الأزمة المالية والاقتصادية تنعكس على أجواء العيد في ليبيا

طرابلس - استغل الليبيون الاحتفال بعيد الأضحى في الدعوة إلى تكثيف الجهود من أجل حلحلة الأزمة السياسية في البلاد، وتجاوز انعكاساتها السلبية المالية والاقتصادية، وما شهدته الأوضاع الاجتماعية من تدهور خلال الفترة الماضية وخاصة من حيث شحّ السيولة في المصارف وانهيار العملية المحلية وغلاء الأسعار وتزايد مستويات التضخم وتأخير صرف رواتب الموظفين في مختف القطاعات.
وأكدت نائبة الممثل الخاص للأمين العام القائمة بأعمال رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا ستيفاني خوري أن “العيد هذا العام يحلّ وسط ظروف معيشية صعبة يعاني منها الليبيون”.
وقالت إن “استمرار حالة الانسداد السياسي وتدهور الأوضاع الاقتصادية باتا اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، يؤثران بشكل مباشر في حياة الليبيين الذين تراجعت قدرتهم الشرائية وبات عدد كبير منهم يعاني شظف العيش رغم الموارد الهائلة لبلادهم”، مشددة على ضرورة أن يعطي الليبيون الأولوية للوحدة وإنهاء الأزمة المستمرة.
وتابعت خوري في بيان بمناسبة عيد الأضحى أن الشعب الليبي “عانى بما فيه الكفاية، وحان الوقت لأن يكون إنهاء هذه المعاناة أولوية قصوى للسلطات الليبية”، داعية كافة الأطراف الليبية إلى “استلهام قيم التضحية والتقارب التي يرمز إليها العيد من أجل اتخاذ المواقف والقرارات الضرورية لحفظ المصلحة العليا لليبيا وضمان الرخاء لجميع مواطنيها”.
وجدّدت خوري التأكيد على أن بعثة الأمم المتحدة ملتزمة، في إطار مساعيها الحميدة وتماشيا مع ولايتها، بالعمل مع جميع الأطراف لإنهاء الأوضاع الراهنة والحفاظ على وحدة ليبيا وسيادتها وضمان حاضر ومستقبل مستقرين ومزدهرين لجميع أبنائها، وفق نص البيان.
كبار المسؤولين في ليبيا حاولوا التنصل من تبعات الوضع المأزوم عبر تقديم التهاني دون الخوض في الوضع العام للبلاد
من جانبها، دعت بعثة الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا والبعثات الدبلوماسية للدول الأعضاء بالاتحاد القادة الليبيين إلى “العمل معا للوصول إلى حل سياسي دائم، يمهد الطريق لحكومة موحدة تفضي إلى إجراء انتخابات”، ورأت في بيان موحد، أن الشعب الليبي يستحق أن تمثله هيئات شرعية، يتم تشكيلها من خلال تصويت شفاف وذي مصداقية، وتعهدت بمواصلة الاتحاد الأوروبي دعم جهود الوساطة التي تبذلها بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، خلال ما وصفته بـ”هذه المرحلة الصعبة بشكل خاص”.
وأشاد البعثات الأوروبية بما وصفته بالجهود الدؤوبة التي بذلها رئيس البعثة الأممية عبدالله باتيلي، المستقيل من منصبه، منذ تعيينه في سبتمبر عام 2022 لتسهيل عملية سياسية بقيادة ليبية وملكية ليبية، لكنه أقرّ بالحاجة الملحة إلى اتفاق المجتمع الدولي على طريق متضافر للمضي قدماً بتوجيه من الأمم المتحدة.
وكانت ليبيا عرفت خلال الأيام الماضية تكدسا أمام المصارف بسبب أزمة السيولة، في ما عجزت نسبة كبيرة من الأسر على شراء الأضاحي بسبب غلاء الأسعار وتأخر الرواتب.
وحاول كبار المسؤولين في غرب ليبيا وشرقها التنصل من تبعات الوضع المأزوم بالتركيز على تقديم التهاني دون الخوض في الوضع العام للبلاد ، فقد هنّأ رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة، “الشعب الليبي والأمة الإسلامية جمعاء بمناسبة حلول عيد الأضحى المبارك” ، وقال “نسأل الله أن يعيده علينا جميعاً بالخير واليمن والبركات، وأن يحفظ على بلدنا الأمن والاستقرار والازدهار، كل عام وأنتم بخير”، بينما اكتفى القائد العام للجيش الوطني الجنرال خليفة حفتر بتهنئة الشعب الليبي والأمة العربية والإسلامية بمناسبة حلول عيد الأضحى المُبارك، وغرد رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي بالقول “يطيب لي في هذه الأيام المباركة أن أتوجّه إلى كافة الليبيين بالتهنئة الخالصة بمناسبة عيد الأضحى المبارك، أعاده الله على شعبنا وأمتنا العربية والإسلامية باليمن والخير والبركات”.
