الأزمة المصرفية تجعل أسهم التكنولوجيا أفضل ملاذ آمن للمستثمرين

قيمة أسهم ميتا وألفابت ومايكروسوفت زادت جميعها بأكثر من عشرة في المئة في وول ستريت.
الاثنين 2023/03/27
الاستثمار هنا لا يموت!

يتفق محللون على أن الأزمة المصرفية الأخيرة بالولايات المتحدة جعلت المستثمرين يحولون أنظارهم مجددا إلى أسهم التكنولوجيا التي ظلت في حالة اضطراب لأكثر من عام بسبب الأزمة في شرق أوروبا، ما يجعل شركات القطاع على مشارف مكاسب لم تتوقعها.

نيويورك - ارتفعت أسهم شركات القطاع التكنولوجي منذ اندلاع الأزمة المصرفيّة الأخيرة إلى حد باتت تعتبر ملاذا آمنا للمستثمرين، بعدما اعتبرت لفترة طويلة كثيرة المخاطر وباهظة الثمن.

وزادت قيمة أسهم ميتا وألفابت ومايكروسوفت جميعها بأكثر من عشرة في المئة في وول ستريت منذ أولى بوادر العاصفة التي اجتاحت القطاع المصرفي الأميركي في بداية مارس الحالي، فيما تراجع مؤشر داو جونز في المقابل بأكثر من اثنين في المئة.

وأوضح أنجيلو زينو، من مكتب سي.أف.آر.أي ريسيرتش للدراسات والتحليل، لوكالة الصحافة الفرنسية أن "المستثمرين يرون في هذه الشركات التكنولوجية ذات القيمة الكبرى وجهة آمنة في الوقت الحاضر".

ويتعارض ذلك مع الصورة التي لازمت القطاع التكنولوجي منذ انهيار "فقاعة الإنترنت" العام 2000، على أنه قطاع غالبا ما يبالغ في تقييمه، وتوقعاته المالية غير المؤكدة وينطوي على الكثير من المفاجآت غير السارة.

ولفت دان آيفز، من شركة ويدبوش سيكيوريتيز، إلى أن "كثيرين يحذرون بشأن قطاع التكنولوجيا" منذ أشهر، "لكن الواقع أن مؤشر ناسداك في ارتفاع بحوالي 13 في المئة هذه السنة".

سكوت كيسلر: ضخامة رسملة الشركات تحميها جزئيا من التقلبات المحيطة
سكوت كيسلر: ضخامة رسملة الشركات تحميها جزئيا من التقلبات المحيطة

وأوضح في مذكرة نشرها مؤخرا أن "الكثير من المستثمرين الذين كانوا يتوقعون تراجعه يسعون لفهم" هذه الظاهرة.

ويعتقد سكوت كيسلر، من شركة ثيرد بريدج، أن “قسما كبيرا من كبرى الشركات في العالم يأتي من القطاع التكنولوجي”، مشيرا إلى أن حجم رسملتها الضخم يحميها جزئيا من التقلبات المحيطة.

وأضاف أن هذه الشركات “لديها مرونة مالية واحتياطات سيولة هائلة”، ما يؤمن لها قاعدة قوية في مرحلة بلبلة في الأسواق.

وكذلك، بات العالم الرقمي راسخا في حياة الأفراد، خلافا لما كان عليه الوضع في العام 2000، مما يجعل التكنولوجيا والاستثمار فيها جاذبين رغم التقلبات التي أفرزتها الأزمة في شرق أوروبا وما تلاها من مشكلات.

وقال كيسلر "الناس لن يهجروا ويندوز أو خدمات أمازون ويب (خدمات السحابة) دفعة واحدة، أو يتوقفوا عن القيام بأبحاث على الإنترنت”، مشددا على أن الخدمات التي تقدمها شركات الإنترنت والمعلوماتية العملاقة “تعتبر جوهرية وضرورية".

وإلى جانب هذه العناصر البنيوية تضاف عوامل ظرفية وفرت وضعا مثاليا لم يكن متوقعا لأسهم هذا الاقتصاد الجديد.

