الأزمات هاجس يطارد ترميم فوضى منظمة التجارة العالمية

الاختلافات العميقة لا تتيح فرصة لتحقيق تقدم خلال قمة أبوظبي.
الأربعاء 2024/02/14
سقف الأعباء مرتفع للغاية

تواجه منظمة التجارة العالمية تحديات جديدة لإعادة توجيه بوصلة أولوياتها في ظل تراكم الأزمات العالمية، لاسيما مع استمرار الانتقادات لهذا المؤسسة جراء تقاعسها في مراجعة سياساتها، بعد ثبوت عجزها في كل مرة عن مواجهة الصدمات.

جنيف- يترقب الخبراء والمحللون ما ستفضي إليه النقاشات داخل منظمة التجارة العالمية المقررة نهاية الشهر الحالي في أبوظبي أثناء أكبر اجتماع وزاري سعيا لإحياء دورها المحوري في تحفيز المبادلات السلعية واستدامة سلاسل الإمداد.

وتطمح المنظمة إلى تحقيق نتائج خلال قمتها الوزارية نهاية فبراير الجاري المقررة في العاصمة الإماراتية أبوظبي، إلا أن الاختلافات العميقة لا تتيح فرصة لتحقيق تقدم رئيسي في خضم سنة انتخابية في الولايات المتحدة.

وانتهت القمة الوزارية للمنظمة قبل سنتين على نجاح نسبي مع اتفاقات حول مصايد الأسماك وبراءات اللقاحات المضادة لكوفيد والإرادة على إصلاح منظمة التجارة العالمية.

رشيد كوكب: من المستبعد حصول أمر جذري ولا توجد حلول لكل شيء
رشيد كوكب: من المستبعد حصول أمر جذري ولا توجد حلول لكل شيء

لكن قبل أسبوعين على انطلاق المؤتمر الوزاري الثالث عشر الذي يعقد على مدار أربعة أيام بداية من السادس والعشرين من هذا الشهر، يرى مراقبون أن تحقيق نتائج ليس مؤكدا بعد.

وفي حين أكد أحد الدبلوماسيين الغربيين أن “المعركة ستكون قاسية”، وقال رشيد كوكب الأستاذ في المعهد الدولي في جنيف لوكالة فرانس برس “يجب أن تكون التوقعات معتدلة. لن يحصل أمر جذري ولن توجد حلول لكل شيء”.

وتُلقي الاضطرابات في ممر البحر الأحمر، منذ أن بدأت جماعة الحوثي مهاجمة السفن الداعمة لإسرائيل في سياق مساندتها حماس في حربها مع إسرائيل، على الاجتماع المرتقب.

وقال رئيس غرفة التجارة الدولية جون دنتون إنه مع أزمة البحر الأحمر التي تؤثر على النقل البحري العالمي “تقام القمة الوزارية في منطقة من العالم تشهد صعوبات”. لكنه أشار إلى عنصر إيجابي يتمثل في “القيادة القوية” للإمارات التي سترأس القمة والمديرة العامة للمنظمة نغوزي أوكونغو-إيوالا.

وتبدو الحروب التجارية القائمة أصلا بين الولايات المتحدة والصين، وهما أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم، أحد العوامل الصعبة التي تزيد من تعقيدات استدامة الامدادات إلى الأسواق الدولية.

وحددت قمة 2022 مسبقا جزءا كبيرا من برنامج قمة أبوظبي ومنها مصايد الأسماك والتجارة الالكترونية وإصلاح منظمة التجارة العالمية.

ويرى كثيرون أن القمة ستسجل نجاحا في حال التوصل إلى اتفاق جديد حول مكافحة تدابير الدعم المضر بمخزونات الأسماك. وهدف الاتفاق الذي أبرم في جنيف في عام 2022 إلى الاستجابة “لأكثر الحالات إثارة للقلق” مثل الصيد غير المشروع.

وأوضح تريستان إيرشلينغر من المعهد الدولي للتنمية المستدامة أن “الهدف من هذه الدفعة الثانية من المفاوضات هو النظر في الأسباب العميقة للمشكلة” مع “قواعد أشمل” مثل منع تدابير الدعم التي تساهم في قدرة الانتاج الزائدة والصيد الجائر”.

