الأردن يواجه تحدي تطوير نشاط الصناعات الغذائية

أكد خبراء اقتصاد في الأردن أن قطاع الصناعات الغذائية يحتاج إلى دفعة أكبر لدعم نشاطه لجعله أحد المجالات الرئيسية التي بإمكانها التصدي للتقلبات أثناء الأزمات العالمية بالنظر إلى العديد من العوامل التي تساعده على النمو ما يتيح تعزيز استثماراته مستقبلا.
عمّان – دخلت الأوساط الاقتصادية الأردنية في مناقشات عميقة بحثا عن حلول لإزالة العقبات أمام تطوير نشاط قطاع الصناعات الغذائية للإسهام في ضمان الأمن الغذائي على أسس مستدامة مع زيادة زخم الصادرات وتعزيز سوق العمل.
وتعتبر الصناعات الغذائية من أبرز القطاعات الواعدة المنبثقة عن قطاع الصناعة التي تنتظرها إمكانيات كبيرة للمساهمة بشكل أكبر في الاقتصاد الوطني والأمن الغذائي.
ولدى القطاع فرص وافرة يمكن اغتنامها، ما يكفل تحسين المؤشرات الاقتصادية المختلفة، سواء من حيث الصادرات أو جذب المزيد من الاستثمارات وبالتالي توفير فرص العمل.
ويعتقد الخبراء أن انعكاسات الجائحة ثم الحرب الروسية – الأوكرانية جاءت إيجابية لتوجيه المعنيين بضرورة بناء الروابط التكاملية بين الصناعات الغذائية من جهة، والزراعة بأشكالها المختلفة من جهة أخرى، وبما يحقق المنفعة المطلوبة للقطاعين الزراعي والصناعي.

تميم القصراوي: نتطلع إلى إيجاد حلول لتعويض الفرص الضائعة في القطاع
وتشكل الصناعات الغذائية واحدة من القطاعات الفرعية المنبثقة عن الصناعة التي سلطت ورشة العمل الاقتصادية الأردنية التي تعقد حاليا في عمّان الضوء عليها، نظرا إلى دور القطاع الفرعي في توفير فرص العمل والمساهمة في الصادرات، والناتج المحلي الإجمالي.
وترى أوساط القطاع أن الأردن يتمتع بوجود العديد من الصناعات التنافسية، ولديه القدرة على سد احتياجات السوق المحلية واستغلال الفرص التصديرية وعلى رأسها قطاع الصناعات الغذائية.
وأكد منسق جلسة قطاع الصناعات الغذائية في ورشة العمل تميم نايف القصراوي أن الورشة تبحث عن فرص لربط القطاع الغذائي بالتصنيع الزراعي، لخلق تكامل محلي داخلي لتعزيز الأمن الغذائي، وبالتالي توفير حماية للمستهلك وفرص عمل إضافية، والرفع من القدرة الشرائية للمواطنين.
ونسبت وكالة الأنباء الأردنية الرسمية إلى القصراوي أمين سر غرفة صناعة عمّان وعضو مجلس إدارة صناعة الأردن قوله “نتطلع إلى إيجاد حلول لتفعيل باقي اتفاقيات التجارة الحرة”.
وأضاف “نريد أيضا توسيع الأسواق وتقليل التركز بالأسواق التقليدية، ومواجهة التحديات لتعويض الفرص التصديرية الضائعة المقدرة بحوالي 1.2 مليار دولار”.
وتظهر أرقام وزارة التجارة أن نحو 60 في المئة من صادرات الصناعات الغذائية الأردنية تتركز ضمن اتفاقية التجارة الحرة العربية. وبحسب البيانات الرسمية تعد الصناعات الغذائية من أكبر القطاعات الفرعية داخل قطاع الصناعة، حيث يقدر حجم إنتاجها بما يقارب 5.4 مليار دولار سنويا.
ووصل حجم صادرات القطاع خلال العام الماضي إلى حوالي 910 ملايين دولار، فيما تزيد نسبة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي على 5 في المئة، ويوفر 56 ألف وظيفة.
ويكافح الأردن من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة التي تشمل تحقيق الأمن الغذائي، وتدرك الحكومة أهمية هذا الأمر ولذلك أطلقت منتصف العام الماضي استراتيجية تمتد حتى نهاية العقد الحالي لتحقيق هذا الهدف.
