الأسر التونسية مشتّتة بين سنة بيضاء وارتقاء آلي لأبنائها طلاب الابتدائي

تمسك نقابة التعليم الأساسي بمطالبها يزيد من إرباك الأسر.
السبت 2023/06/10
مصير الطلاب بيد معلميهم

تواصل نقابة التعليم الأساسي في تونس رفض تسليم الإدارة نتائج الطلاب، ما قد يهدد باعتبار العام الدراسي الحالي سنة بيضاء يعتبر الجميع فيها راسبا لعدم الحصول على النتائج الحقيقية. ويثير هذا القرار الرعب في قلوب العائلات التونسية التي تبذل قصارى جهدها من أجل التحصيل العلمي لأبنائها وتميّزهم في الارتقاء في السلم الاجتماعي. وبين سنة بيضاء وارتقاء، يتأرجح مصير السنة الدراسية التي أوشكت على الانتهاء ومعه مصير الطلاب وتفكير العائلات.

تونس - انطلقت الجمعة الامتحانات الكتابية لطلاب الابتدائي بكافة المؤسسات التربوية التونسية بعد اجتيازهم الامتحانات الشفهية وسط قرار حجب النتائج، وهو قرار أربك الطلاب والعائلات على حد سواء.

ورغم أن نقابة التعليم الثانوي أعلنت إلغاء قرار الحجب وقبلت بزيادة مؤجلة في الرواتب، تمسكت نقابة التعليم الأساسي بمطالبها رافضة أي تأجيل وحمّلت وزارة التربية مسؤولية مصير السنة الدراسية.

وقال توفيق الشابي الكاتب العام المساعد للجامعة العامة للتعليم الأساسي إن “مصير السنة الدراسية مسؤولية وزارة التربية، وأفضل خيار إذا أرادت الوزارة إنقاذ السنة الدراسية هو العودة إلى التفاوض مع النقابة خلال المدة المتبقية على نهاية السنة الدراسية (شهر واحد)”.

ومن جهته يتمسك وزير التربية محمد علي البوغديري بقراره ألّا سنة بيضاء. وقالت روضة المعيوفي أم لتلميذة تدرس بالسنة الثالثة ابتدائي إن قرار حجب النتائج أثر على وضعية ابنتها التعليمية وعلى نفسيتها أيضا، فالطفلة من الطلاب أصحاب الوضعيات الخاصة نظرا لكونها تشتكي من صعوبة في القراءة، وقد زاد من تعب الأم أنها لم تتحصل على دفتر الأعداد مثل كل عام لترى ملاحظات المدرسين واكتفت فقط باحتساب معدل ابنتها بناء على الأعداد المسلمة من المدرسين.

مطالب النقابة تتمثل في تحسين الوضعية المادية للمعلمين بزيادة رواتبهم بما يتناسب مع تراجع القدرة الشرائية

وتابعت المعيوفي أنها الآن في حيرة نظرا إلى ضبابية الموقف بين النقابة والوزارة، وعبرت عن خشيتها أن يتم الالتجاء إلى الارتقاء الآلي وهو قرار لا يخدم مصلحة التلاميذ ذوي الوضعيات الخصوصية، على حد قولها.

بدورها أكدت فضيلة القاسمي أم لتلميذة تدرس بالسنة الساسة ابتدائي وترشحت لامتحان ختم التعليم الأساسي، أنها في حيرة من أمرها، فكل ما بذلته منذ بداية العام الدراسي سيذهب سدى لو تمسكت النقابة برأيها ولم يتم التفاوض بين الطرفين.

وقالت القاسمي “بقدر ما فرحت بقرار حجب الأعداد في العليم الثانوي لأن ابنتي تجتاز هذه الأيام اختبارات البكالوريا (الثانوية العامة)، بقدر ما أن مشتتة الذهن بخصوص ابنتي الصغرى”.

وما تزال الأزمة المتصلة بالتعليم في تونس متواصلة في ظلّ عدم توصل المفاوضات بين الطرف النقابي ووزارة التربية التونسية إلى اتفاق ينتهي على أساسه حجب الأعداد الذي اتخذته النقابات للاحتجاج على عدم تحقيق مطالبها.

ويتواصل الوضع على حاله في المدارس الابتدائية منذ ما يقارب الـ8 أشهر على انطلاق السنة الدراسية والتي يفصل على انتهائها زهاء شهر واحد.

وأعلنت نقابة التعليم الأساسي في تونس يوم الجمعة المقبل “يوم غضب وطني” لـ”المطالبة بتحسين الوضع المادي والمهني للمدرسين”. جاء ذلك وفق تصريحات للشابي خلال مؤتمر صحفي عقد بالعاصمة تونس.

وقال إن “مصير السنة الدراسية مسؤولية وزارة التربية”، وأفاد بأن “وزارة التربية ترفض التفاوض حول المطالب المادية للقطاع وتريد تأجيلها إلى سنة 2024، مشيرا إلى قرار النقابة التابعة للاتحاد العام التونسي للشغل إعلان يوم الجمعة المقبل “يوم غضب وطني” ضمن سلسلة تحركات احتجاجية لتحسين الوضع المادي والاجتماعي للمدرسين.

يتواصل الوضع على حاله في المدارس الابتدائية منذ ما يقارب الـ8 أشهر على انطلاق السنة الدراسية والتي يفصل على انتهائها زهاء شهر واحد

من جانبه أكد كاتب عام النقابة نبيل الهواشي أن “مطالب الجامعة المالية تأتي لإنقاذ القدرة الشرائية للمعلمين، وهي تعي جيدا الوضع الاقتصادي للبلاد”.

واستدرك “عندما تتعلق المسألة بنا، تصبح هذه الأزمة المالية الخانقة موجبا لعدم تمكيننا من حقوقنا في الوقت الذي نرى فيه حقوقا تهدى بسخاء إلى قطاعات أخرى”.

وتتمثل مطالب النقابة في تحسين الوضعية المادية للمعلمين بزيادة رواتبهم بما يتناسب مع تراجع القدرة الشرائية وغلاء الأسعار، مع إيجاد صيغة لتسوية وضعياتهم المهنية.

والاثنين، دعا وزير التربية كل المعلمين إلى الإفصاح عن نتائج الامتحانات الخاصة بالتعليم الابتدائي، مؤكدا أن عددا مهما من المعلمين بادروا بذلك.

والشهر الماضي نفى البوغديري فرضية المرور إلى سنة بيضاء (ملغاة)، مشيرا إلى “تقدم المشاورات مع الجانب النقابي في اتجاه البحث عن الحل”.

وفي 16 مايو الماضي دعت وزارة التربية كافة المدرسين والأساتذة الذين لم يصرّحوا بنتائج الفصلين الأول والثاني إلى “تحمل مسؤولياتهم الوطنية والتربوية والإدارية”.

وتشهد السنة الدراسية التي توشك على الانتهاء أزمة بدأت في سبتمبر 2022 بين وزارة التربية ونقابة التعليم تعثرت خلالها المفاوضات بين الجانبين.

ونتيجة عدم الاستجابة لمطالبها، استمرت النقابة برفض تسليم الإدارة نتائج التلاميذ، ما قد يهدد باعتبار العام الدراسي الحالي “سنة بيضاء” يعتبر الجميع فيها راسبا لعدم الحصول على النتائج الحقيقية.

15