الأسد يعرقل مساعي أنقرة للتطبيع دون كلفة باهظة

عدم إحراز روسيا أي تقدم في ملف التطبيع السوري - التركي يشي بأنها لا تركز عليه ولا ترى أنه أولوية بالنسبة إليها.
الاثنين 2024/11/04
كل يرفع لاءاته بانتظار التوافق

أنقرة - قال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان إن الرئيس السوري بشار الأسد غير مستعد للتطبيع مع أنقرة، أو التوصل إلى اتفاق مع المعارضة السورية وإنهاء حالة الصراع، ما يشير إلى أن تركيا لا تريد دفع تكلفة باهظة للتطبيع مع عدم تعجل الأسد باتفاق لا يتضمن مكاسب سياسية وعسكري.

وذكر فيدان في حوار نشرته صحيفة “حريت” التركية الأحد، أن تركيا “تريد أن ترى النظام والمعارضة ينشئان إطارا سياسيا يمكنهما الاتفاق عليه في بيئة خالية من الصراع”. وتابع “لكن على حد علمنا، الأسد وشركاؤه غير مستعدين لحل بعض المشاكل، وغير مستعدين للتوصل إلى اتفاق مع المعارضة السورية وتطبيع كبير (مع تركيا)”.

ولا تزال هناك تعقيدات في مسائل عدة عالقة بين البلدين، ويؤكد المتابعون لها أن استعادة العلاقات “ستحصل في أحسن الأحوال بشكل تدريجي وطويل الأمد”. غير أن الهدف الرئيسي لتركيا من وراء التطبيع يتلخص بمواجهة الأكراد شمال سوريا، والذي تعتبره من مصلحة الأسد.

وأكّد فيدان في حديثه أن القضية الأهم بالنسبة لتركيا هي إنهاء وجود “حزب العمال الكردستاني” وأذرعه في سوريا. وقال “إذا حاول التنظيم الإرهابي وعناصر أخرى الاستفادة من هذه البيئة الفوضوية، فقد يؤدي ذلك إلى جر سوريا إلى المزيد من عدم الاستقرار. ولا أحد يريد هذا”.

وأضاف أن “وفقا لأنقرة، فقد أصبحت المصالحة بين النظام والمعارضة أكثر أهمية، فهناك جهة فاعلة أخرى عندما يتعلق الأمر بالقتال ضد منظمة حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب وقوات سوريا الديمقراطية الإرهابية، هي الولايات المتحدة”. وتابع “في كل لقاء نذكر نظراءنا الأميركيين بضرورة إنهاء تعاونهم مع التنظيم الإرهابي في سوريا”، وفق ما نقلت الصحيفة.

رغم أن هناك تعقيدات في مسائل عدة لا تزال عالقة بين البلدين، لكنّ متابعين لها يؤكدون أن استعادة العلاقات ستحصل في أحسن الأحوال بشكل تدريجي وطويل الأمد

ويبدو أن مساعي موسكو لحلحلة هذا الملف وتقريب وجهات النظر لم تنجح بإحراز تقدم، فيما يلمح البعض إلى أن التصريحات الروسية بهذا الشأن لا تتخطى الدبلوماسية وأنها لا تضع ثقلها ولا ترى أنه أولوية بالنسبة إليها.

وصرّح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف لصحيفة “حريت” الجمعة الماضية بأن تطبيع العلاقات بين تركيا والحكومة السورية له أهمية كبيرة للاستقرار المستدام في سوريا وتعزيز الأمن في منطقة الشرق الأوسط. وأضاف أن روسيا تبذل جهودا متواصلة لإنهاء الصراع بين دمشق وأنقرة.

وقال لافروف في مقابلة مع صحيفة “حريت” التركية، إن ثمة خلافا في المواقف بين دمشق وأنقرة، بشأن انسحاب القوات التركية من سوريا، ما أدّى بالنتيجة إلى توقف مفاوضات التطبيع بين الجانبين.

وأوضح أنه فيما يطالب الأسد بتوضيحات حول مسألة انسحاب تلك القوات، تؤكد أنقرة التزامها بوحدة الأراضي السورية وسيادتها، مع استعدادها لمناقشة مسألة الانسحاب في وقت لاحق. وتابع “ناقشنا هذا الموضوع مع زملائي الأتراك والإيرانيين في اجتماع وزراء خارجية الدول الضامنة لعملية أستانة، في نيويورك، في السابع والعشرين من سبتمبر الماضي”.

وفيما أن هناك، بحسب الوزير الروسي، إشارات من العاصمتين على اهتمام جدي باستئناف الحوار، فموسكو تشجع الاستئناف السريع لعملية التفاوض.

وقبل اندلاع النزاع في العام 2011، كانت تركيا حليفا اقتصاديا وسياسيا أساسيا لسوريا. وجمعت الرئيس التركي رجب طيب أردوغان علاقة صداقة بالأسد، لكن العلاقة بينهما انقلبت رأسا على عقب مع بدء الاحتجاجات ضد الأسد، فقد دعت أنقرة بدايةً حليفتها إلى إجراء إصلاحات سياسية، لكن مع تحوّل التظاهرات تدريجا إلى نزاع دام، دعا أردوغان الأسد إلى التنحي.

ورأى مدير برنامج الأبحاث التركية في معهد واشنطن سونير كاغابتاي أن أنقرة “تريد من الأسد أن يقضي على حزب العمال الكردستاني حتى يصبح التنظيم في حالة سبات”. وأضاف “عندها سيبدأ التطبيع الحقيقي في شمال غربي سوريا، مع التزام تركيا سحب قواتها تدريجا”.

ويثير هذا السيناريو مخاوف الملايين من السوريين المقيمين في منطقة إدلب ومحيطها، وأكثر من نصفهم نازحون فروا تدريجا من محافظات سورية أخرى مع سيطرة القوات الحكومية عليها. في مرحلة انتقالية، لا يستبعد كاغابتاي أن يعترف أردوغان بسلطة الأسد في شمال غرب سوريا، لكن مع بقاء الأمن “في يد أنقرة”، على أن يكون الهدف النهائي إعادة اللاجئين السوريين من تركيا.

2