وقال باسل الضاهر المشارك في ورشة العمل الاقتصادية عن قطاع الصناعات الغذائية، إن “الورشة لعبت دورا كبيرا في تسليط الضوء أكثر على قطاع الصناعات الغذائية، الركن المهم في تحقيق الأمن الغذائي للأردن”. وأوضح أن القطاع يسهم بشكل كبير في الاقتصاد المحلي، وأن الجميع يأمل في وضع استراتيجية واضحة من أجل تعزيز دوره خلال العشرية الحالية.
وأكد أن جلسة الصناعات الغذائية ناقشت التحديات والفرص المتاحة في القطاع، وحددت ممكنات النمو وآلية وشكل معالجة التحديات أو تحويلها إلى فرص. وتجلت أهمية قطاع الصناعات الغذائية خلال جائحة كورونا، حيث أن البضائع لم تنقطع عن الرفوف في المحلات، وتمكن القطاع من تلبية احتياجات المستهلكين.
معلومات عن القطاع
- 60 في المئة من صادرات القطاع تتركز ضمن التجارة العربية
- 56 ألف فرصة عمل توفرها الصناعات الغذائية
- 15 في المئة نسبة منشآت المجال من إجمالي المنشآت الصناعية
- 5 في المئة مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي
وتبرز التحديات التي يواجهها القطاع بوجود مشاكل تعيق التصدير والتوسعة محليا، وأخرى تتعلق بالكلف وتوفر السيولة، وتوفر العمالة الماهرة، والعبء الإجرائي الحكومي. وتتطلع الحكومة الأردنية إلى زيادة حجم الإنتاج الصناعي الغذائي إلى الضعف خلال السنوات العشر القادمة، وبالتالي توفير فرص العمل وتحقيق مساهمة أعلى بالناتج المحلي الإجمالي.
وثمة توجه حكومي للاستعانة بخبراء للعمل مع شركات غذائية قائمة حاليا بحاجة إلى التوسع في الإنتاج والتشغيل لتحقيق الأهداف الوطنية الاستراتيجية من الاكتفاء الذاتي وزيادة نمو الصادرات والتشغيل وتعزيز القيمة المضافة.
وأثبتت الصناعات الغذائية المحلية قدرتها على الاستمرار والإنتاجية على الرغم من تداعيات جائحة كورونا، ما جعلها محط أنظار العديد من المستثمرين في الخارج، في ظل زيادة عدد خطوط الإنتاج وفقا لمواصفات عالمية وجودة عالية.
ورغم الآثار السلبية المتولدة عن الوباء ثم أزمة شرق أوروبا على القطاعات الاقتصادية المختلفة، إلا أنها حملت معها فرصا إيجابية بدأت تلوح بالأفق وظهر الاهتمام بها، وعلى رأسها ضرورة التوجه نحو الاعتماد على الذات ودعم الإنتاج المحلي بما يحقق الاكتفاء الذاتي في الأردن وخاصة من السلع الأساسية بأشكالها المختلفة.
وخلال العامين الماضيين تم تطوير العديد من الصناعات الأردنية، واستحداث نحو 112 خط إنتاج، كما أفرزت الأزمة الكثير من الفرص في الصناعات الغذائية كمشروع البطاطس المجمدة والعصائر ومصانع الأعلاف.
ويطالب الكثير من العاملين في القطاع بالاعتماد على المواد الأولية المحلية في الصناعة بدلا من استيرادها، وتطوير المواصفات القياسية وتوحيد الرقابة بين الجهات المعنية كوزارتي الصحة والصناعة والتجارة والبلديات وإيجاد الدعم اللازم للصناعة الغذائية.
ويقول رئيس مجلس إدارة شركة المدن الصناعية لؤي سحويل إن منشآت قطاع الصناعات الغذائية تشكل 15 في المئة من إجمالي عدد المنشآت الصناعية العاملة بالبلاد. وأكد أنه يتم تصدير بضائع غذائية إلى سبعين سوقا حول العالم، وتقدر نسبة النمو في الصادرات بحوالي تسعة في المئة.
وتظهر الأرقام الرسمية أن مساهمة الصناعة بشكل عام تصل إلى أكثر من 24 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي وهي توفر أكثر من 200 ألف فرص عمل للمواطنين، أي ما يعادل 20 في المئة من القوى العاملة في الأردن.