الأرشيف والمكتبة الوطنية يناقش آفاق صناعة النشر في الإمارات

أبوظبي - نظم الأرشيف والمكتبة الوطنية ندوة متخصصة بعنوان “صناعة النشر.. بين التحديات والفرص” وذلك انطلاقا من اهتمامه بالقراءة التي تعد الهدف الأول من النشر.
وركزت الندوة على اهتمام الأرشيف والمكتبة الوطنية بالنشر الجاد المتمثل في إصداراته التي تثري الأوساط الثقافية، وتحفظ للأجيال تاريخ وتراث دولة الإمارات ومنطقة الخليج. وناقشت عدة قضايا مهمة، أبرزها أزمة صناعة الكتاب، وتحديات صناعة النشر، والابتكار فيها، ودورها في الثقافة وتطور المجتمعات.
وافتتحت الندوة، التي حضرها عبدالله ماجد آل علي مدير عام الأرشيف والمكتبة الوطنية، بكلمة ألقاها الباحث حمد سليم الحميري مدير إدارة البحوث والخدمات المعرفية، أكد فيها أن الأرشيف والمكتبة الوطنية يحرص على أن تصب منشوراته في مصلحة الوطن، وحفظ ذاكرته الموثقة، وهذا ما يجعلها تلاقي إقبالا مميزا.
وأشار إلى أن صناعة النشر في دولة الإمارات العربية المتحدة تشهد تطورا كبيرا يبشر بتعزيز استدامة هذه الصناعة وازدهارها، ويمهد الطريق أمامها لكي تنسجم مع التطور التقني المتسارع، وأن ما يشهده الذكاء الاصطناعي يدعو إلى العمل من أجل الموازنة بين الكتابين الرقمي والورقي في ظل تزايد منصات الكتب الرقمية، والتسويق الإلكتروني.
وألقت فاطمة الهديدي رئيس وحدة النشر في الأرشيف والمكتبة الوطنية كلمة أكدت فيها أهمية صناعة النشر ودورها المهم ورسالتها الخالدة في نشر الثقافة وتعزيز الوعي، وتطور المجتمعات.
الندوة ناقشت أهمية صناعة النشر ودورها المهم ورسالتها الخالدة في نشر الثقافة وتعزيز الوعي وتطور المجتمعات
وسلطت الضوء على دور الأرشيف والمكتبة الوطنية الذي يعد ذاكرة الأمة الحية ومرجع حضارتها، ومصدر تاريخها، إذ يجمع في أرشيفاته وإصداراته ما يعزز فهما أعمق لتاريخ الإمارات ومنطقة الخليج، ويوثقها ويترجمها ويحفظها، ويقدم المعلومة الموثقة إلى جمهور المستفيدين، ويعمل على تعزيز الانتماء إلى الوطن والولاء للقيادة الرشيدة، ويرسخ الهوية الوطنية ويغرس المبادئ والقيم الوطنية في نفوس النشء ولدى كافة أبناء المجتمع.
وبدأ الحوار بين المشاركين بكلمة الباحث محمد حسن الحربي الذي أدار الندوة، حيث أشاد بجهود الأرشيف والمكتبة الوطنية التي تهدف إلى تعزيز المعرفة بمختلف فروعها، وإتاحتها لجمهور المستفيدين، ثم تحدث عن أهمية الكتاب في نقل المعارف والعلوم والآداب، وفي تبادل الأفكار بين البشر والمجتمعات، واستمراره بقوة رغم التحديات التي يواجهها. وأشار إلى أن صناعة النشر هي صناعة الثقافة، وصناعة الكتاب ونشره وتوزيعه، ولكن هذه الصناعة تعاني أزمة، متسائلا عن التحديات التي تواجهها.
ويجمع الباحثون على أن الناشر يشكل عصب صناعة النشر إذ يتحمل مسؤولية التمويل المالي للمنتَج الفكري فضلا عن إدارة وتنظيم العلاقة بين أطراف النشر من مؤلف وطابع وموزِّع، وأوضحوا أن من أجل استدامة هذه الصناعة لابدّ أن تتّسم بالمرونة الكافية لمواكبة أكثر متطلّبات عصرنا الراهن إلحاحا والتي تتمثّل في التطور التكنولوجي المتسارع وتحقيق الاستدامة البيئية لكوكبنا.
وفي هذا الصدد أشارت الأكاديمية صالحة غابش، رئيس المكتب الثقافي في المجلس الأعلى لشؤون الأسرة بالشارقة، إلى أن دور النشر في عام 2014 كان عددها 60 فقط في دولة الإمارات، في حين وصل عددها اليوم إلى 306 دور نشر، والمؤلفون يزدادون تميزا، ولذلك فمسألة الأزمة على صعيد صناعة النشر قابلة للتعايش، وهناك فرص لها، ولكن الأزمة هي أزمة القراءة، وهناك تحديات أخرى كتوجه اليافعين إلى الكتب غير الجادة، وازدياد أنصاف الكتّاب.
وتحدثت الباحثة عزيزة الحمادي، التي تعمل في تسجيل المصنفات الفكرية في إدارة حقوق المؤلف والحقوق المجاورة لقطاع الملكية الفكرية بوزارة الاقتصاد، عن حقوق الملكية الفكرية وهي حق المؤلف، وحق العلامة التجارية، والنماذج الصناعية وبراءة الاختراع، والحقوق المالية والأدبية، وسقف العقوبات المترتبة على من يتطاول على هذه الحقوق، واستعرضت بعض الأمثلة على ذلك.
وعلى الرغم من تغيُّر ملامح السوق العالمية بشكل ملموس جراء تداعيات جائحة كوفيد – 19 إلا أن صناعة النشر أظهرت مرونة في مواجهة تلك التداعيات إذ تشير التوقعات إلى استمرار نمو سوق النشر العالمي الذي وصل حجمه في 2020 إلى نحو 288 مليار دولار أميركي ليبلغ قرابة 316.8 مليار دولار أميركي بحلول 2027 وفق تقرير لشركة الأبحاث “ريبورت لينكر” صدر في أواخر عام 2022.
على مدار العقد الماضي حققت الإمارات تطورا هاما في صناعة النشر رغم حداثتها فيها مقارنة بغيرها من الدول، ويعد مستقبل هذا القطاع بفرص وافرة لدور النشر المحلية وذلك نظرا إلى توافر مجموعة أسباب داعمة يتصدرها الاهتمام البالغ الذي توليه الدولة لهذا القطاع وجاهزية المنظومة التقنية فيها لتلبية احتياجات العصر، فضلا عن الجهود الحثيثة للقائمين على قطاع النشر مثل جمعية الناشرين الإماراتيين في معالجة العديد من المخاوف والتحديات التي تواجهه عبر العديد من المبادرات الريادية الهادفة إلى تنظيمه وتعزيز استدامته وازدهاره.
وتسعى الإمارات عبر مؤسساتها على غرار الأرشيف والمكتبة الوطنية إلى تعزيز صناعة النشر من خلال مجموعة متكاملة من الخدمات والرؤى والتدريب والتواصل، آخذة بعين الاعتبار البصمة البيئية للقطاع والذكاء الاصطناعي والتطور العالمي لهذا لقطاع.