الأزمة المالية تدفع مسقط للالتحاق بفرض الضرائب الخليجية

اضطرت سلطنة عمان أخيرا إلى إقرار ضرائب انتقائية لتلتحق بجاراتها في منطقة الخليج، في ظل توقعات أن يدفعها اختلال التوازنات المالية إلى فرض ضرائب أخرى مثل ضريبة القيمة المضافة التي طبقتها السعودية والإمارات والكويت.
مسقط - أصدر سلطان عمان قابوس بن سعيد مرسوما يقر فيه قانون الضريبة الانتقائية في البلاد، في خطوة تعكس حجم الأزمة التي تعاني منها الدولة الخليجية.
وبهذا القرار تكون عُمان رابع دولة خليجية بعد كل من السعودية والإمارات اللتين كانتا سباقتين في تطبيق الضريبة مع مطلع العام الماضي ثم تلتهما الكويت مع بداية العام الحالي.
ويرى مراقبون أن مسقط قد تضطر إلى تطبيق ضريبة القيمة المضافة كما فعلت جاراتها باستثناء قطر والكويت لمعالجة الاختلال في التوازنات المالية وإصلاح الأوضاع على أسس مستدامة.
وتأجل فرض الضريبة لأسباب فنية ومخاوف من أن تضر بالنمو والاستثمار، وستظل أسعار النفط العامل الرئيسي الذي يؤثر على الإيرادات في جميع الأحوال.
وذكرت وكالة الأنباء العمانية الرسمية أن الضريبة الانتقائية تشمل جميع أنواع التبغ ومشتقاته والمشروبات الغازية ومشروبات الطاقة، وتشمل إنتاج السلع الانتقائية في المملكة واستيرادها، والإفراج عنها من المناطق الحرة، وتخزينها.
وتستهدف الضريبة الحد من استهلاك بعض السلع الضارة كالسجائر والمشروبات الغازية من خلال فرض رسوم كبيرة عليها تصل حتى إلى 100 بالمئة.
ونسبت الصحافة المحلية لرئيس اللجنة الاقتصادية في مجلس الشورى صالح بن مسن الكثيري قوله إن “تطبيق الضريبة الانتقائية سوف يوسّع الوعاء الضريبي وسيؤدي إلى حصيلة ضريبية تصل إلى حدود 100 مليون ريال (260 مليون دولار) سنويا”.
وسيكون على الوزير المسؤول عن الشؤون المالية، تنفيذ اللائحة للقانون المرفق خلال مدة لا تزيد على 6 أشهر من تاريخ العمل به.
وقرر المرسوم السلطاني إلغاء كل ما يخالف القانون المرفق، أو يتعارض مع أحكامه. وتضمن أيضا نشر المرسوم في الجريدة الرسمية، ويُعمَل به من اليوم التالي لانقضاء 90 يوما من تاريخ نشره، دون تحديد موعد.
ويتوقع أن تعمل مسقط بعد بدء تطبيق الضريبة على تشديد مراقبة جميع المنافذ البرية والبحرية والجوية بالتعاون مع الجهات المعنية خاصة الجمارك لاتخاذ إجراءات التطبيق والعمل بهذه الخطوة.
ويؤكد محللون أن القرار سيساعد الدولة الخليجية النفطية غير العضو في منظمة أوبك على زيادة إيراداتها غير النفطية والمنسجمة مع إستراتيجيتها لإصلاح الاقتصاد وتحقيق “رؤية 2040” المتعلقة بتنويع مصادر الدخل.
وتستند الضريبة الانتقائية إلى قرار المجلس الأعلى لقادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في دورته الـ36، التي عقدت في العاصمة السعودية الرياض في عام 2015.
ويؤكد الخبراء والمؤسسات المالية العالمية مثل صندوق النقد الدولي أن تلك الضريبة تمثل أداة فعالة لإرساء توازن المالية العامة وتعزيز استقرار المؤشرات المالية.
وفاجأت عُمان الأوساط الاقتصادية بزيادة الإنفاق في موازنة 2019 إلى مستوى أعلى غير مكترثة للعجز الكبير الذي سيتم تسجيله، ولتتجاهل كل تحذيرات وكالات التصنيف الدولية من مخاطر تعرض اقتصادها لمشكلة محتملة في طريق تنفيذ برنامجها الإصلاحي.
واستبعدت وكالة موديز في وقت سابق الأسبوع الجاري حاجة مسقط إلى حزمة إنقاذ مالية لمعالجة الاختلال في التوازنات المالية.
وقالت الوكالة، التي خفضت التصنيف الائتماني للدولة الخليجية، في تقرير إن “السلطنة لا تحتاج إلى خطة إنقاذ على غرار تلك التي ستتلقى البحرين دفعاتها على مدار الأشهر القادمة”.
ونسبت وكالة بلومبرغ الأميركية للأنباء الاقتصادية الخميس إلى ألكسندر بيرجيسي، كبير المحللين في موديز، قوله إن “عُمان ليست لديها ديون مستحقة قريبا، ولديها ما يكفي من المقومات لتجاوز أي اضطرابات محتملة في الأشهر القادمة”.
وأضاف أن “السلطنة لديها احتياطات كافية من النقد الأجنبي، إلى جانب تقديرات بوجود 15 مليار دولار أخرى في أصول سائلة لدى صندوق الثروة السيادي”.
وأوضح أن الظروف المبدئية مختلفة تماما لأن عُمان تبدأ من موقف أقوى بكثير مما كانت عليه البحرين قبل عام، وهذا ينعكس في التصنيف.
وتقول الحكومة إنها ستمول 86 بالمئة من العجز في ميزانية 2019 من خلال الاقتراض من السوقين المحلية والخارجية، وأما الباقي فسيتم الحصول عليه من الاحتياطات النقدية لدى البنك المركزي.
وخفضت موديز الأسبوع الماضي التصنيف الائتماني لعمان، وسط توقعات بعدم تحسن المقاييس المالية الخاصة بالدولة في القريب العاجل.
وخفضت الوكالة تصنيف الدولة الخليجية درجة واحدة إلى بي.أي 1، وهو أقل من مستوى جذب الاستثمار بمستوى واحد، مع نظرة مستقبلية سلبية.
وتوقعت المؤسسة أن يظل العجز المالي للسلطنة مرتفعا، ويتراوح من 7 إلى 11 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، على مدار السنوات الثلاث القادمة.
وأصبحت موديز بذلك واحدة من ثلاث مؤسسات بارزة للتصنيف الائتماني تخفض تصنيف سلطنة عمان إلى مستوى غير جاذب للاستثمار.
وكانت ستاندرد آند بورز خفضت تصنيفها إلى بي.بي، أي مستويين دون مستوى جذب الاستثمار، كما خفضته مؤسسة فيتش إلى مستوى واحد دون درجة الاستثمار.