الأزمات المزمنة تتصدر نقاشات المؤتمر السادس لنقابة الصحافيين المصريين

القاهرة - وجدت نقابة الصحافيين المصريين في انعقاد مؤتمرها العام السادس فرصة لاقتحام بعض الأزمات المزمنة التي تعاني منها المؤسسات الصحفية وتضييق الخناق على تدفق المعلومات والحريات، وقررت تحريك الجمود الحاصل في مسألة التشريعات المنظمة للعمل، وسط قناعة فئات كبيرة من الصحافيين بأن نقابتهم ستواجه صعوبات للإصلاح، وقد تقف عند حد طرح الرؤى والأفكار في المؤتمر العام.
وتشهد النقابة اجتماعات وندوات منذ بداية مايو الجاري تناقش ملفات مفترض عرضها على المؤتمر المزمع انعقاده في يونيو المقبل، ودعت أعضاء الجمعية العمومية ورؤساء تحرير الكثير من الصحف لعرض رؤاهم حول كيفية تطوير الأداء المهني وتحسين أوضاع الصحافيين والتعامل مع الأزمات الاقتصادية الصعبة.
ويناقش المؤتمر أوضاع المهنة ومستقبلها من خلال ثلاثة محاور رئيسية، الأول: يتعلق بالتحديات التي تواجه الصحافة الورقية والإلكترونية، والثاني: يختص بالأوضاع الاقتصادية للصحافة والصحافيين وكيفية الخروج من المأزق الحالي، والثالث: يهتم بالتشريعات والحريات وتطوير التشريعات لتحرير الصحافة من قيودها.
وبدت الملفات الثلاثة حاضرة بقوة في نقاشات الصحافيين منذ فترة، لكنها ساكنة على مستوى القدرة لتحريكها، ويعول مجلس النقابة الحالي الذي يضم عددا من المستقلين على إقناع جهات حكومية بالحصول على نتائج إيجابية على مستوى التشريعات التي تضمن حرية تداول المعلومات وتحد من التدخلات الرسمية في مستقبل الصحف.
ويشير مراقبون إلى أن المؤتمر السنوي السادس قد يكون الأكثر اهتمامًا وحضوراً من جانب أعضاء الجمعية العمومية للصحافيين بعد أن تمكن المجلس الحالي من إعادة الصلة بين الأعضاء والنقابة، إلى جانب وجود جيل صاعد يريد تحقيق أهداف تخدم المستقبل في ما يتعلق بانضمام صحافيي المواقع الإلكترونية إلى النقابة، ويشكل هؤلاء قاعدة كبيرة وسط شباب الصحافيين.
وقال سكرتير عام نقابة الصحافيين جمال عبدالرحيم إن المؤتمر يركز في دورته الحالية على تحديات صناعة الصحافة الورقية، وأن هناك رغبة قوية لتقديم مقترحات تضمن عدم انهيار الصحف الورقية باعتبارها ضمن أبرز عوامل القوة الناعمة للدولة، وأن أبرز ما جرى النقاش حوله يتعلق بكيفية تغيير فلسفة الصحف ليكون هدفها البحث في ما وراء الخبر وليس مجرد نقله، غير أن ذلك يتطلب أجواء تتسم بالمزيد من الحريات التي تحاول النقابة الضغط باتجاه تعزيزها الفترة المقبلة.
وأضاف في تصريح لـ”العرب” أن تطوير الصحافة الورقية لا ينفصل عن دعم توجهات تدريب العاملين بها، وهو أمر توليه النقابة اهتماما كبيرا حاليا، علاوة على وضع حلول للتعامل مع مشكلات اقتصاديات المؤسسات الصحفية التي تتعلق بتكلفة الطباعة وأسعار الورق والأحبار، والنقابة في انتظار الاستماع لمقترحات الصحافيين بشأن التعامل مع تلك الملفات وإمكانية تنفيذها بالتعاون مع الهيئات الإعلامية الأخرى.
ولفت إلى أن محور التشريعات على رأس القضايا التي ستأخذ حيزا واسعا من النقاشات، وقد توافق مجلس النقابة على إدخال تعديلات على مواد بعينها في قانون النقابة الذي وضع مطلع سبعينات القرن الماضي، ولم تعد بعض بنوده تواكب العصر، وتعمل النقابة على إدخال تعديلات عبر التوافق على المواد المطلوب إعادة صياغتها، ثم عرضها على الجمعية العمومية لإقرارها وفقًا لتصويت الصحافيين.
وأكد جمال عبدالرحيم لـ”العرب” أن أبرز المواد المزمع تعديلها تتعلق بقبول الصحافيين بالمواقع الإلكترونية بجداول النقابة، ولذلك فالصحافة الإلكترونية وهمومها حاضرة في المؤتمر، وستطرح مسألة زيادة أعضاء مجلس نقابة الصحافيين والعدول عن بعض المصطلحات التي لم تعد موجودة، مثل الاتحاد الاشتراكي ووزارة الإرشاد القومي (الإعلام).
