الأسد يفوز في انتخابات رئاسية محسومة سلفا لصالحه

دمشق – فاز الرئيس السوري بشار الأسد بولاية رئاسية رابعة تمدد بقاءه في السلطة لسبع سنوات أخرى بعد حصوله على 95.1 في المئة من الأصوات، في انتخابات يقول المعارضون والغرب إنها لم تكن نزيهة وكانت محسومة سلفا لصالحه.
ورحبت روسيا، حليفة الأسد، بنتائج الانتخابات حيث هنأ الرئيس فلاديمير بوتين بشار الأسد على فوزه مؤكدا في برقية أن إعادة انتخابه تؤكد “سلطته السياسية العليا”.
ونقل الكرملين في بيان الجمعة عن بوتين أن “نتائج التصويت أكدت تماما سلطتكم السياسية العليا وثقة مواطنيكم”، مضيفا أن رئيس الدولة سمح في نظر السوريين “باستقرار سريع للوضع” في البلاد التي تشهد نزاعا.
وكانت وزارة الخارجية الروسية رحبت في بيان رسمي الجمعة بفوز الأسد الساحق في الانتخابات، وشددت على أنها "ستواصل دعم سيادة واستقلال وسلامة أراضي سوريا وستساعد في القضاء على تداعيات الصراع".
واعتبرت موسكو أن "تصريحات عدد من الدول الغربية حول عدم شرعية الانتخابات في سوريا ضغط صارخ على دمشق ومحاولة للتدخل في الشؤون الداخلية".
وشدد بيان الخارجية الروسية على أنه لا يحق لأحد أن يملي على السوريين متى وتحت أي ظروف ينبغي أن ينتخبوا رئيسا لدولتهم، لافتا إلى أن الانتخابات الرئاسية الأخيرة في سوريا خطوة مهمة نحو تعزيز استقرارها الداخلي.
ومساء الخميس، أعلن رئيس مجلس الشعب حمودة صباغ النتائج في مؤتمر صحافي، وقال إن نسبة الإقبال بلغت 78.66 في المئة.
ويمدد الفوز حكم عائلته إلى حوالي ستة عقود. وقاد والده حافظ سوريا 30 عاما حتى وفاته في عام 2000.
وقال الأسد على صفحة حملته الانتخابية على فيسبوك "شكرا لجميع السوريين على وطنيتهم العالية ومشاركتهم اللافتة في هذا الاستحقاق الوطني… لأجل مستقبل أطفال سوريا وشبابها، لنبدأ من الغد مرحلة العمل لنعزز الأمل ببناء سوريا كما يجب أن تكون".
وتقول الحكومة السورية إن الانتخابات تظهر أن سوريا عادت إلى الحياة الطبيعية، رغم الحرب المستمرة منذ عقد من الزمان والتي حصدت أرواح مئات الآلاف وتسببت في نزوح 11 مليونا، أي حوالي نصف سكان البلاد، عن ديارهم.
وخاض الأسد الانتخابات أمام مرشحين آخرين مغمورين هما عبدالله سلوم عبدالله، نائب ووزير سابق، ومحمود أحمد مرعي، وهو رئيس حزب معارض صغير معتمد رسميا، وحصل مرعي على 3.3 في المئة بينما حصل سلوم على 1.5 في المئة.
وأدانت المعارضة السوريةالانتخابات التي أجريت الأسبوع الجاري وشهدت فوز الرئيس السوري بشار الأسد بفترة رئاسة رابعة ووصفتها بأنها غير شرعية.
وكتب هادي البحرة، المعارض والرئيس المشارك للجنة الدستورية السورية، عبر موقع تويتر، “أجريت الانتخابات بدون شرعية. وأجبرت المسؤولين على تزوير نتائجها والتلاعب بها”.
وعارض البحرة المزاعم الرسمية بأن 78.6 في المئة من الناخبين السوريين الذين يحق لهم التصويت أدلوا بأصواتهم.
وهذه ثاني انتخابات رئاسية تشهدها سوريا منذ اندلع النزاع في هذا البلد في 2011، وقد جرت فقط في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، فيما غابت عن مناطق سيطرة الأكراد (شمال شرق) ومناطق سيطرة هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقا) وفصائل موالية لأنقرة (شمال وشمال غرب).
وفي 2014 أعيد انتخاب الأسد بأكثرية 88 في المئة من الأصوات، بحسب النتائج الرسمية.
وكان وزراء خارجية الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وإيطاليا والمملكة المتحدة دعوا في بيان مشترك إلى مقاطعة الانتخابات الرئاسية، التي "لن تؤدي إلى أي تطبيع دولي للنظام السوري". وتابع الموقعون أن "أي مسار سياسي يتطلّب مشاركة كل السوريين، ولاسيما (أولئك الذين يعيشون في دول) الشتات والنازحين لضمان إسماع كل الأصوات".
وكانت الأمم المتحدة قد أعلنت أنها غير منخرطة في الانتخابات السورية، مؤكدة أهمية التوصل إلى حل سياسي وفقا لقرار مجلس الأمن رقم 2254، وأن التوصل إلى تسوية سياسية للصراع الدائر في سوريا عن طريق المفاوضات هو الأهم قبل البدء بإجراء انتخابات.
ورفضت دول مثل تركيا وألمانيا السماح بإجراء الانتخابات بالنسبة للمواطنين السوريين في الخارج.
لكن الأسد الذي يحكم البلد من قبضة من حديد منذ يوليو 2000 أصر على أنه يملك الشرعية القانونية والدستورية لإقامة انتخابات رئاسية، ضاربا عرض الحائط بجميع الأصوات المعارضة لهذا الاستحقاق داخليا وخارجيا، فهو يهدف إلى سدّ جميع الطرق المؤدية إلى العملية السياسية، والإطاحة بكل الحلول والمسارات التي تبحث مسألة التغيير في سوريا.
وخاض الأسد الانتخابات لضمان "شرعية" استمراره في الحكم والسيطرة على ما بقي من مقدرات البلاد، وهو يرفض منذ سنوات أن يتخلى عن موقعه مهما كانت الظروف، لإيقانه أنه بمجرد مغادرته السلطة ستفتح بوجهه أبواب المحاسبة.
ويرى مراقبون أن الانتخابات بالنسبة إلى الأسد تشكل حالة مصيرية بالفعل لأن نظامه الذي يستمد روحه من حزب البعث، الذي يحكم الدولة من العام 1963 قائم على فكرة الأبدية، وأن العملية الانتخابية التي تنافسه فيها شخصيتان غير معروفتين هما عبدالله سلوم عبدالله المقرب من دائرة الأسد، والآخر رئيس المنظمة العربية السورية لحقوق الإنسان وأمين عام الجبهة الديمقراطية المعارضة محمود مرعي، والذي يحسب على معارضة الداخل، على ضحالتها، تشكل الوسيلة المناسبة لتكريس هذه الحالة.
ودفعت الحرب السورية التي اندلعت في مارس 2011، على إثر احتجاجات شعبية طالبت بإنهاء أكثر من 49 عاما من حكم عائلة "الأسد" ودعت إلى تداول السلطة سلميا، إلى مقتل نحو 400 ألف شخص ونزوح نصف السكان، بعد رفض النظام التنحي عن السلطة ولجأ إلى الخيار العسكري ضد المحتجين، ما أدخل البلاد في دوامة من الحرب ووضع إنساني مترد.