الأسد يشترط انسحاب القوات التركية من سوريا قبل أي لقاء مع أردوغان

الرئيس السوري يرحب بالمزيد من القوات والقواعد الروسية في بلاده وبشكل دائم.
الجمعة 2023/03/17
الأسد يتمسك بالوجود الروسي

دمشق- وافق الرئيس السوري بشار الأسد الخميس على طلبات سابقة من قبل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تدعوه إلى عقد لقاء بينهما، لكنه اشترط أن يتم هذا اللقاء بعد انسحاب “الاحتلال التركي” من سوريا، في خطوة من شأنها أن تحبط أردوغان الذي يريد تهدئة مع دمشق تمكن أنقرة من إعادة ملايين اللاجئين السوريين إلى بلادهم وتخفيف الأعباء عن حكومته.

وفيما أبدى الأسد برودا واضحا في التفاعل مع دعوات أردوغان بشأن اللقاء، فإنه أظهر المزيد من الحماس في العلاقة مع روسيا ورحب بوجود المزيد من قواتها وقواعدها في سوريا على المدى البعيد، ما يظهر امتنانا كبيرا للدور الذي لعبه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في تأمين بقاء الرئيس السوري في السلطة.

◙ دمشق تعرف جيدا أن تصريحات أردوغان بشأن رغبته في لقاء الأسد جزء من مناوراته المعهودة وأنه يعلن الموقف ويمارس عكسه

وقال الأسد إنه سيلتقي أردوغان فقط عندما تكون تركيا مستعدة لسحب جيشها بالكامل من شمال سوريا وعودة الوضع إلى ما كان عليه قبل الحرب السورية، وهو ما يعني وفق مراقبين تخلي أنقرة عن حلم بناء منطقة عازلة على الحدود مع دمشق، ووقف دعمها للمعارضة وللمجموعات الأصولية المسلحة.

وتمثل تركيا أكبر حليف عسكري وسياسي للمعارضة السورية التي تسيطر على آخر معاقلها في شمال غرب سوريا. وأسست أنقرة العشرات من القواعد ونشرت الآلاف من الجنود في شمال سوريا، ما حال دون استعادة الجيش السوري المدعوم من روسيا السيطرة على المنطقة.

وقال الأسد، الذي يزور موسكو، في مقابلة مع محطة سبوتنيك التلفزيونية الروسية، إنه لا جدوى من الاجتماع حتى تنهي تركيا “الاحتلال غير الشرعي” لسوريا.

وأضاف “يرتبط الأمر بالوصول إلى مرحلة تكون فيها تركيا جاهزة بشكل واضح ودون أي التباس للخروج الكامل من الأراضي السورية، والتوقف عن دعم الإرهاب وإعادة الوضع إلى ما كان عليه قبل بدء الحرب في سوريا”.

واستدعى هذا الموقف الحدي من الرئيس السوري (رفضه لقاء أردوغان) تدخل روسيا للتخفيف من حدة تلك التصريحات التي من شأنها أن تصدم الرئيس التركي، خاصة أن دعواته المتتالية للقاء الأسد كانت تتم بالتنسيق مع بوتين.

وأعلن المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف أنه يجب إجراء التحضيرات أولا لعقد لقاء بين أردوغان والأسد.

◙ أردوغان الذي يريد تهدئة مع دمشق تمكن أنقرة من إعادة ملايين اللاجئين السوريين إلى بلادهم
أردوغان الذي يريد تهدئة مع دمشق تمكن أنقرة من إعادة ملايين اللاجئين السوريين إلى بلادهم

ويقول مراقبون إن دمشق تعرف جيدا أن تصريحات أردوغان بشأن رغبته في لقاء الأسد هي جزء من مناوراته المعهودة، وإن ما يعيق اللقاء هو التناقض بين تصريحات الرئيس التركي وأفعاله، فهو يسيطر عن طريق وكلاء على أراض سورية، ولا يتوقف عن تنفيذ عمليات في الداخل السوري، وفي الوقت ذاته يتظاهر بالسعي إلى الحوار.