كما ستطالب النقابة بتعديلات على القوانين الخاصة بالصحافة والإعلام والتي صدرت عام 2018، ومنحت الحق للهيئة الوطنية للصحافة بدمج الصحف وإغلاقها، وتعديل القانون المنظم للمجلس الأعلى للإعلام ويشترط على المصورين الحصول على ترخيص للتصوير في الشارع.
ويقلل البعض من قدرة النقابة على الضغط باتجاه تنفيذ مطالبها، لأن قوانين الإعلام شهدت جدلاً عند إقرارها منذ ست سنوات، ورفضت الحكومة الضغوط التي مورست عليها، ومررت قوانينها داخل البرلمان، وأن الأجواء العامة حاليا لا تشي بحدوث تحول في الرؤية الرسمية، وقد تجد النقابة نفسها في صدام مع الحكومة، وأن ضغطها قد يكون ضعيفًا ولن يحقق الهدف المرجو.
وعقدت نقابة الصحافيين اجتماعًا مع أعضاء البرلمان (مجلسي النواب والشيوخ) من المنتمين إلى الجماعة الصحفية مؤخرا، في إطار التحضير للمؤتمر العام السادس، وتطرّق للتعديلات التشريعية المطلوبة، وتلقت النقابة وعوداً من المنتمين إليها وأعضاء في البرلمان بدعم تلك القرارات داخله، وجرى الحديث حول قانون تداول المعلومات المحفوظ في أدراج البرلمان منذ فترة طويلة.
مراقبون يؤكدون أن المؤتمر السنوي السادس قد يكون الأكثر اهتمامًا وحضوراً من جانب أعضاء الجمعية العمومية للصحافيين بعد أن تمكن المجلس من إعادة الصلة بين الأعضاء والنقابة
وأوضح مقرر لجنة الدفاع عن استقلال الصحافة بشير العدل أن النقابة تسعى لتطوير علاقتها مع جميع الأجهزة الحكومية والجهات الإعلامية المختلفة، ما يمنحها قدرة على إثارة نقاش حول مستقبل المهنة، غير أن تحويل النقاشات إلى قرارات تنفيذية في حاجة إلى دعم حكومي، وهو أمر يصعب تحقيقه في الوقت الراهن، والكثير من القرارات التي صدرت في عهد المجالس السابقة لم يتم تنفيذها، ولا توجد قدرة على تطبيق رؤية الصحافيين في المشكلات المرتبطة بالمهنة.
وشدد في تصريح لـ”العرب” على أن مشكلة الصحافة في وجود ما يشبه الوصاية الحكومية منذ عصر الرئيس الأسبق حسني مبارك، وكل محاولات الخروج عنها لم تنجح، وأن ملف الأجور المهم الذي تتبناه النقابة لم يشهد تغييرا، على الرغم من توالي المطالبات بتعديله منذ سنوات، والحل بيد وزارة المالية التي تدبر الدرجات المالية والوظائف وتوفر بدل التدريب والتكنولوجيا المادي.
وتابع “نقابة الصحافيين تجد صعوبة في تنفيذ قراراتها على مستوى الصحف الحكومية، وبالتالي من الصعب الحديث عن إلزام الصحف الخاصة بتحسين الدخول”.
وأشار العدل إلى أن الحديث عن تغيير أو تعديل قانون النقابة من الموضوعات غير المتفق عليها وسط الجماعة الصحفية خشية خسارتهم لجزء من الامتيازات التي يمنحها لهم، ويمكن النظر إلى تعديل مواد بعينها تتوافق عليها الجمعية العمومية كحل مناسب، لأن الرقابة المهنية على أداء الصحافيين من أهم أدوار النقابة الغائبة التي لا يتطرق لها المؤتمر السادس بشكل قوي، مع أنها اللبنة الرئيسية لتحسين أوضاع الصحافيين، وأن غياب المهنية في بعض الأحيان وفقدان المجتمع الثقة في الكثير من الصحف سوف يؤثر سلبًا على قدرتها في التأثير على الرأي العام.
ويعقد المؤتمر العام لنقابة الصحافيين كل أربع سنوات، لكن دورته السابقة لم تعقد في ظل خلافات بين النقابة والحكومة على إثر واقعة اقتحام بعض قوات الأمن لمقر النقابة عام 2016، والذي شهد آخر مؤتمر، وعقد في ظروف صعبة، وخرج بتوصيات لم يتم تطبيق أغلبها، وجرت الاستجابة للمطالبة بإقرار قانون الهيئات الإعلامية بعد صدور التوصيات بنحو عامين.