الأزمات الدولية: تراجع تأثير الجماعات الجهادية على الشباب في تونس

تونس – كشفت منظمة الأزمات الدولية تراجع تأثير الجماعات السلفية الجهادية على الشباب في تونس، لافتة إلى تراجع قدرات التنظيمين عقبة بن نافع وجند الخلافة.
لكن المنظمة دعت في تقريرها الصادر الجمعة السلطات التونسية إلى إصلاح بعض تدابير مكافحة الإرهاب، محذرة من إمكانية أن تساهم في تغذية العودة إلى العنف في البلاد في وقت تشهد فيه هذه الظاهرة تراجعا.
وبيّن الباحث مايكل العياري في التقرير الذي ورد بعنوان "تراجع الإرهاب في تونس؟"، أن "البلاد غير مهددة بحركة جهادية جماهيرية ومسلحة".
وشهدت تونس منذ ثورة 2011 انتشارا لحركات وجماعات جهادية مسلحة نفذت هجمات دموية، استهدفت قوات الأمن والجيش وسياحا واشتدت وتيرتها في العام 2015.
وفي العام 2016 تم تأسيس مركز يعنى بدراسة الظاهرة الجهادية في مختلف جوانبها ودوافعها وأبعادها، يحمل اسم "المركز التونسي للبحوث والدراسات حول الإرهاب".
وقدرت تقارير الخبراء بين العام 2011 و2016 عدد الجهاديين التونسيين بأكثر من 5000 جهادي، من بينهم أكثر من 700 جهادية، نشط أغلبهم في معاقل تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا والعراق وليبيا، فيما نشطت العشرات من الخلايا داخل البلاد.
وكشفت التقارير أن الجماعات الجهادية ركزت على تجنيد طلبة الجامعات المتميزين في دراسة العلوم الحديثة مثل الطب وعلوم الكيمياء والفيزياء والتكنوجيات الحديثة، الأمر الذي بدا مؤشرا قويا على أنّ الظاهرة الجهادية شهدت تحولا نوعيا خطيرا، من أبرز ملاحمه ظهور جيل جديد من الجهاديين وهو جيل متعلم ويحذق اللغات الأجنبية، ينحدر من الطبقة الوسطى ويختلف تماما عن الجهاديين التقليديين الأميين والمنحدرين من الفئات الاجتماعية الهشة والفقيرة.
وعرفت تونس خلال فترة حكم الترويكا (2011 - 2014) بقيادة حركة النهضة الإسلامية حالة من الانفلات، حيث تحولت المساجد إلى قبلة للمتشددين الذين يقومون بتحريض الشباب على مغادرة البلاد للقتال في ليبيا وسوريا.
وشارك الآلاف من التونسيين في القتال ضمن جماعات جهادية تابعة لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق وليبيا وسوريا ما بين 2011 و2016، كما نفذ تونسيون أربع هجمات في فرنسا وألمانيا في 2016 و2021.
لكن وتيرة الهجمات تقلصت في البلاد منذ أن فشل هجوم شنه مسلحون على الحدود التونسية - الليبية، واستهدفوا مدينة بن قردان (جنوب) في العام 2016.
وأكدت منظمة الأزمات الدولية استنادا إلى مصادر أمنية في التقرير، أن التنظيمين الأساسيين "عقبة بن نافع" التابع لتنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي و"جند الخلافة" المقرّب من تنظيم الدولة الإسلامية، فقدا ثلثي حجمهما منذ العام 2016، وما عادا يضمان سوى حوالي ستين شخصا.
ويقاتل حاليا مئتا تونسي في منطقة الشرق الأوسط وحوالي مئة في منطقة الساحل ضمن جماعات جهادية.
وفي تقدير المنظمة فإن تأثير الجماعات السلفية الجهادية على الشباب تراجع، ولم تعد تعتبر حلّا "ضد النظام".
وتحذر المنظمة من أن التدابير القمعية يمكن أن "تقوي أزمة الثقة بين المواطنين والمؤسسات"، وتغذي موجة جديدة من العنف الجهادي.
وشددت على ضرورة مغادرة ثلاثة أرباع الأشخاص البالغ عددهم 2.200 شخص المسجونين بتهمة "الإرهاب" السجون التونسية في السنوات الثلاث القادمة، بعد أن عانوا من ظروف الاحتجاز "المؤدية إلى العودة إلى الإجرام".
كما أن الرقابة الإدارية المسلطة على بضع عشرات من الأشخاص الذين غادروا السجون التونسية، "يمكن أن تدفع بعضهم إلى التقرب من الجماعات الجهادية".
وتقترح المنظمة إصلاح ترسانة القوانين المتعلقة بالتجاوزات، على غرار تخفيض مدة التوقيف وتحسين احترام حقوق الإنسان خلال المحاكمات، وتنقيح قانون حالة الطوارئ.