الأسواق الناشئة في مرمى ارتدادات ارتفاع الفائدة والاضطرابات الاقتصادية

سنغافورة - يحذر محللون من ظهور علامات أشد وطأة بشأن انحسار تدفق رؤوس الأموال الخارجية إلى الأسواق الناشئة في ظل الاضطرابات الاقتصادية العالمية جراء التوتر الصيني - الأميركي والمخاوف من ارتفاع أسعار الفائدة مجددا.
وتتابع الاقتصادات الناشئة بقلق احتمال قيام الاحتياطي الفيدرالي الأميركي (البنك المركزي) برفع الفائدة في اجتماعه الشهر المقبل بواقع 0.25 في المئة من مستواه الحالي عند 4.75 في المئة بعدما أقر مجلسه الأربعاء الماضي باتخاذ هذه الخطوة.
وتواجه معظم تلك الأسواق تباطؤا في وتيرة التعافي أكبر مما تواجه الاقتصادات المتقدمة بسبب مخلفات الوباء والأزمة في أوكرانيا حتى مع إعادة فتح الصين، والتي تعد ثاني أكبر اقتصاد في العالم بعد الولايات المتحدة.
وكدليل على المخاوف تراجعت أسهم الأسواق الناشئة بأكثر من واحد في المئة الجمعة، وهو الانخفاض الأسبوعي الرابع لها، حيث أثر التوتر بين الولايات المتحدة والصين على المعنويات، في حين يترقب المستثمرون بيانات التضخم الأميركية بحثا عن إشارات على مسار ارتفاع الفائدة.
وانخفض مؤشر أم.أس.سي.ىي للأسهم الناشئة بنسبة 1.4 في المئة وكان من المقرر أن ينخفض أسبوعيًا بنسبة 2.5 في المئة.
وأضافت التوترات الجيوسياسية إلى الحالة المزاجية المتشائمة مخاوف من قيام الاحتياطي الفيدرالي برفع أسعار الفائدة.
وانخفض اليوان الصيني إلى أدنى مستوياته في سبعة أسابيع مقابل الدولار، بينما أغلقت الأسهم الصينية على انخفاض بنسبة واحد في المئة، مما أثر على أصول الأسواق الناشئة.
وراقب المستثمرون عن كثب البيانات الخاصة بمؤشر الاستهلاك الشخصي (بي.سي.إي)، وهو مقياس التضخم المفضل لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي، لمحاولة تقييم وتيرة زيادة أسعار الفائدة.
وقال جون هاريسون العضو المنتدب لشركة إي.أم ماكرو ستراتيجي في تي.أس لومبارد لرويترز "هناك توترات جيوسياسية، ليس فقط تايوان، ولكن روسيا وأوكرانيا أيضا". ويرى هاريسون أن هذه ربما تكون أقل خطورة من أسعار الفائدة الأميركية وعدم اليقين بشأن الدولار.
وشهدت أسواق الأسهم الناشئة بداية وافرة حتى عام 2023، لكن الأسهم تراجعت بشكل حاد في فبراير الجاري، حيث انخفضت بنسبة 5.5 في المئة وأدت علامات القوة في الاقتصاد الأميركي إلى ظهور مخاوف بشأن بقاء أسعار الفائدة مرتفعة لفترة أطول.
وتراجعت العملات الإقليمية بنسبة 0.5 في المئة، متجهة إلى ثالث انخفاض أسبوعي لها. وفي أوروبا الوسطى والشرقية، كان الفورنت المجري ثابتا مقابل اليورو.
وسجلت الليرة التركية انخفاضًا قياسيا، حيث تراجعت إلى ما بعد 18.88 مقابل الدولار، حيث قال مسؤول حكومي إن "كارثة الزلزال الأخير ستبقي التضخم فوق 40 في المئة خلال الفترة التي تسبق الانتخابات المقرر إجراؤها في مايو المقبل".
وانخفض الراند الجنوب أفريقي بنسبة 0.7 في المئة مقابل الدولار حيث كان المستثمرون مترددين في تسعير المزيد من المخاطر في الأسواق المحلية.
ويتوقع محللون من بينهم بنك غولدمان ساكس زيادة معدلات الفائدة سبع مرات هذا العام، ليصل المعدل إلى 1.75 في المئة على فرض أن المركزي الأميركي سيرفع المعدل بربع نقطة في كل اجتماع.
ويعني ارتفاع أسعار الفائدة الأميركية زيادة في تكاليف إعادة تمويل ديون عدد من البلدان الناشئة المستحقة بالدولار، بيد أن هذه البلدان متخلفة أيضا عن ركب الانتعاش الاقتصادي وبالتالي فهي أقل قدرة على تحمل هذه التكاليف الإضافية.
ويقول صندوق النقد الدولي إنه بينما ظلت تكاليف الاقتراض بالدولار منخفضة بالنسبة للكثيرين، فإن المخاوف بشأن التضخم المحلي ستدفع العديد من الأسواق الناشئة، بما في ذلك البرازيل وروسيا وجنوب أفريقيا والصين إلى رفع أسعار الفائدة لمواكبة هذا الوضع.
وكان خبراء الصندوق قد أكدوا في مدونة نشروها في يناير الماضي أنه يتعين على الاقتصادات الناشئة الاستعداد "لفترات من الاضطراب الاقتصادي" مع قيام الفيدرالي الأميركي برفع معدلات الفائدة وتباطؤ النمو العالمي.
وأشاروا إلى أن احتمال بروز زيادات المتسارعة في أسعار الفائدة الأميركية في عام 2022 قد يؤدي إلى "زعزعة الأسواق المالية وتشديد الشروط المالية عالميا".