ومن بين الأطراف التي توجهت إلى هذه الأسهم بحسب دان آيفز، اختار عدد كبير التخلي عن القطاع المالي، إذ "لا يُعرف أي مصرف يواجه أزمة وأي نبأ يمكن أن يرد مساء أحد الأيام" بشأن تدابير طارئة.

فالولايات المتحدة لا تزال في وضع هشّ جراء انهيار ثلاثة مصارف خلال بضعة أيام، ما قوض ثقة السوق في النظام المالي، رغم أنّه تم احتواء موجة الذعر.

والذين انتقلوا إلى أسهم قطاع التكنولوجيا وجدوا زيادات جذابة في قيمة الأصول، نتجت عن عملية التصحيح المباغتة التي شهدها قطاع التكنولوجيا في 2022، نتيجة الخروج من وباء كوفيد – 19 والدخول في حلقة تشديد سريع للسياسة النقدية.

ويلفت أنجيلو زينو في هذا السياق إلى أن منذ نهاية العام الماضي “بات المستثمرون يحصلون (من كبرى شركات التكنولوجيا) على ما يترقبونه، وهو خطط ادخار”.

وأعلنت أمازون الأسبوع الماضي عن دفعة تسريحات جديدة تشمل تسعة آلاف موظف، تضاف إلى تسريح 18 ألف موظف في يناير الماضي. وقبل بضعة أيام من ذلك، أعلنت ميتا عن تسريحات أكثر صرامة وصلت معها نسبة خفض موظفيها إلى 24 في المئة.

دان آيفز: الواقع أن مؤشر ناسداك ارتفع بنحو 13 في المئة هذه السنة
دان آيفز: الواقع أن مؤشر ناسداك ارتفع بنحو 13 في المئة هذه السنة

ونقلت وكالة رويترز عن مايكل باشتر، المحلل في ويب بوش سيكوريتيز، قوله “لا أعتقد أن هذا يعني الكثير بالنسبة للشركات الأخرى، باستثناء أن الجميع سيكونون أكثر حرصا قبل السماح لعدد موظفيهم بالتضخم في المستقبل”.

ومع تضرر طلب المستهلكين من ارتفاع الأسعار وتكاليف الاقتراض، فكرت شركات تكنولوجيا أخرى في خفض الوظائف للضغط على الإنفاق التشغيلي.

وتعاني منصات مدعومة بالإعلانات مثل فيسبوك وغوغل من تخفيضات ميزانية المعلنين، في ظل معاناتهم من التضخم وارتفاع أسعار الفائدة.

ويرى كيسلر أن “الشعور العام حيال هذه الأسماء الكبرى تغير بفعل تشديدها على كفاءة الأداء” وترشيد التكاليف، وهي معايير لم تكن تبدو ضرورية حتى ذلك الحين بفعل نموها المتواصل.

وآخر ورقة صبت لصالح شركات التكنولوجيا كانت إبطاء الاحتياطي الفيدرالي الأميركي (البنك المركزي) تشديد سياسته النقدية، ما دفع المتعاملين في البورصة إلى توقع وقف نهج رفع معدلات الفائدة والانتقال إلى خفضها على مراحل حتى نهاية السنة.

وسيكون مثل هذا السيناريو مثاليا بالنسبة لشركات التكنولوجيا الكبرى، التي تعول على غرار القطاع بكامله على شروط الاعتمادات لتمويل نموها السريع. وقال آيفز “يبدو أن زيادة معدلات الفائدة انتهت، ما يبدد غيمة هائلة عن القطاع”.

غير أن زينو حذر من أن الشركات ذات القيمة المتوسطة لا تحظى بالآفاق ذاتها. وأشار إلى أن بعض الشركات “الأكثر تواضعا ستجد صعوبة أكبر في التكيف مع تشديد شروط الوصول إلى القروض”.

وبرر ذلك بالاضطرابات في القطاع المصرفي، لاسيما وأن الأزمة انطلقت مع إفلاس بنك سيليكون فالي “أس.في.بي” الذي يعد الكثير من الشركات التكنولوجية الناشئة بين عملائه. ورأى زينو أن هذه الشركات “ستضطرّ إلى أن تكون أكثر انتقائية”.

10