الأسعار مرشحة للارتفاع عالميا جراء ضعف سلاسل التوريد البحرية

جنيف – أعطى مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد) إشارات متشائمة حول إمكانية عودة الأسعار في الأسواق العالمية إلى الصعود مجددا جراء ضعف سلاسل التوريد عبر الشحن البحري.
وحذر أونكتاد في تقرير حديث من أن الاقتصاد العالمي معرض لخطر متزايد بسبب نقاط الضعف في الطرق البحرية الرئيسية، مشددا على أنه إذا استمرت الأزمة في البحر الأحمر وقناة بنما فقد ترتفع أسعار المستهلك العالمية بنسبة 0.6 في المئة بحلول عام 2025.
واللافت في التقرير الصادر الثلاثاء في جنيف أن التأثير بالنسبة للدول الجزرية الصغيرة النامية سيكون انعكاس ذلك الوضع أكثر حدة حيث قد ترتفع الأسعار بنسبة 0.9 في المئة، وربما ترتفع أسعار الأغذية المصنعة بنسبة 1.3 في المئة.
وفي خضم معركة عالمية على التضخم تعمل التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط والحرب بين روسيا وأوكرانيا، فضلا عن الاحتباس الحراري على تعقيد نشاط الشحن بشكل واضح، الأمر الذي يؤثر على الأسواق والمستهلكين على حد سواء.
وتؤدي شركات الشحن من خلال أسطول سفنها دورا محوريا ليس في تغذية الأسواق بالسلع الضرورية فحسب، وإنما في ضمان تدفق الإمدادات إلى المصنعين العالميين.
وذكر تقرير المنظمة الأممية أن نقاط الاختناق الحرجة مثل قناة بنما التي تربط بين المحيطين الهادئ والأطلسي، وقناة السويس التي تربط البحر المتوسط بالمحيط الهندي عبر البحر الأحمر، والبحر الأسود وهو مركز مهم لصادرات الحبوب، تتعرض لضغوط شديدة.
ويشير الخبراء إلى أن مزيجا من التوترات الجيوسياسية وتأثيرات المناخ والصراعات أدى إلى اهتزاز التجارة العالمية مما يهدد عمل سلاسل التوريد البحرية.
وقال التقرير إن “التجارة البحرية التي نمت بنسبة 2.4 في المئة خلال عام 2023 لتصل إلى نحو 12.3 مليار طن بدأت في التعافي بعد انكماش في عام 2022، ولكن مع ذلك لا يزال المستقبل غير مؤكد”.
ويتوقع أونكتاد نموا متواضعا بنسبة اثنين في المئة لهذا العام مدفوعا بالطلب على السلع السائبة مثل خام الحديد والفحم والحبوب بجانب البضائع المعبأة في حاويات، ونوه التقرير بأن هذه الأرقام مع ذلك تخفي تحديات أعمق.
لكنه في المقابل يرى انتعاشا في تجارة الحاويات التي نمت بمقدار 0.3 في المئة فقط في عام 2023 بنسبة 3.5 في المئة خلال عام 2024 وفي الوقت نفسه نما عرض سعة سفن الحاويات بنسبة 8.2 في المئة في عام 2023.
ويرى خبراء المنظمة أن النمو طويل الأجل سيعتمد على كيفية تكيف الصناعة مع الاضطرابات المستمرة مثل الحرب في أوكرانيا والتوترات الجيوسياسية المتزايدة في الشرق الأوسط.
وواجهت طرق الشحن الرئيسية اضطرابات كبيرة مما تسبب في تأخيرات وإعادة توجيه وارتفاع التكاليف حيث انخفضت حركة المرور عبر قناتي بنما والسويس الشريانين الحيويين للتجارة العالمية بأكثر من 50 في المئة بحلول منتصف 2024 مقارنة بذروتها.
ومن الواضح أن هذا الانخفاض مدفوع بانخفاض مستويات المياه الناجم عن تغير المناخ في قناة بنما واندلاع الصراع في منطقة البحر الأحمر الذي أثر على قناة السويس.
مزيجا من التوترات الجيوسياسية وتأثيرات المناخ والصراعات أدى إلى اهتزاز التجارة العالمية مما يهدد عمل سلاسل التوريد البحرية
وأفاد التقرير بأن عمليات إعادة توجيه الشحنات إلى رأس الرجاء الصالح وزيادة المسافات أدت إلى زيادة ازدحام الموانئ وارتفاع استهلاك الوقود وأجور الطاقم وأقساط التأمين والتعرض للقرصنة.
وبحلول منتصف العام الجاري أدى تحويل مسار السفن بعيدا عن البحر الأحمر وقناة بنما إلى زيادة الطلب العالمي على السفن بنسبة 3 في المئة، والطلب على سفن الحاويات بنسبة 12 في المئة مقارنة بما كان ليكون عليه بدون هذه الاضطرابات.
ويؤكد أونكتاد أن هذا أضاف ضغوطا كبيرة على الخدمات اللوجستية العالمية وسلاسل التوريد المتوترة أصلا بفعل تراكم الأزمات مع ضبابية آفاق حلها.
وأشار إلى أن مراكز الموانئ مثل سنغافورة والموانئ الرئيسية في المتوسط تتعرض الآن لضغوط، إذ تتعامل مع الطلب المتزايد على خدمات إعادة الشحن بسبب تحويل مسار السفن، بينما يضيف الازدحام طبقة أخرى من التعقيد لشبكات النقل والتجارة العالمية.
وفي أبريل الماضي، حذرت منظمة التجارة العالمية عشية اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين من أن الاقتصاد العالمي سوف يواجه المزيد من التباطؤ هذا العام متأثرا بتراجع الاستثمار وحركة التجارة الضعيفة. وكشفت المنظمة في توقعاتها السنوية أن أحجام المبادلات انخفض بشكل غير متوقع بنسبة 1.2 في المئة في العام 2023.
وقالت المديرة العامة للمنظمة نغوزي أوكونغو إيويالا في بيان حينها “نحرز تقدما نحو انتعاش التجارة العالمية”، لكن “من الضروري الحد من المخاطر مثل الاضطرابات الجيوسياسية وتفكك التجارة للحفاظ على النمو الاقتصادي والاستقرار”.