الأسد يتمسك بحسين عرنوس رئيسا للحكومة

دمشق- كلف الرئيس السوري بشار الأسد، الثلاثاء، حسين عرنوس بتشكيل حكومة جديدة، بعد انتخابات برلمانية في يوليو.
وعين الأسد، عرنوس رئيسا للحكومة المنتهية ولايتها في يونيو محل عماد خميس في وقت تشهد فيه سوريا أزمة اقتصادية طاحنة وانخفاضا في قيمة عملتها.
وذكرت الصفحة الرسمية للرئاسة السورية على تطبيق تلغرام أن الأسد أصدر "المرسوم رقم 210 للعام 2020 القاضي بتكليف السيد المهندس حسين عرنوس بتشكيل الوزارة في الجمهورية العربية السورية".
وعرنوس (67 عاماً) يتحدر من مدينة معرة النعمان في محافظة إدلب (شمال غرب)، التي لا تزال تسيطر فصائل جهادية ومقاتلة على أكثر من نصف مساحتها. وتخرج من كلية الهندسة المدنية في جامعة حلب العام 1978. وشغل مناصب عدة في المؤسسات الحكومية، كما كان محافظاً لدير الزور (شرق) ثم القنيطرة جنوباً. وتسلم وزارة الأشغال في 2013 ثم وزارة الموارد المائية في 2018 في حكومة عماد خميس.
ورئيس الوزراء الجديد مشمول على غرار سلفه بالعقوبات التي تفرضها منذ سنوات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على سوريا.
ويواجه عرنوس صعوبات عديدة، واجهها من سبقه، على خلفية الأزمات المعيشية الخانقة وتدهور قيمة العملة المحلية بشكل غير مسبوق. وتسبّب ذلك بارتفاع جنوني في أسعار المواد الغذائية والسلع في أرجاء البلاد كافة ودفع بعض المتاجر مؤخراً إلى إغلاق أبوابها.
كما ستواجه حكومته مزيداً من الصعوبات، بعد فرض الإدارة الأميركية حزمة عقوبات جديدة في يونيو الماضي بموجب ما يُعرف بقانون قيصر.
العقوبات الأميركية
وتعدّ العقوبات الجديدة، التي طاولت الرزمة الأولى منها 39 شخصاً أو كياناً بينهم الأسد وزوجته أسماء، الأكثر قسوة على سوريا. وفي يوليو، أعلنت واشنطن لائحة جديدة تضم 14 كياناً وشخصاً إضافيين، بينهم حافظ (18 عاماً)، النجل الأكبر للرئيس السوري، ثم أعلنت حزمة ثالثة الأسبوع الماضي شملت شخصيات سياسية وعسكرية ومالية بينها المستشارة الإعلامية للأسد لونا الشبل.
وكان الأسد قد أقال عماد خميس في خطوة تستهدف إبعاد نفسه عن الأزمة العميقة التي تعاني منها سوريا.
وترافقت تلك الخطوة مع تغييرات مهمّة في مواقع عسكرية قيادية شملت القوات الخاصة والحرس الجمهوري، وذلك بهدف التحكّم في أي تحرّك للقوات الفاعلة التي مهمّتها الأولى حماية النظام القائم.
وجاءت “إقالة” خميس، وليس الإعلان عن “قبول استقالته واستقالة حكومته” كما جرت العادة لدى القيام بتغيير حكومي في دمشق، على خلفية احتجاجات واسعة وتدهور سريع للوضع الاقتصادي تشهده المناطق التي تحت سيطرة النظام في سوريا، وذلك قبل دخول “قانون قيصر” الذي أقرته إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب حيّز التنفيذ.
وكشفت مصادر سياسية حينها أنّ “إقالة” خميس كانت مقررة منذ فترة، لكن الأسد تريّث في اتخاذ قراره نظرا إلى أن شخصيات عدة امتنعت سلفا عن المشاركة في حكومة جديدة وقدّمت أعذارا مختلفة من أجل رفض تحمّل أيّ مسؤولية حكومية في هذه المرحلة.
ودفع ذلك الرئيس السوري في نهاية المطاف إلى الاستعانة بوزير الموارد المائية حسين عرنوس من الحكومة المقالة وتكليفه بتولي موقع رئيس الوزراء.
وبحسب مصادر فإن الحكومة الجديدة قد تشهد تغييراً يطال نصف الوزراء مع بقاء وزراء الخارجية والداخلية والدفاع في مناصبهم، ومن أبرز الوزارات التي ربما يطالها التغير وزارتي الزراعة والاقتصاد".
وأكدت ذات المصادر أن الحكومة المزمع تشكيلها ينتظرها تعديلاً أو تغيراً آخر بعد الانتخابات الرئاسية في شهر يونيو القادم.
تفاقم الأزمات
وبحسب مراقبين، فإن الحكومات السورية المتعاقبة منذ عام 2011 وهي خمس حكومات لم تستطع إدارة البلاد بالشكل الصحيح ولم تكن حكومات أزمة أو حرب.
يذكر أنه طبقا للدستور السوري فإن الحكومة السورية تستقيل بعد أداء مجلس الشعب القسم والذي جرى في 10 أغسطس الجاري وأصبحت حكومة تسيير أعمال.
وتشهد سوريا منذ نحو عشر سنوات أسوأ أزماتها الاقتصادية والمعيشية، تترافق مع انهيار قياسي في قيمة الليرة وتآكل القدرة الشرائية للسوريين، الذين يعيش الجزء الأكبر منهم تحت خط الفقر.
وإن كانت القوات الحكومية استعادت أكثر من 70 في المئة من مساحة البلاد، فقد اشتدت على مر السنوات العقوبات الأميركية والأوروبية المفروضة على السلطات، وصولاً إلى قانون قيصر الأميركي الذي تُعد إجراءاته الأكثر قساوة على سوريا.
ويتخوف محللون ومنظمات إنسانية ومسؤولون سوريون من أن تفاقم العقوبات الجديدة معاناة السوريين.
ووفق تقديرات برنامج الأغذية العالمي، يعاني حالياً نحو 9,3 ملايين سوري من انعدام الأمن الغذائي، كما ارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة تفوق المئتين في المئة.
ومع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية صيف 2021، في استحقاق تشهده البلاد كل سبع سنوات، تكثر التحليلات عما إذا كانت سوريا تتجه نحو تسوية سياسية، بعد سنوات لم تحقق فيها جولات تفاوض عدة قادتها الأمم المتحدة أي تقدّم.
ويواكب البرلمان المنتخب الانتخابات الرئاسية. ولطالما كرّر مسؤولون سوريون آخرهم وزير الخارجية وليد المعلم الشهر الماضي أن الأسد سيبقى رئيساً "طالما الشعب السوري يريده أن يبقى".