الأردن يواجه تحدي ترجمة وعود تحسين قطاع النقل

الحكومة الجديدة مطالبة بالإسراع في وضع برامج تتماشى مع رؤية التحديث لتحقيق الأهداف.
الثلاثاء 2024/09/24
معالجة هذه الفوضى مهمة صعبة

تواجه الحكومة الأردنية الجديدة الكثير من الملفات التي يتوجب معالجتها على نحو أسرع، بما في ذلك قطاع النقل واللوجستيات، باعتبارهما مجالين حيويين في مسار التنمية الاقتصادية الشاملة، لتواكب النموذج الجديد للتنمية في إطار رؤية التحديث.

عمان - بدأت الحكومة الأردنية الجديدة برئاسة جعفر حسان مهامها الأسبوع الماضي خلفا لحكومة بشر الخصاونة، وهي مطالبة بترجمة وعود تحسين قطاع النقل على النحو الذي يتماشى ورؤية التحديث 2033 التي تم إطلاقها قبل عامين.

ومنح كتاب التكليف الذي وجهه العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني لرئيس الوزراء أهمية خاصة لقطاع النقل، وما يمثله من أهمية في تحسين نوعية الحياة للمواطنين وتعزيز فرص العمل، كما تطرق إلى أهمية تشجيع أنظمة النقل الحديثة الآمنة والفاعلة لتحسين خدمة النقل العام.

ويعاني قطاع النقل، وخاصة الشركات المملوكة للدولة، منذ سنوات من مشاكل هيكلية لم تجد الحكومات المتعاقبة من وسيلة لتفاديها، وهي تتطلب الآن حلولا جذرية وعاجلة لترقيتها.

وأدى غياب الاهتمام الجدي به إلى تراجع مستوى الخدمات وعدم فاعلية أنظمة النقل داخل المدن وبين المحافظات لخلوّها من الحداثة والذكاء ومن أيّ مرونة وسهولة، علاوة على تغييب المعايير التي يمكن القياس عليها لتطويره.

خالد سيف: توصيات لجنة التحديث تستهدف مساهمة قدرها 6.5 في المئة
خالد سيف: توصيات لجنة التحديث تستهدف مساهمة قدرها 6.5 في المئة

كما فرض تخلف الخدمات اللوجستية على الحكومة النظر بعمق في كيفية هيكلة هذا القطاع الحيوي في مبادرات التنمية، عبر تطوير البنية التحتية وكافة أنواع وسائل النقل لتعزيز المبادلات التجارية وتطوير مناخ الأعمال ودفع عجلة النمو.

ويُعدّ النقل من أهم القطاعات ذات الأثر الاقتصادي المُباشر، حيثُ قدرت نسبة مُساهمته في الناتج المحلي الإجمالي بحوالي 6.2 في المئة، إضافة إلى أنه مُساهم فعّال في عملية التوظيف، حيثُ يعمل فيه حوالي 95 ألف شخص.

ومن المتوقع أن تصل مساهمته إلى 2.9 مليار دينار (نحو 4 مليارات دولار) في عام 2033 ارتفاعا من 1.6 مليار دينار (2.25 مليار دولار) بحسب تقديرات عام 2021.

وبناء على أهداف الخطة، فإن حجم العمالة بدوام كامل في القطاع سيزيد بنسبة 4.5 في المئة سنويا، ليصل إلى 158.4 آلاف موظف في السنوات العشر المقبلة، ارتفاعا من 93.6 ألف موظف في 2021.

وترجح الرؤية كذلك ارتفاع صادرات القطاع لأكثر من 8 في المئة سنويا لتصل إلى نحو 1.26 مليار دولار، ارتفاعا من 563 مليون دولار في 2021.

وتشدد أوساط اقتصادية على أهمية الجوانب التشريعية والتنظيمية في مجال النقل واللوجستيات مع ضمان مواءمتها لرؤية التحديث الاقتصادي، بهدف تحديث وتطوير نظام نقل يدفع بعجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الأردن.

وأكد وزير النقل الأسبق خالد سيف أهمية قانون نقل الركاب لسنة 2017 الذي أفرز إنشاء صندوق في الغرض، حيث ينص على دعم أجور النقل من هذا الكيان في حال كانت الإيرادات المستوفاة من خدمة نقل الركاب أقل من الكلف التشغيلية.

ويهدف الصندوق إلى تطوير مرافق نقل الركاب ودعم الخدمات وتعزيز الاستثمار مع توفير المنح والقروض لدعم المرخص لهم بالنشاط في القطاع.

