الأردن يواجه انتقادات متصاعدة على خلفية اعتقالات طالت المئات من النشطاء

لا تبدو حجج المسؤولين مقنعة بالنسبة للشارع الأردني، وأيضا المنظمات الحقوقية، التي طالبت السلطات بوجوب وقف ما أسمته بالحملة القمعية للاحتجاجات المؤيدة لغزة.
السبت 2024/04/13
استمرار الاحتجاجات رغم الاعتقالات

عمان – تواجه السلطات الأردنية انتقادات متصاعدة في الداخل والخارج على خلفية اعتقال المئات من النشطاء المشاركين في الاحتجاجات المساندة لغزة.

واعتقلت السلطات الأردنية منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية في غزة ما لا يقل عن 1500 شخص، من بينهم حوالي 500 محتجز منذ مارس في أعقاب احتجاجات ضخمة أمام سفارة إسرائيل في عمان.

واتُهم العشرات من المتظاهرين بموجب قانون الجرائم الإلكترونية بسبب منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي عبروا فيها عن مشاعر مؤيدة للفلسطينيين، أو انتقدوا السلطات أو معاهدة السلام التي أبرمتها مع إسرائيل، أو دعوا إلى احتجاجات سلمية وإضرابات عامة.

ويجرّم قانون الجرائم الإلكترونية الذي تم إقراره العام الماضي بعد جدل واسع، أي خطاب قد يسيء إلى مسؤولي إنفاذ القانون.

وتبرر السلطات الاعتقالات بأنها تستهدف فقط “مثيري الشغب” “ودعاة الفتنة”، محذرة من أجندة تستهدف المملكة. وقال وزير الاتصال الحكومي مهند المبيضين في وقت سابق إن “الأردنيين خرجوا منذ بداية حرب غزة بتعبير وطني محترم مسؤول ضمن القانون لدعم الأهل في قطاع غزة، و(لكن) بعض الأطراف تريد اختطاف الشارع وممارسة الشعبوية”.

ولا تبدو حجج المسؤولين مقنعة بالنسبة للشارع الأردني، وأيضا المنظمات الحقوقية، التي طالبت السلطات بوجوب وقف ما أسمته بالحملة القمعية للاحتجاجات المؤيدة لغزة، وبالإفراج عن النشطاء المعتقلين.

tt

وقالت منظمة العفو الدولية “يتعين على الحكومة الأردنية الإفراج فورا عن جميع الذين اعتقلوا تعسفيا منذ أكتوبر 2023 بسبب نشاطهم المؤيد لفلسطين. ويجب على الحكومة أن تضمن حرية المحتجين والنشطاء في الانتقاد السلمي لسياسات الحكومة تجاه إسرائيل من دون تعريضهم للملاحقة أو الاعتقال العنيف من قبل قوات الأمن”. وكانت نظمت عدة وقفات احتجاجية في الداخل الأردني شارك فيها نواب سابقون طالبوا بوجوب إطلاق سراح النشطاء، وفك القيود عن المظاهرات.

وذكر محامون ونشطاء أن السلطات الأردنية فرضت مؤخرا قيودا جديدة على الاحتجاجات المؤيدة، بما في ذلك حظر حمل العلم الفلسطيني واللافتات التي تحمل شعارات معينة، وحظرت مشاركة الأطفال دون 18 عاما. كما منعت استمرار الاحتجاجات بعد منتصف الليل.

وراجعت منظمة العفو الدولية حالات ستة أشخاص اعتقلوا بتهم تتعلق بمشاركتهم في احتجاجات مؤيدة لفلسطين أو منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي. وفي إحدى الحالات، استدعت مديرية الأمن العام الصحافي خيرالدين الجابري في الخامس والعشرين من مارس الماضي من دون إبلاغه عن السبب. وأبلغ الجابري منظمة العفو الدولية بأنه استُجوب بغياب محاميه، ونُقل إلى وحدة مكافحة الجرائم الإلكترونية التابعة لإدارة البحث الجنائي. ولم يتم إبلاغ محاميه ولا أسرته بمكان وجوده. وفي وحدة مكافحة الجرائم الإلكترونية، استجوبه عناصر الوحدة بشأن نشاطه على الإنترنت وتغطيته للاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين، على حد قول الجابري.

في اليوم التالي، مثل الصحافي أمام النائب العام، الذي اتهمه باستخدام منصات التواصل الاجتماعي لـ”ذم أو قدح أو تحقير هيئة رسمية” و”لنشر ما من شأنه إثارة الفتنة أو النعرات أو الحض على الكراهية أو الدعوة إلى العنف أو استهداف السلم المجتمعي” بموجب المادتين 15 و17 من قانون الجرائم الإلكترونية وطلب احتجازه لمدة سبعة أيام في سجن ماركا في عمان. وأفرج عن الجابري بكفالة في الثلاثين من مارس، لكنه وضع تحت حظر السفر في انتظار اختتام محاكمته أمام محكمة جنائية.

وقال الجابري لمنظمة العفو الدولية “ذكر ملف قضيتي من وحدة مكافحة الجرائم الإلكترونية أنه يجب وضعي تحت حراسة أمنية مشددة وتقييد يدَيْ خلف ظهري، وهو ما فعلوه. لقد عاملوني كمجرم”.

وأضاف أنه أجبر على مشاركة زنزانة مع أكثر من 50 محتجزا آخرين كانوا محتجزين في ظروف غير إنسانية. وعلى عكس المحتجزين الآخرين، قال إنه لم يُسمح له بتلقي حاجيات مثل الملابس أو الصابون من عائلته.

ee

وفي حالة أخرى، اعتقل ضباط أمن يرتدون ملابس مدنية الناشط إبراهيم شديفات بينما كان في طريقه إلى الاحتجاجات خارج السفارة الإسرائيلية في عمان في السادس والعشرين من مارس. وعندما سأل شقيق إبراهيم، سراج الدين، وقريبه ضابط أمن عن مكانه، تم اعتقالهما أيضا. وأُطلق سراح قريبه بعد ساعات، لكن سراج الدين وإبراهيم ما زالا رهن الاحتجاز لرفضهما السماح لقوات الأمن بالاطلاع على هواتفهما المحمولة.

ووفقا لأسرتهما، وضع كل من سراج الدين وإبراهيم رهن الاعتقال الإداري في سجن ماركا بعد أن رفضا في وقت لاحق التوقيع على تعهدات تفيد بأنهما لن ينظما أو يشاركا في احتجاجات مستقبلية.

وقالت رينا وهبي، مسؤولة حملات معنية بالأردن في منظمة العفو، “تكشف هذه الحالات عن قسوة حملة القمع التي تشنها السلطات الأردنية على المحتجين المؤيدين لفلسطين، وعن انتهاكات صارخة للحق في محاكمة عادلة، وإساءة معاملة المعتقلين، ونمط واضح من الإساءة والحرمان من العدالة. يجب أن تتوقف حملة القمع الآن. كان يجب أن يحتفل المحتجزون بشكل غير قانوني بعطلة العيد مع عائلاتهم وليس خلف القضبان”.

2