اضطرابات البحر الأحمر والحروب التجارية القائمة بين الولايات المتحدة تلقى بظلالها على الاجتماع المرتقب

ويتوقع توقيع عدة اعلانات وزارية من بينها واحد عن التلوث بالبلاستيك فضلا عن قرار حول اعتماد مرونة أكبر في المهل الممنوحة لأقل الدول تقدما عندما تخرج من هذه الفئة.

لكن لا يتضمن برنامج القمة أي نص رئيسي. وأوضح كوكب أنه منذ عقد من الزمن تقريبا تتقدم الدول “بشكل تدريجي” في المفاوضات كما الحال على صعيد صيد الأسماك لتجاوز الخلافات التجارية.

ومع ذلك لا تزال المواقف تتابين بشأن هذا التفاؤل المفرط في التوصل إلى حلول على مستوى منظمة ظلت عاجزة لأعوام عن حل أبسط الخلافات بين الدول ولم تتمكن من الحفاظ على مستوى معقول من الثقة في نشاطها.

وتعرض الاقتصاد العالمي إلى هزّة كبيرة منذ تفشي وباء كوفيد، والذي شهد الإغلاق الكبير وتوقف الإمدادات العالمية بسبب مخاوف الإصابة بتافايروس، مما ألقى بتصنيفات ائتمانية سلبية على الحكومات والشركات حول العالم.

وبعد ذلك، تسبب اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا نهاية فبراير 2022 في جعل التضخم يصل إلى مستويات قياسية مع ارتفاع أسعار النفط والغاز وباتت معه التكاليف أكثر قسوة مما أدى إلى تعثر الشركات وبروز موجة من شطب الوظائف.

بابلو بينتيس: الجميع يدرك أن الانتخابات الأميركية تؤثر على الإصلاح
بابلو بينتيس: الجميع يدرك أن الانتخابات الأميركية تؤثر على الإصلاح

وسيكون الأمن الغذائي على جدول اجتماع قمة أبوظبي إذ أن الهند وحلفاءها في المنظمة ومن بينهم الصين، يطالبون باتفاق دائم حول حق الدول النامية في تشكيل مخزونات غذائية رسمية. إلا ان خلافات عميقة لا تزال قائمة على هذا الصعيد.

لكن يرى كثيرون أن هذا اللقاء يشكل “الفرصة الأخيرة” لإصلاح المنظمة قبل احتمال عودة الرئيس الأميركي الجمهوري السابق دونالد ترامب إلى السلطة. وكان ترامب خلال ولاياته الرئاسية قبل أن يخسر الانتخابات في 2020 أمام منافسه الديموقراطي جو بايدن، قد هدد بسحب الولايات المتحدة من منظمة التجارة العالمية.

وأوضح بابلو بينتيس الخبير بشؤون منظمة التجارة العالمية لدى بايكر ماكينزني لوكالة فرانس برس “يدرك الجميع هذه الديناميكية وكيفية تأثير الانتخابات الأميركية على نتائج القمة ولا سيما على صعيد الإصلاح”.

إلا ان المباحثات حول الاصلاح الذي تطالب به دول عدة من بينها الولايات المتحدة، تتعثر، فواشنطن وعواصم أخرى تريد أن تعتمد بعض الدول شفافية أكبر حول تدابير الدعم المتخذة فيها.

ولا تحظى بموافقة الجميع قاعدة منظمة التجارة العالمية بترك الحرية لكل دولة ومن بينها الصين لتصنف نفسها على أنها “نامية”، والاستفادة تاليا من مخصصات.

وأشار بينتيس إلى أن “بعض الأطراف مثل الولايات المتحدة تريد اعتماد برنامج اصلاح طموح جدا، لكن عددا كبيرا من أعضاء منظمة التجارة العالمية مترددون أو أنهم لا يرون أن ثمة حاجة إلى إصلاح النظام”.

ولا يتوقع كذلك التوصل إلى حل حول اصلاح محكمة الاستئناف في آلية تسوية الخلافات التي تعارضها الولايات المتحدة بشدة. وهذه الهيئة مشلولة منذ 2019 لأن واشنطن تعطل تجديد القضاة.

وقال دبلوماسي غربي، لم تذكر فرانس برس هويته، إنه “من غير المرجح أن يتوصلوا إلى حل يسمح للأميركيين بتمرير المشروع في الكونغرس خلال هذه السنة الانتخابية”.

10