الأسد يطالب الإعلام السوري بالاقتراب من المواطن ضمن الحدود

دمشق – ألقى الرئيس السوري بشار الأسد اللوم على الإعلام لغياب التواصل مع المواطن وقال خلال اجتماعه مع الحكومة الجديدة “في موضوع التواصل دائما لدينا مشكلة حقيقية”، دون أن يتطرق إلى أسباب ضعف الإعلام وعدم قدرته على الوصول إلى الجمهور.
ويعتبر الإعلام أحد أهم الملفات الشائكة في سوريا، بسبب الانتقادات المتزايدة التي يواجهها بابتعاده عن قضايا المواطنين وعدم قدرته على تسليط الضوء على المشكلات الأساسية في البلاد، في حين يقول آخرون إنه يعطي صورة مغايرة تماما للواقع المتردي. وأضاف الأسد “دور الإعلام يتمثل في أن يكون جسرا بين المواطن والمسؤول، إن لم يدخل الإعلام في طرح الحلول لن يجد لنفسه موقعا بين المواطنين”.
وتابع موجها حديثه لأعضاء الحكومة “لا يمكن للإعلام أن ينجح إذا لم تتوفر لديه المعلومة، والمعلومة موجودة في باقي المؤسسات والوزارات بشكل أساسي، فإن لم تتعاونوا مع الإعلام لا يمكن أن ينجح، وبالتالي نجاح الإعلام أنتم ستكونون جزءا منه وإذا فشل الإعلام ستكونون جزءا منه”.
وتبدو هذه الانتقادات صحيحة في جانبين أولهما تأثير وسائل الإعلام الضعيف لدى الجمهور السوري، وثانيهما عدم قدرته على الوصول إلى المعلومات الدقيقة في الوزارات ومؤسسات الدولة.
الإعلام السوري يواجه اتهامات بأنه منفصل عن الواقع ويعطي صورة مغايرة تماما للوضع المتردي في البلاد
لكن لا يمكن إلقاء مسؤولية سوء الأداء على وسائل الإعلام رسمية كانت أو خاصة في ظل هامش الحريات الضيق جدا وحملة الاعتقالات التي طالت صحافيين وإعلاميين تجرأوا على انتقاد الوضع الراهن في البلاد.
ويرى متابعون أن التغييرات الأخيرة التي طرأت في قطاع الإعلام وتعيين أستاذ العلاقات العامة في جامعة دمشق بطرس حلاق وزيرا للإعلام قد تكون محاولة لتغيير النهج الذي يسير عليه الإعلام، ليس في ما يخص السياسة التحريرية الثابتة والتي لا تتغير بتغير الوجوه، وإنما في كيفية التعاطي مع قضايا المواطن وجعلها منطقية وقابلة للإقناع بدل الانفصال التام عن الواقع.
وأجرت وزارة الإعلام السورية في نوفمبر الماضي عددا من التغييرات في رئاسة المؤسسات الإعلامية، تزامنا مع إجراءات في المكتب الإعلامي والسياسي في رئاسة الجمهورية.
وطالت التغييرات 15 منصبا في الإعلام الرسمي السوري، وشملت مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر والتوزيع، ومؤسسة الإنتاج التلفزيوني والإذاعي وعددا من الوسائل الإعلامية، معظمها ضمن الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون. كما تم إسناد وظائف جديدة لمن كانوا يعملون في المكتب الإعلامي والسياسي في رئاسة الجمهورية، على رأس الصحف الحكومية ووكالة الأنباء الرسمية “سانا”.
غير أن هذه التغييرات لم تترافق بتحقيق أي من الوعود الحكومية السابقة بشأن تعديلات قانون الإعلام وأبرزها إلغاء عقوبة السجن بحق الصحافيين، فقد صرح وزير الإعلام السابق عماد سارة مرارا طيلة الأشهر الماضية بقرب إصدار التعديلات النهائية والأخيرة لقانون الإعلام، وأهمها “مشكلة سجن الصحافي”.
ورغم الهالة الإعلامية الكبيرة التي أحاطت ببعض الصحافيين والناشطين الإعلاميين السوريين على مدار السنوات الماضية، لم يوفر ذلك لهم حرية العمل وإبداء الرأي. فقد حاول الصحافيون الاستفادة من الشعبية التي اكتسبوها على مواقع التواصل، إضافة إلى الدعم، على أنهم مقربون من مسؤولين في السلطة، ولديهم القدرة على الوصول إلى كل المناطق، وخاصة التي تشهد عمليات عسكرية، إلا أن السلطات رفضت الدور الجديد للصحافيين “بسبب تجاوزهم الحد، واتجاه عملهم إلى تجييش الناس بموضوع الخدمات وانقطاعها، إلى جانب بروز صوت نقدي لهم مرتفع داخل البلاد”.
وتعرض صحافيون وناشطون إعلاميون في الفترة الماضية لاعتقالات في مناطق سورية مختلفة. واستخدم قانون “الجرائم المعلوماتية” الذي صدر ضمن قانون الإعلام الإلكتروني رقم 26 لعام 2011، لتنظيم التواصل مع العموم عبر الشبكات وضوابط الإعلام والنشر الذي يتم عبر المواقع الإلكترونية، قبل أن تصدر آخر التشريعات بخصوص جرائم المعلوماتية في المرسوم التشريعي رقم 17 لعام 2012.
وأدرجت معظم الاتهامات الموجهة لبعض الصحافيين أو الإعلاميين تحت بند “قدح وذم شخصيات عامة عبر وسائل التواصل الاجتماعي”، أو “التعدي على خصوصياتهم بنشر معلومات، حتى لو كانت صحيحة”. وشهد قطاع الإعلام في سوريا منذ عام 2011 عدة تغييرات بدأت بالمرسوم رقم 108 لعام 2011، والذي تضمن تأسيس أول مجلس وطني للإعلام في سوريا.