الأسواق تخفف من وطأة هلع الإثنين الأسود

أسواق الأسهم في العالم تستعيد بعض خسائرها مع ارتفاع أسعار النفط وبروز أمل جديد في اتخاذ إجراءات مالية لدعم النشاط الاقتصادي.
الأربعاء 2020/03/11
استراحة من مخاوف كورونا

خففت أسواق المال العالمية من وطأة الهلع الذي كبدها خسائر فادحة الاثنين، بعد أن استعادت أسعار النفط بعض خسائرها، لكن الدعم الأكبر جاء من ترجيح تنفيذ السلطات المالية العالمية إجراءات تحفيزية للتخفيف من الأثر الاقتصادي لتفشي فايروس كورونا.

لندن - استعادت أسواق الأسهم حول العالم أمس بعض خسائر “الإثنين الأسود” الذي تكبّدت فيه أكبر خسائرها منذ أزمة عام 2008. وسرى بعض الارتياح مع ارتفاع أسعار النفط وبروز أمل جديد في اتخاذ إجراءات مالية عالمية لدعم النشاط الاقتصادي والاستهلاك.

وعند انتهاء التعاملات الأوروبية كانت أسعار النفط على ارتفاع يصل إلى 7 في المئة بعد أن كانت قد فقدت نحو ثلث قيمتها في اليوم السابق، في ظل انقسام الآراء بشأن آفاق التصعيد بين السعودية وروسيا بشأن تخفيضات الإنتاج.

وتمكّنت المؤشرات الرئيسية لأسواق الأسهم في اليابان وهونغ كونغ والصين من استعادة نحو ربع خسائر اليوم السابق، وهو ما حدث أيضا في الأسواق الأوروبية.

كما ارتفعت مؤشرات الأسهم الأميركية بعد تراجع قلق المستثمرين بفضل آمال بإجراءات تيسير نقدي منسقة لتفادي ركود عالمي بعد يوم من أكبر خسارة للسوق منذ الأزمة المالية.

وكانت الأسواق الخليجية الأكثر ارتفاعا بين الأسواق العالمية وتمكّن معظمها من استعادة نحو نصف خسائر اليومين الماضيين.

وارتفع مؤشر سوق “تداول” في السعودية، الأكبر في المنطقة، بنسبة 7.1 في المئة، بعد أن سهم شركة أرامكو النفطية من الارتفاع بنسبة قدره 9.9 في المئة، محققا أول مكسب له منذ عدة جلسات.

وجاء ارتفاع السهم بعد إعلان أرامكو أمس أنها سوف تزيد إنتاجها في شكل كبيربنحو 2.5 مليون برميل يوميا بدءا من أبريل ليصل إلى 12.3 مليون برميل يوميا.

وذكرت الشركة في إفصاح للبورصة أنها اتفقت مع عملائها على تزويدهم بتلك الكميات اعتبارا من مطلع الشهر القادم، وتتوقع الشركة أثرا ماليا إيجابيا على المدى الطويل.

وصعدت القيمة السوقية لشركة أرامكو السعودية، أكبر شركة نفط في العالم، بنحو 149 مليار دولار أمس معوضة أكثر من نصف خسائرها في آخر جلستين.

كانت القيمة السوقية للشركة قد هوت بنحو 248 مليار دولار في آخر جلستي تداول الأحد والاثنين في البورصة المحلية.

149 مليار دولار استعادتها القيمة السوقية لأرامكو بعد فقدانها 248 مليار دولار خلال يومين

وارتفع مؤشر سوق دبي بنسبة 7.3 في المئة عند الإغلاق، بينما سجّل مؤشر سوق أبوظبي ارتفاعا بنسبة 5.5 في المئة.

وسجلت أيضا بورصة الكويت التي قامت السلطات المالية بتعليق التعامل فيها في اليومين الماضيين، ارتفاعا كبيرا في بداية التعاملات، لكنها أغلقت دون تغيير يذكر في نهاية التعاملات.

وكانت بورصة الكويت أكبر الخاسرين الأحد والاثنين حين سجّلت الحد الأقصى للخسائر عند 10 في المئة يوميا قبل إيقاف التعاملات.

واستعاد مؤشر سوق قطر جانبا من خسائره أمس حين ارتفع بنسبة 3.3 في المئة، وارتفعت بورصة البحرين بنسبة 1.2 في المئة، وبورصة سلطنة عمان بنسبة 0.2 في المئة.

وقال محمد زيدان خبير الأسواق في “ثينك ماركت” في دبي لوكالة الصحافة الفرنسية إن “السبب الرئيسي للانتعاش اليوم (الثلاثاء) هو ارتفاع أسعار النفط وانخفاض أسعار بعض الأسهم الكبيرة بشكل حاد لتصبح مربحة للغاية للمشترين”.

واستمدت الأسواق العالمية بعض الأمل من تعهد الإدارة الأميركية باتخاذ تدابير “واسعة النطاق” لدعم الاقتصاد الأميركي الأمر الذي ولد شعوراً بالارتياح لدى المستثمرين.

ومن المتوقّع أيضا أن تعلن الحكومة اليابانية عن خطة مساعدة مالية للتعامل مع العواقب الاقتصادية لوباء كورونا.

كما عقد القادة الأوروبيون مؤتمرا عبر الفيديو أمس لتنسيق استجابتهم لأزمة فايروس كورونا، في وقت تتوقّع فيه الأسواق أن يتخذ البنك المركزي الأوروبي سلسلة تدابير قد يعلن عنها الخميس.

ونقلت وكالة بلومبرغ الاقتصادية الألمانية عن كيوشيإيشيجان، خبير شركة ميتسوبيشي يو.أف.جيه كوكوساي لإدارة الأصول، قوله إن “الأسواق ترحب بهذا النقاش حول اتخاذ تدابير مالية لدعم الاستهلاك والنشاط الاقتصادي”.

وفي أسواق العملات عاد الدولار للارتفاع الثلاثاء بعد أن تكبّد خسائر ضخمة مقابل الين واليورو والفرنك السويسري، نتيجة تحول المستثمرون للتحلي بالأمل في اتخاذ إجراءات تحفيز عالمية للتخفيف من الأثر الاقتصادي لتفشي فايروس كورونا.

وقال وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين إن البيت الأبيض سيجتمع مع المسؤولين التنفيذيين للبنوك هذا الأسبوع في مؤشر على أن واشنطن ستطبق إجراءات لمواجهة مع تفشي الفايروس.

وهوى الدولار الاثنين على إثر أكبر انخفاض لأسعار النفط في يوم واحد في منذ حرب الخليج في 1991 بسبب حرب أسعار بين السعودية وروسيا.

ويخشى محللون من أن تحسن أسواق المال العالمية أمس قد يكون مؤقتا بسبب تباين التكهنات بشأن مستقبل تفشي فايروس كورونا، واتساع تأثيراته على مجمل أداء القطاعات الاقتصادية العالمية.

ويبدو مرجحا أن تتواصل تذبذبات الأسواق الحادة مع ارتفاع مخاوف تفشي الفايروس وانخفاضها لحين ظهور إشارات واضحة على إمكانية السيطرة عليه بشكل نهائي.

11