الأسعار المغرية تغذي ازدهار تجارة الذهب بين الأردنيين

يجذب بريق الذهب خلال هذه الفترة الكثير من الأردنيين بفضل أسعاره المغرية والتي جعلت الاستثمار فيه أمرا مربحا، وتحول الأردنيون إلى تجار يشترون ويبيعون مدخراتهم من المعدن الأصفر مستفيدين تارة من ارتفاع أسهمه في السوق وطورا من انخفاضها.
عمّان – تحولت سوق المجوهرات في الأردن إلى مراكز لشراء الذهب، بدلا من بيعه، بعد أن كانت نسبة إقبال الأردنيين على البيع كبيرة لاستغلال أسعاره المرتفعة خاصة في ظل الظروف الراهنة.
وقال تجار ذهب إن الأسعار التاريخية للمعدن الأصفر فتحت الباب أمام عمليات البيع بشكل مكثف من قبل المواطنين، سواء كان ذلك للحلي أو للمدخرات الاستثمارية.
وارتفع الذهب في المعاملات الفورية الأربعاء بواقع 0.1 في المئة ليصل إلى نحو 1702.59 دولار للأونصة (الأوقية)، وهذا بالطبع ينعكس على أسعاره في كل أسواق العالم.
وأصبحت أسعار الذهب وكأنها نشرة الطقس اليومية في فصل الشتاء يتابعها الأردنيون باهتمام لمعرفة حركة الأسعار، لا بل يتساءلون عن الأسباب والتوقعات حول مستقبل المعدن النفيس.
ربحي علان: المواطن الأردني يتابع أسعار الذهب العالمية أولا بأول
ويقول نقيب تجار الحلي والمجوهرات ربحي علان في مقابلة مع رويترز إن “المواطن الأردني يتابع أسعار الذهب العالمية أولا بأول، ويقوم بالشراء في حال انخفاض الأسعار، والبيع في حال الارتفاع من أجل جني الأرباح”.
ويضيف “الذهب لدى الأردنيين منذ قديم الزمان يعتبر الملاذ الآمن، لسرعة بيعه والحصول على السيولة في الأيام الصعبة، خاصة وأن المرأة الأردنية تحب الذهب، تحديدا عيار 21 لأن تكلفة المصنعية عليه قليلة”.
وفي العادة يتجه الأفراد إلى الاحتفاظ بالمشغولات الذهبية كمخزن للقيمة والزينة في الوقت ذاته، إذ يعتبر الكثيرون أن الاحتفاظ بالمجوهرات الثمينة في المنزل بمثابة مال مخزون يصلح وقت الحاجة والأزمات.
ولهذا فإن بيع الذهب وشرائه من قبل المواطنين الأردنيين خلال هذه الفترة التي تشهد ارتفاعا في الأسعار غير مسبوق، يعدان نوعا من الاستثمار والاستفادة من الفرص للحصول على هامش ربح يعود على الأسر بالفائدة المالية ويقوي مدخراتها من هذا المعدن الثمين.
وبحسب إحصائيات رسمية زادت كميات السبائك الذهبية المستوردة إلى البلاد خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الحالي، بنسبة 169 في المئة مقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي.
وبلغ حجم تلك السبائك الذهبية في نهاية يوليو الماضي حوالي 13.5 طن مقارنة مع أكثر من خمسة أطنان في نهاية يوليو 2021.
ويؤكد علان أن العام الحالي شهد إقبالا غير مسبوق على الذهب مقارنة مع العام الذي سبق الجائحة.
ولفت إلى أن إجراءات الإغلاق في عامي 2020 و2021 تسببت في تأجيل المناسبات وحفلات الزفاف للعام الحالي، بالإضافة إلى أن عودة المغتربين والسياح العرب ساهمت في ارتفاع الطلب.
وذكر علان أن الأسعار هذا العام تعتبر مناسبة للشراء سواء السبائك لغايات الادخار والاستثمار من جهة أو المجوهرات والحلي للزينة والهدايا من جهة أخرى.
13.5
طن حجم السبائك من المعدن الأصفر بنهاية يوليو 2022 مرتفعا 169 في المئة بمقارنة سنوية
ويبلغ سعر غرام الذهب عيار 24 قيراطا بالسوق المحلية 41.3 دينار (58.2 دولار)، وعيار 21 قيراطا 34.9 دينار (49.2 دولار)، وعيار 14 قيراطا 31 دينارا (43.7 دولار).
ويتأثر سعر الذهب عالميا بمدى رفع وخفض قيمة الدولار الأميركي، حيث يكون في علاقة عكسية بين المعدن الأصفر وسلة العملات العالمية مثل واليورو والين الياباني والجنيه الإسترليني واليوان الصيني وغيرها من العملات، والعكس صحيح.
ويقول المواطن الأربعيني عبدالمنتصر يعقوب وهو يتفقد واجهة أحد محلات الذهب في العاصمة عمّان، إنه مهتم بمتابعة أسعار الذهب يوميا عن طريق تطبيق على هاتفه المحمول يراقب من خلاله التداول في بورصة الذهب العالمية.
ويشير يعقوب، الموظف في قسم المحاسبة بإحدى شركات القطاع الخاص، إلى أنه ينتظر نزول الأسعار ليشتري ليرات ذهبية بأي مبلغ من المال يدخره شهريا أو يحصل عليه كمكافأة في عمله.
وبدوره يؤكد تاجر الذهب عبدالله الحروب على الاهتمام الكبير والمتزايد من قبل المواطنين بمتابعة الأسعار، معلقا أنهم “يتصلون بنا يوميا للسؤال عن الأسعار والتوقعات”.
ويقول الحروب إن المواطنين يقبلون “على شراء الليرات الذهبية والأونصات كخزين وادخار وخاصة عند نزول الأسعار وفي المقابل يزيد الطلب أيضا على المجوهرات والحلي الذهبية لأن انخفاض الأسعار يشجع المقبلين على الزواج. والآن الأسعار ممتازة للشراء”.
ويضيف أنه “تقريبا 40 في المئة من الناس مهتمون بشراء الذهب المستورد من تركيا والخليج والباقي يفضلون المصنع محليا لأن كلفة مصنعيته أقل ولا يخسرون الكثير عند إعادة بيعه”.
وتشير التقديرات إلى أن حجم الاستثمار في القطاع داخل السوق الأردنية، يقدر بنحو 200 مليون دينار (282 مليون دولار) وأن عدد التجار فيه يقارب 700 تاجر.
ويقول يعقوب “أنا لا أفضل المخاطرة في استثمار ما يتوفر لي من مال، فصديق لي نصحني بشراء الأسهم بالبورصة، ولكن أنا أبحث عن الأكثر أمانا”.
ويرى الخبراء أن هناك العديد من بعض العوامل التي تتسبب في تقلب أسعار الذهب من وقت إلى آخر من ارتفاع أو انخفاض، ومن بينها أسعار الطاقة، بحيث كلما ارتفع سعر برميل النفط، ارتفع معه سعر بيع الذهب في الأردن.
وكما هو الحال عندما ينخفض سعر الدولار الأميركي، يرتفع معه سعر شراء الذهب، فضلا عن التغييرات السياسية، فهي على نفس المستوى والقدر من التأثير على تداول المعدن الأصفر.
وشهدت تجارة الذهب أسوأ فتراتها في السوق المحلية خلال العامين الماضيين وذلك مقارنة مع سنوات عديدة سابقة، فرضتها الجائحة والارتفاع التاريخي لأسعار المعدن النفيس.