ولا يغير اعتراف أنقرة بوحدة التراب السوري واعتراف أردوغان الصريح بأن بلاده ليست لديها أطماع في الأراضي السورية الكثير من المعادلات على أرض الواقع، فتركيا تقول الشيء نفسه عن احترام سيادة العراق على أراضيه، ولكنها تنتهك هذه السيادة كل يوم تقريبا. ولا تعتزم سحب قواتها من القواعد التي أقامتها داخل الأراضي العراقية. وهو ما ينطبق على سوريا أيضا؛ فلئن عجزت أنقرة عن إقامة منطقة أمنية واسعة تخضع لسيطرتها على الشريط الحدودي بينها وبين سوريا، فإنه لا شيء يوحي بأنها يمكن أن تتخلى عن قواعدها داخل سوريا.

وأجرى وزيرا دفاع تركيا وسوريا في أواخر العام الماضي أرفع محادثات بين الجارتين اللتين توترت العلاقات بينهما منذ 2011 عندما وصلت انتفاضات الربيع العربي إلى سوريا وزجت بها في أتون الحرب.

وخلال فترات تدهور العلاقات بين أنقرة ودمشق وصف أردوغان الأسد بأنه إرهابي وقال إنه لا يمكن أن يحل السلام في سوريا ما دام الأسد في منصبه، بينما وصف الأسد الرئيس التركي بأنه لص “سرق” الأراضي السورية.

ويقول مسؤولون أتراك وروس إن الاستعدادات جارية لعقد اجتماع بين نواب وزراء خارجية تركيا وسوريا وإيران قبل المحادثات المزمعة بين وزراء الخارجية.

وأقر الأسد في المقابلة التي أجراها مع سبوتنيك بالدور الذي اضطلعت به روسيا في تشجيع التقارب بينه وبين أردوغان.

وقال “نثق بالطرف الروسي، فلعبوا دور الوسيط لتسهيل هذه الاتصالات ولكن ضمن الأسس التي تستند إليها السياسة الروسية وهي احترام القانون الدولي، واحترام سيادة الدول، ونبذ الإرهاب، ووحدة الأراضي السورية، وسيادة الدولة السورية على أراضيها، وخروج القوات الأجنبية غير الشرعية من الأراضي السورية ضمن هذه المبادئ”.

وأشار إلى أن وجود القوات الروسية في سوريا أمر مشروع لأن حكومته طلبت دعم موسكو.

◙ فيما أبدى الأسد برودا واضحا في التفاعل مع دعوات أردوغان بشأن اللقاء، فإنه أظهر المزيد من الحماس في العلاقة مع روسيا

وكشف عن أن دمشق سترحب بأي مقترحات من روسيا لإقامة قواعد عسكرية جديدة أو زيادة عدد قواتها في بلاده، مشيرا إلى أن الوجود العسكري الروسي هناك يجب أن يكون دائما.

وأضاف الرئيس السوري “نعتقد أن توسيع الوجود الروسي في سوريا هو شيء جيد. لا يمكن للوجود العسكري الروسي في أي دولة أن يُبنى على شيء مؤقت”.

وأردف الأسد “نحن نفترض أنه إذا كانت هناك رغبة روسية في توسيع القواعد، أو زيادة عددها، فهذا موضوع فني أو لوجستي”.

واستعاد الرئيس السوري الكثير من المساحات التي فقدها لصالح المعارضة بمساعدة روسيا وإيران، وساهم في تحقيق ذلك أن الدولتين الحليفتين كانتا دائما أكثر التزاما بإبقائه في السلطة من خصومه الراغبين في الإطاحة به.

وإلى جانب قاعدة حميميم الجوية، التي تشن منها روسيا ضربات جوية دعما للأسد، تسيطر موسكو أيضا على منشأة طرطوس البحرية، قاعدتها البحرية الوحيدة في البحر المتوسط، والتي تستخدمها منذ عهد الاتحاد السوفييتي.

وقالت وزارة الدفاع الروسية في يناير الماضي إن موسكو ودمشق قامتا بترميم قاعدة الجراح الجوية العسكرية في شمال سوريا لاستخدامها بشكل مشترك. وتمت استعادة القاعدة الصغيرة شرقي حلب من مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في عام 2017.

1