدد أن احتمالية الخفض كانت ضئيلة مع إدراك أوبك بفائض العرض في الأسواق مع عدم الانتعاش الواضح للطلب في الأفق، مؤكدا أنها تبقى خيارا منطقيا لنفس السبب.

وقال إن "الأسواق تسيء تفسير تخفيضات الإنتاج". وأشار إلى أن أوبك+ أوضحت أنها لا تتوقع طلبا قويا، وتدرك أن الأسواق ستشهد فائضا في المعروض.

أسامة رضوي: لا تريد دول التحالف تكرار مشاكل ميزانياتها في 2014 وكوفيد
أسامة رضوي: لا تريد دول التحالف تكرار مشاكل ميزانياتها في 2014 وكوفيد

وأضاف "لا تريد دولها الأعضاء تكرار مشكال الميزانية التي واجهتها خلال 2014 وكوفيد - 19"، ومع ذلك فإن الاتجاهات ككل تبقى تنازلية.

وشهد العام الماضي لعبة شد الحبل بين شعورين في أسواق النفط. وكان البعض قلقا بشأن عودة الطلب المفاجئ مع التعافي من الجائحة العالمية وإعادة فتح الصين وتحررها من قيودها الوبائية. لكن الكثيرين كانوا متشككين في هذه التوقعات المتفائلة.

وأشاروا حينها إلى أن الصين، أكبر مستهلك للخام في العالم، ملأت خزاناتها بالفعل عندما كانت الأسعار منخفضة، وأن دلالات الركود الوشيك أو التباطؤ الاقتصادي العالمي الخطير تبرز في الأفق.

وعلق رضوي على هذه التفاعلات في الأسواق العالمية قائلا “قد تشير تخفيضات أوبك+ الأخيرة إلى أنهم كانوا على حق”.

وما يؤكد أن ثمة فائضا في السوق هو إشارة الأخبار مؤخرا إلى أن المخزونات في إمارة الفجيرة ارتفعت لأول مرة منذ شهر.

ولدى الفجيرة، والتي تعد المنفذ الوحيد إلى المحيط الهندي في الإمارات، ثاني أكبر ميناء عالمي في تزويد السفن بالوقود بعد سنغافورة.

كما يتبوأ ميناء الإمارة المركز الثالث لتخزين النفط ومشتقات التكرير في العالم، وهو يعد المركز الرئيسي لتخزين النفط ومشتقاته في الشرق الأوسط.

وكشفت بيانات صناعة النفط للإمارة في الثاني والعشرين من مارس الماضي أن مخزونات جميع المنتجات النفطية في الميناء شهدت مكاسبها الأولى خلال شهر.

وأظهرت الإحصائيات أن إجمالي المخزونات ارتفع بنسبة 10 في المئة خلال الأسبوع المنتهي في العشرين من مارس 2023، ليصل إلى أكثر من 21.3 مليون برميل.

ومثّل هذا أول زيادة في المخزونات منذ الأسبوع المنتهي في العشرين من فبراير الماضي، وفقا لبيانات منطقة صناعة النفط بالفجيرة التي اطلع عليها حصريا مزود البيانات الرئيسي “بلاتس” في نفس اليوم.

غراف

وانخفضت المخزونات قبل ذلك بنسبة 13 في المئة خلال الأسابيع الثلاثة التي انتهت في الثالث عشر من مارس.

ويؤكد رضوي أن البيانات الواردة من شركة تحليلات الطاقة فورتكسا تدعم تواصل التراجع في الأسواق العالمية للنفط.

وكان إجمالي شحنات النفط المنقولة بحرا مرتفعا، وسجلت مستويات أعلى من نطاقها على مدى سبع سنوات، حيث بلغت 50 مليون برميل يوميا في مارس، بزيادة قدرها 400 ألف برميل يوميا عن فبراير.

وعلاوة على ذلك فقد بلغ الطلب أعلى مستوى منذ سنوات خلال مارس الماضي عند حوالي 46 مليون برميل يوميا.

واتسمت صادرات النفط الخام الروسية بالاستقرار رغم العقوبات، حيث بقيت الشحنات مستقرة على أساس شهري عند حوالي 3.6 مليون برميل يوميا في مارس الماضي، حتى إثر إعلان موسكو عن خفض الإنتاج بمقدار 500 ألف برميل يوميا.

وكانت الزيادة كبيرة في شحنات الديزل الروسية التي ارتفعت بمقدار 400 ألف برميل يوميا على أساس شهري إلى 1.5 مليون برميل يوميا خلال الشهر الماضي. ويرجع هذا الارتفاع جزئيا إلى عمليات التحميل المؤجلة اعتبارا من فبراير.

◙ 3.66 مليون برميل يوميا حجم خفض أوبك+ من نوفمبر 2022 بما يعادل 3.7 في المئة من الطلب العالمي

ويرى رضوي، الذي يركز على تحليل أسواق السلع والاقتصاد الكلي والجغرافيا السياسية وتغير المناخ، أن المعروض الروسي لا يزال عند أعلى مستوياته في سنوات، وهو ما يجعله يساهم في ديناميكيات السوق العالمية.

وكرر في العديد من مقالاته ومنشوراته أن ملحمة العقوبات على روسيا ليست تعطيلا لإمدادات النفط، ولكنها إعادة توجيه للتدفقات العالمية.

ومن المنطقي إذن حسب رأي رضوي في ظل هذه العوامل أن تصبح دول أوبك+ أكثر حذرا وتحفظا بشأن أسعار النفط في المستقبل القريب مع سعيها لتجنب أي مشاكل في الميزانية.

ولا تغفل هذه الأطراف عن الاحتمال القاتم الذي يشوبه التباطؤ الاقتصادي العالمي مع انخفاض أسعار التعادل لمعظمها. وتواصل تعديل إنتاجها وفقا لديناميكيات العرض والطلب في السوق.

وحددت بيانات لجنة تداول السلع الآجلة التابعة للحكومة الأميركية ووكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك بالولايات المتحدة أن نفس الاتجاه الهبوطي برز في أسواق السندات وتداول العقود الآجلة قبل الخفض.

وبدأ الاهتمام بالعقود القصيرة يتفوق على تلك الطويلة مع تفاقم المخاوف من الأزمة الائتمانية المحتملة.

وكانت صناديق التحوط تخفض حيازاتها من النفط الخام والوقود المكرر، وبيعت عقود بقيمة 142 مليون برميل خلال الأسبوع المنتهي في الحادي والعشرين من مارس الماضي، وبقيمة 139 مليون برميل في الأسبوع السابق.

واستنادا على الإحصائيات التراكمية، فإن إجمالي المبيعات الأكبر في هذين الأسبوعين كانا الأكبرين منذ مايو 2017.

ومن المتوقع أن تتقلص إمدادات الشرق الأوسط من الخام بصورة أكبر بدءا من مايو المقبل، الأمر الذي يرفع التكاليف التي تتحملها المصافي من آسيا إلى أوروبا ويدفعها إلى السعي للحصول على المزيد من الإمدادات من روسيا وأفريقيا والأميركتين.

10