وعرفت المدن الليبية الكبرى مثل طرابلس ومصراتة والزاوية وبنغازي ودرنة تجمعات للمصلين الذين أدوا صلاة العيد بحضور الشخصيات البارزة في البلاد.
المفوضية الوطنية العليا للانتخابات أعلنت عن استمرار منظومة تسجيل الناخبين في استقبال طلبات التسجيل في انتخاب المجالس البلدية طوال أيام عطلة عيد الأضحى
إلى ذلك، أطلق الحرس البلدي في بنغازي حملات للنظافة داخل الأحياء، بالتعاون مع شركة الخدمات العامة لإزالة آثار الأضاحي المنتشرة في الشوارع والطرقات، بعد اليوم الأول من عيد الأضحى المبارك.
وقال الجهاز في بيان له إن الحملة تركز على مكافحة الظواهر السلبية المتعلقة بذبح الأضاحي في الطرقات، معتبرا أن هذه الممارسات غير قانونية وتتسبب في تشويه المنظر العام للشوارع وتجمع الحشرات وانتشار الروائح الكريهة.
وأضاف في بيانه “الظاهرة تشكل مشكلة بيئية خطيرة، حيث يتسبب ذبح الأضاحي في الأماكن غير المخصصة لذلك في تلوث اللحوم نتيجة عدم الالتزام بشروط الذبح الصحيحة، مما قد يؤدي إلى مخاطر صحية كبيرة على المستهلكين”، مشيرا إلى التنسيق مع شركة الخدمات العامة لتكثيف حملات التنظيف قبل ذبح الأضاحي وبعده، مع التركيز على إزالة مخلفات الذبح بصورة سريعة وفعالة.
في سياق متصل بلغ إجمالي عدد حالات الإصابات المسجلة جراء الاستخدام الخاطئ للسكاكين وآلات التقطيع، في أول أيام عيد الأضحى المبارك في ليبيا 1650 حالة، موثقة في مستشفيات (الجلاء بنغازي، الحروق والتجميل ـ طرابلس، مركز مصراتة الطبي).
وقال الدكتور مصطفى بن ارحيّم، استشاري جراحة حروق وتجميل، نسجل سنويًا داخل مستشفى جراحة الحروق والتجميل بطرابلس، إحصائيات بمستويات كبيرة للإصابات المرتبطة باستعمال الأدوات الحادة، واستعمال البنزين لإشعال فحم شواء اللحوم، وأضاف أن 90 في المئة من الإصابات المسجلة ناتجة عن الاستخدام الخاطئ لأدوات وآلات تقطيع اللحوم، وهي حالات تحتاج إلى جراحات في اليد، وتتراوح الإصابات بين البسيطة إلى القطع الكامل للرسغ وكسور في عظام اليد، ويتم تحويل الحالات من داخل مدينة طرابلس وخارجها، مردفا أن مستشفى جراحة الحروق والتجميل بطرابلس يسجل خلال أيام عيد الأضحى المبارك إصابات بين الأطفال، كقطع الأوتار وقطع الأصابع وقطع اليد نتيجة استخدام أدوات وآلات تقطيع اللحوم، وذلك بسبب إهمال والدي الطفل وعدم حرصهما على سلامته.
وفي الأثناء، أعلنت المفوضية الوطنية العليا للانتخابات عن استمرار منظومة تسجيل الناخبين في استقبال طلبات التسجيل في انتخاب المجالس البلدية طوال أيام عطلة عيد الأضحى المبارك.
وقالت إنه على الراغبين في التسجيل اغتنام الفرصة والمبادرة بإدراج أسمائهم في المنظومة، مشيرة إلى أن 106 مجالس بلدية مستهدفة بالانتخابات العام الجاري، معتبرة أن التسجيل في انتخابات المجالس البلدية هو تسجيل جديد كليا، ويقوم على أساس الإقامة في البلدية التي سينتخب فيها مقدم طلب التسجيل.
ومن المقرر أن يستمر التسجيل لبلديات المرحلة الأولى المقدر بـ60 بلدية حتى 23 يونيو الجاري.