الأزمة السياسية تعيد التواصل بين محسن مرزوق ونداء تونس

محسن مرزوق يؤكد استعداده لطيّ صفحة الماضي والجلوس مع حافظ قائد السبسي للبحث عن مخرج للمأزق السياسي.
الأربعاء 2018/06/06
تقارب مرزوق والسبسي يشعل الخلافات داخل حركة مشروع تونس

تونس – أعادت الأزمة السياسية التي تعيشها تونس التواصل بين رئيس حركة مشروع تونس محسن مرزوق وحزب نداء تونس الذي كان أحد أبرز مؤسسيه.

وقالت مصادر مطلعة لـ “العرب” إن لقاء جمع مؤخرا المدير التنفيذي لنداء تونس حافظ قائد السبسي بمحسن مرزوق في إطار البحث عن معادلة سياسية جديدة قد تمكّن الحزب من المحافظة على قوته ومن سحب البساط من تحت أقدام رئيس الحكومة يوسف الشاهد المراهن على دعم كتلة مشروع تونس داخل البرلمان لمواصلة ترؤس الحكومة إلى حدود عام 2019.

وتعيش تونس على وقع أزمة سياسية بسبب خلافات حول مصير حكومة يوسف الشاهد، حيث أجمعت الأطراف الموقعة على وثيقة قرطاج على ضرورة رحيلها باستثناء حركة النهضة.

ويأتي تقارب مرزوق ونداء تونس إثر قطيعة دامت قرابة ثلاث سنوات بعد انشقاق محسن مرزوق، مدير الديوان الرئاسي السابق، من الحزب واتهامه لحافظ قائد السبسي بالسطو على الحزب وتفكيكه عبر طرد كل قياداته المؤسسة تطبيقا لسياسة ما أسماه في أكثر من مرة بـ”التوريث”.

وكان محسن مرزوق أكد في تصريحات إذاعية محلية أنه مستعد لطيّ صفحة الماضي والجلوس مع حافظ قائد السبسي للبحث عن مخرج للمأزق السياسي الراهن بالبلاد.

وتجابه الخطوة التي أقدم عليها محسن مرزوق بغضب شديد من أغلبية قادة حركة مشروع تونس الرافضين لعودة التقارب مع نجل الرئيس خصوصا أن أكثرهم كان قد انشق عن حزب نداء تونس في عام 2015 رفضا لما أسموه بسطو نجل الرئيس على الحزب الفائز في الانتخابات التشريعية والرئاسية عام 2014.

ويثير هذا التقارب مخاوف من حدوث انشقاقات داخل حركة مشروع تونس التي تشهد بدورها تململا بسبب اتهامات لرئيسها بالتفرد في اتخاذ القرارات.

الصحبي بن فرج: أغلبية قيادات مشروع تونس ترفض التواصل مع حافظ قائد السبسي
الصحبي بن فرج: أغلبية قيادات مشروع تونس ترفض التواصل مع حافظ قائد السبسي

وكشفت مصادر مطلعة على كواليس حزب حركة مشروع تونس لـ” العرب” عن وجود اجتماعات مكثفة يقودها نواب كتلة الحرة وقيادات من حركة مشروع تونس قد تفضي إلى إعلان استقالاتهم من الحزب في الساعات القليلة القادمة في حال تشبّث محسن مرزوق بالتقارب مع حافظ قائد السبسي.

وأضافت المصادر أن “نواب كتلة الحرة لن ينساقوا وراء خطوات محسن مرزوق التي ستعدمه وتعدم الحزب من الناحية السياسية خصوصا أن حافظ قائد السبسي مهدد بخسارة منصبه الحزبي إذا نجحت قيادات مؤسسة ومستقيلة من حزب نداء تونس في إعادة لملمة شتاته”.

وأطلق عدد من المستقيلين من حزب نداء تونس، مبادرة للتصدي لانقسام الحزب من جديد على خلفية ما يتواتر من أنباء تشير إلى عزم يوسف الشاهد على تأسيس حزب على أنقاض نداء تونس استعدادا للانتخابات الرئاسية 2019.

وتحاول القيادات المستقيلة من الحزب إعادة ترتيب أوضاعه من خلال إقصاء حافظ قائد السبسي وطرد كل القيادات الجديدة كبرهان بسيّس ووسام السعيدي.

وكان انسحاب محسن مرزوق وعدد من القيادات الأخرى من نداء تونس احتجاجا على التحالف مع حركة النهضة، مقدمة لسلسلة من الانشقاقات التي عصفت بالحزب.

ويرى مراقبون أن محسن مرزوق اختار انتهاج خطوة التقارب مع نداء تونس لإدراكه أن الحزب وقع في مأزق بسبب تمسكه بإقالة يوسف الشاهد مقابل تشبث النهضة ببقائه، لذلك يحاول استغلال الفرصة لطرح نفسه كخيار مستقبلي. وأكّد الصحبي بن فرج القيادي والنائب بكتلة الحرة لحركة مشروع تونس لـ”العرب” أن أغلبية القيادات والنواب يرفضون رفضا قاطعا الالتقاء مجدّدا بحافظ قائد السبسي الذي سطا سابقا على حزب نداء تونس واختار التحالف مع حركة النهضة الإسلامية.

وبدوره، كشف سهيل العلويني القيادي بحركة مشروع تونس لـ “العرب” عن وجود مفاوضات جدية بين قيادات حزب حركة مشروع تونس ونواب كتلة الحرة قد تفضي إلى الاستقالة من الحزب بسبب تعنّت محسن مرزوق وتفرّده في أخذ القرارات والخيارات.

واستغرب العلويني الخطوة التي أقدم عليها مرزوق خصوصا أنه كان من أهم الداعين إلى محاصرة حافظ قائد السبسي وعزله من قيادة حزب نداء تونس.

ودعا محسن مرزوق إثر التقائه بحافظ قائد السبسي عدة شخصيات سياسية، مثل ياسين ابراهيم رئيس حزب آفاق تونس أو ناجي جلول وزير التربية السابق، إلى الالتفاف والالتقاء به وبنجل الرئيس لتكوين ائتلاف سياسي قوي.

وقال ناجي جلول رئيس المعهد التونسي للدراسات الاستراتيجية في تصريح لـ”العرب” إنه لا يرفض التقاء أصحاب المشروع الوطني العصري الديمقراطي في حزب واحد، مؤكّدا ضرورة تأسيس تشكيل سياسي جديد يكون قادرا على منافسة حركة النهضة الإسلامية.

وأكّد أن المرحلة تتطلب التفاف كل أبناء الفكر الديمقراطي الوسطي واليساري حول مشروع سياسي موحّد يكون قادرا على خلق توازن في المشهد السياسي بالبلاد، مشدّدا على أن مرحلة نداء تونس كحزب جامع لكل هذه التيارات انتهت منذ مدة.

4