الأسد يطالب السوريين المستنزفين بدعم نظامه في معركة الليرة

مراقبون يرون أن الأسد يحاول بيع الوهم للسوريين في مناطق سيطرته، لاسيما مع تصاعد حالة النقمة والتململ التي طالت حاضنته الشعبية، جراء تدهور الوضع المالي والاقتصادي.
الأربعاء 2021/03/31
الأسد يتساءل عن سبب ارتفاع الأسعار مساء

دمشق – حث الرئيس السوري بشار الأسد في أول ظهور إعلامي له بعد شفائه من فايروس كورونا السوريين “على الوقوف مع الدولة” في مواجهة ما يعتبرها حربا اقتصادية تشن ضدها من الخارج، في دعوة لاقت موجة سخرية على مواقع التواصل الاجتماعي، لاسيما وأن الشعب الذي يخاطبه اليوم باتت غالبيته العظمى تحت خط الفقر.

وتزامن ظهور الأسد الثلاثاء مع انعقاد مؤتمر للمانحين في بروكسل، والذي شاركت فيه العديد من الدول الغربية والعربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة التي أعلنت عبر وزير خارجيتها أنتوني بلينكن عن منح أكثر من 596 مليون دولار مساعدات إنسانية جديدة لمواجهة الأزمة السورية.

وبدا ظهور الرئيس السوري، وحديثه عن تعرض بلاده لحرب اقتصادية تدار من الخارج، ردا على خطوة تجاهل نظامه في المؤتمر، وهو ما سبق أن انتقدته حليفته روسيا بشدة.

وأشاد الأسد خلال ترؤسه لجلسة مجلس الوزراء بمجموعة الإجراءات والتشريعات التي صدرت في الآونة الأخيرة بشأن وضع حد لتهاوي الليرة، قائلا “إن هذه الخطوات تؤكد فكرة أنه لا يوجد شيء مستحيل وأنه إذا لم نكن قادرين على حل كل المشاكل فإننا نستطيع أن نحل جزءا منها”.

وأوضح الرئيس السوري أن أحد الأمثلة على هذه الإجراءات هو معركة سعر الصرف التي “تمكنا فيها من تحقيق إنجازات لم تتحقق سابقا”، لافتا إلى “أنه من الخطأ في مثل هذه الحالة أو هذا النوع من المعارك أن يعتقد الناس أن هذا الموضوع هو موضوع إجرائي، إذ أن الموضوع أوسع، حيث هناك مضاربون ومستفيدون وهناك معركة تقاد من الخارج”.

وشهدت الليرة السورية مؤخرا تعافيا من أدنى مستوياتها بعد أن شددت دمشق الضوابط على السحوبات المصرفية والتحويلات الداخلية، وقيدت حركة السيولة في جميع المحافظات التي تسيطر عليها، وشنت حملة أمنية على مكاتب الصيرفة.

وكان تهاوي سعر الليرة إلى أرقام قياسية والذي بلغ ذروته في 17 مارس الجاري (4730 للدولار الواحد) أدى إلى ارتفاع غير مسبوق في معدلات التضخم ما فاقم من معاناة السوريين في تأمين الاحتياجات الأساسية.

ووفق ما نقلت عنه وكالة الأنباء السورية “سانا”، قال الأسد “أصبحت أدوات الأعداء في هذه المعركة واضحة بالنسبة إلينا، ومن خلال وضوحها ومعرفة الآليات التي استخدمت قمنا نحن باستخدام آليات معاكسة، وقد أثبتت هذه المعارك التي خضناها أن سعر الصرف في سوريا الجزء الأكبر منه هو حرب نفسية، مثل أي حرب تماما”.

احتقان داخل المناطق التي تخضع لسيطرة النظام السوري
احتقان داخل المناطق التي تخضع لسيطرة النظام السوري

وأضاف “لا بد لمواجهة هذا النوع من المعارك أن نقوم بتوعية الناس بأن ما يحصل الآن بالنسبة إلى سعر الصرف لا يقل أهمية عن المعركة العسكرية لاستقرار البلد، مثله مثل الحرب، مثل الأمن الغذائي، يجب أن يتم التعامل معها كمعركة، فإذا لم يقف المواطن مع مؤسسات الدولة في هذه الحرب فسوف تخسر المؤسسات مهما قمنا من إجراءات”.

ويرى خبراء اقتصاد أن التحسن الطفيف في سعر الليرة لا يمكن البناء عليه، لأن المصرف المركزي السوري لا يملك الأدوات النقدية لضبط السوق، ويشير هؤلاء إلى أن ما يقوم به النظام هو امتصاص السيولة بالليرة من الأسواق، حتى يرتفع سعرها مقابل الدولار، ومن ثمة يعيد طرحها، وفي هذا إيهام بتحسن سعر العملة المحلية.

ويعتبر الخبراء أن الأسد يحاول بيع الوهم للسوريين في مناطق سيطرته، لاسيما مع تصاعد حالة النقمة والتململ التي طالت حاضنته الشعبية، جراء تدهور الوضع المالي والاقتصادي.

وخلال ترؤسه لمجلس الوزراء وجه الأسد انتقادات للحكومة لجهة ضعف نشاطها الاتصالي مع المواطن وقال إن “الوزير ليس مجرد صاحب منصب، هو شخصية سياسية وعندما نقول شخصية سياسية فإنها تعني الحضور بين الناس والتواصل معهم لأنه قد تكون القطاعات التي يشرف عليها عدد من الوزراء هي الموضوع السياسي في كل يوم، لذلك فإن الحديث بهذا الموضوع والحضور الشخصي مهم جدا وهذا الحضور لا يمكن أن يكون من دون تواصل.. والتواصل لا يمكن أن يكون من دون حديث”.

وأشار الرئيس الأسد إلى “أن سياسة الصمت التي اتبعت في بعض المراحل من قبل المسؤولين تناقض هذا الدور، وقيمة العمل تذهب عندما لا يكون هناك تواصل مع الناس، والتواصل يوازي كل ما يقوم به أي مسؤول، فظهور الوزير يعبر عن مقدار عمله الحقيقي، وبهذا الظهور فإننا نساعد الناس على أن يميزوا بين ما هو موضوعي وما هو غير موضوعي، ونساعدهم على الانتصار مع الدولة في الحرب النفسية ولأن القرارات مهما كانت جيدة لا تكفي بالنسبة إلى المواطن بل تحتاج إلى شرح وحوار”.

وعن مشكلة ارتفاع الأسعار قال إن المشكلة هي في القفزات في الأسعار، وإن ارتفاع سعر الصرف صباحا لا يبرر ارتفاع الأسعار مساء، هذه نقطة أساسية لا يمكن تبريرها ولا يمكن القبول بها، وهذه اللصوصية يجب التعامل معها بشكل حازم، ولا بد أن تتدخل وزارة التجارة الداخلية بقوة وأن تسرع في إصدار قانون جديد يتضمن عقوبات رادعة.

2