الأزمة السياسية في ليبيا تعمق الانقسام داخل المجلس الأعلى للدولة

طرابلس - عمقت الأزمة السياسية في ليبيا الانقسام الحاصل داخل المجلس الأعلى للدولة، وهو هيئة استشارية، تأسس بموجب اتفاق الصخيرات في العام 2015، ومن مهامه إبداء رأيه في مشاريع قوانين واتفاقيات دولية تعرضها الحكومة، قبل أن تتم إحالتها على مجلس النواب.
ويواجه المجلس انقساما عموديا بين شق موال لرئيسه خالد المشري، وشق آخر يقوده رئيس المجلس السابق عبدالرحمن السويحلي، القريب من رئيس حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها عبدالحميد الدبيبة.
وآخر تمظهرات هذا الانقسام البيان الذي أصدره المجلس الأعلى للدولة، والرافض لقيام السويحلي وعدد من الأعضاء الموالين له بتقديم طعن في شرعية تكليف المستشار الصديق الصور نائبا عاما.
مجلس الدولة يواجه انقساما عموديا بين شق موال لرئيسه خالد المشري، وشق آخر يقوده عبدالرحمن السويحلي
وأكد المجلس الأعلى للدولة الليبي السبت صحة الإجراءات المتبعة لاختيار وتعيين النائب العام في البلاد. وقال المجلس في بيانه إن “الصور انتُخب من قبل المجلس الأعلى للقضاء نائبًا عامًّا بـ12 صوتًا من أصل 14”.
وأضاف المجلس الأعلى “كما صوّت مجلس النواب على اختياره نائبًا عامًا ووافق مجلس الدولة على ذلك بتصويت 55 عضوا، مقابل 4 رافضين، و25 امتنعوا عن التصويت”.
ولفت إلى أنه “سلّم بالآلية التنسيقية التي انتهى إليها المجلس الأعلى للقضاء في اجتماعه في 12 أبريل 2021”.
وأقرت الآلية التنسيقية أن “يحترم المجلس الأعلى للدولة ومجلس النواب الاستقلال التام للسلطة القضائية، أثناء اتفاقهما على تعيين شاغلي منصبَي النائب العام ورئيس المحكمة العليا”.
وأوضح المجلس الأعلى أن “دور المجلسين اقتصر على قبول أو رفض الترشيحات المقدّمة من المجلس الأعلى للقضاء”. وشدد في بيانه على أن مبدأه الأساسي هو “عدم الزج بالمؤسسة القضائية في المناكفات والصراعات السياسية، والحفاظ على استقلالها”.
وتقدّم أعضاء من مجلس الدولة، من بينهم رئيسه السابق السويحلي، بطعن أمام المحكمة العليا ضد قرار تعيين الصور الذي وصفوه بـ “غير الدستوري”.
واعتبرت أوساط سياسية ليبية أن خطوة السويحلي وباقي الأعضاء، والتي أتت بعد أكثر من عام ونصف العام على اختيار الصور نائبا عاما، ذات خلفية سياسية، في علاقة بانتقادات تواجه النائب العام بانحيازه إلى رئيس مجلس الدولة، وأيضا إلى رئيس مجلس النواب عقيلة صالح في الصراع القائم مع حكومة الدبيبة.
ولم تستبعد هذه الأوساط أن يكون قرار أعضاء مجلس الدولة مرتبطا أساسا بالتحقيقات التي فتحتها النيابة العامة في حق رئيس محافظ المصرف المركزي المقال علي الحبري في اتهامات فساد موجهة له بشأن ملف إعادة إعمار مدينتي بنغازي ودرنة.
مجلسا النواب والدولة يسعى إلى وضع آلية لتغيير شاغلي المناصب السيادية، وفق اتفاق جرى في المغرب بين رئيسيهما عقيلة صالح وخالد المشري
وانتخب مجلس النواب في الثاني من أكتوبر 2021 رئيس قسم التحقيقات في مكتب النائب العام الصديق الصور لمنصب النائب العام، “من بين 8 من أعضاء هيئات قضائية رشّحهم المجلس الأعلى للقضاء للمنصب”.
وتأتي تلك الخطوة في إطار جهود لتوحيد المؤسسات العامة المنقسمة وضمن مساعٍ لإنهاء النزاع في البلد الغني بالنفط.
وفي هذا السياق يسعى مجلسا النواب والدولة إلى وضع آلية لتغيير شاغلي المناصب السيادية، وفق اتفاق جرى في المغرب بين رئيسيهما عقيلة صالح وخالد المشري في الحادي والعشرين من أكتوبر الماضي.
وينصّ اتفاق المغرب على توحيد السلطة التنفيذية ومتابعة مساعي توافق المجلسين على قاعدة دستورية تقود إلى انتخابات تنهي الأزمة في البلاد.
واحتدّت الأزمة في ليبيا بتفجر نزاع بين حكومتين، الأولى كلّفها مجلس النواب في مارس الماضي برئاسة فتحي باشاغا، والثانية حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبدالحميد الدبيبة الذي يرفض تسليم السلطة إلا لحكومة تكلف من قبل برلمان جديد منتخب.