ونقلت وكالة الأنباء الأردنية الرسمية عن سيف قوله إن “مخرجات لجنة التحديث الاقتصادي والخاصة بالنقل واللوجستيات مهمة، بعدما تبين أن مساهمتهما حاليا في الناتج المحلي هي 5.6 في المئة وتوصيات لجنة التحديث برفع هذه النسبة إلى 6.5 في المئة”.

وبات نموذج نشاط قطاع النقل الحكومي في حاجة إلى نفس جديد ضمن رؤية شاملة لتحفيزه باعتباره أحد الأسس الرئيسية للنمو الاقتصادي للبلاد، لاسيما في ظل ما تعانيه البنية التحتية من مشاكل.

ضيف الله أبوعاقولة: التشاركية بين القطاعين العام والخاص سيحقق الأهداف
ضيف الله أبوعاقولة: التشاركية بين القطاعين العام والخاص سيحقق الأهداف

ويخشى الكثيرون من أن تأخر الإصلاح والحلول الجذرية لتخفيف الأزمات الاقتصادية سيخلف تكاليف باهظة وقاسية مستقبلا تزداد أعباؤها على السكان إذا استمرت المؤشرات في التراجع إلى معدلات خطيرة.

وقال نقيب أصحاب شركات التخليص ونقل البضائع ضيف الله أبوعاقولة إن “اهتمام الملك عبدالله الثاني بقطاع النقل والخدمات مؤشر على أهمية القطاع كرافد اقتصادي مهم وداعم أساسي للاقتصاد”.

ودعا إلى العمل بتشاركية بين القطاعين العام والخاص لتنفيذ مخرجات رؤية التحديث الخاصة في منظومة النقل، والتي توجب العمل على تحسين البنية التحتية واللوجستية الشاملة للطرق وسكك الحديد وتوفير مرافق آمنة لكل مستخدمي الطرق.

ولفت إلى ضرورة حل مشكلة البيروقراطية، ورفع كفاءة الموارد البشرية، وتطبيق مبادئ التنمية المستدامة ووسائط نقل صديقة للبيئة، وتهيئة البنية التحتية لها والاستفادة من موقع الأردن الجغرافي سعياً لتوفير طرق عبور مجدية لجميع القطاعات محليا وإقليميا.

كما شدد أبوعاقولة على أهمية تخفيض معدل كلف النقل وتنفيذ مشروع نظام النقل الذكي الشمولي لتحسين خدمات النقل العام، وتوفير خدمات بتردد منتظم لكل محافظات البلاد.

وسبق أن أكد البنك الدولي أن تحقيق النمو الشامل ورفع معدلات تشغيل الأردنيين، بمن فيهم النساء والشباب، يستلزم وجود وسائل نقل عام فعالة وموثوقة وآمنة وذات تكلفة معقولة.

وذكر أن التكلفة التقديرية التي تكبدها الأردن جراء أوجه القصور المتعلقة بالنقل العام بلغت 3 مليارات دولار سنويا، أو ما لا يقل عن 6 في المئة من إجمالي الناتج المحلي للبلاد.

وتعتبر الاستثمارات من العوامل المساعدة على تعزيز هذا القطاع حتى تتسق مع الإصلاحات الجارية لضمان نجاحها وتوسيع فوائدها وتمكين النمو الاقتصادي وشمول الجميع.

وقال الخبير والمستشار في النقل البحري واللوجستيات عيسى عوض إن تحسين البنية التحتية للنقل يتطلب توجها شاملا يهدف إلى تطوير نظم النقل الحديثة والآمنة والفعالة.

ومن بين هذه النظم تبرز تجارب المدن في تعزيز شبكات النقل العام كنموذج، مثل مشروع حافلات التردد السريع في العاصمة عمّان والزرقاء كونه يُسهّل حركة المواطنين خاصة في المناطق التي تعاني من ضعف في البنية التحتية.

وطالب بتشجيع استخدام أنظمة النقل الذكية مثل نظم التحكم عن بعد بحركة المرور، وتسهيل الدفع الإلكتروني، وتشجيع الشركات الخاصة للاستثمار في البنية التحتية للنقل من خلال الشراكة بين القطاعين العام والخاص.

كما دعا إلى تطوير قطاع النقل البحري الذي يعد محورا إستراتيجيا يعزز الاقتصاد المحلي والإقليمي ويدعم الصادرات ويرفع كفاءة التجارة الدولية.

وأشار عوض إلى أن تطوير أسطول بحري محلي يتيح دعم الاقتصاد من خلال زيادة تنافسية الصادرات في الأسواق الدولية، ويسهم في تحقيق التكامل الإقليمي، ويعد عاملا رئيسيًا في دعم سلاسل التوريد، ما يعزز من قدرة الشركات المحلية على المنافسة.

11