الأردن يلعب آخر أوراق الضغط: سنراجع الاتفاقيات مع إسرائيل

تجميد الاتفاقيات أو الانسحاب منها يضران بمصالح عمان لا تل أبيب.
الأربعاء 2023/11/15
إلغاء الاتفاقيات الاقتصادية ضرره أكثر من نفعه

بين إسقاط المساعدات الإنسانية في غزة والدعوة إلى وقف إطلاق النار تسعى المملكة الأردنية إلى إسماع صوتها منذ بداية الحرب بين إسرائيل وحماس. لكن عمّان، الواقعة في مرمى النيران، أسيرة عجزها، فوسائل ضغطها محدودة لتجنب استمرار الحرب.

عمّان - لعب الأردن، في ظل فشل مساعيه الدبلوماسية لوقف الحرب في غزة، آخر أوراقه بعد أن أوعز برلمانه إلى مراجعة الاتفاقيات مع إسرائيل، وهي خطوة يقول مراقبون إنها سلاح ذو حدين تمهلت المملكة في لعبها ضمن سلسلة خيارات الضغط المحدودة لديها.

ودعا رئيس مجلس النواب الأردني أحمد الصفدي الاثنين اللجنة القانونية في المجلس إلى مراجعة الاتفاقيات الموقعة مع إسرائيل، وتقديم التوصيات اللازمة بشأنها من أجل تقديمها إلى الحكومة.

وبعدما وصف خلال جلسة للمجلس ما يجري في قطاع غزة بأنه “عار وألف عار على المجتمع الدولي”، قال الصفدي “أدعو باسمكم اللجنة القانونية إلى مراجعة الاتفاقيات الموقعة مع الكيان الغاصب، وتقديم التوصيات اللازمة بشأنها من أجل تقديمها إلى الحكومة، لتكون مرهونة بوقف العدوان على غزة، واضعاً هذا المقترح بين يدي من يرغب من الزملاء لتقديمه إلى المجلس من أجل التصويت عليه”، وهو ما صوت عليه المجلس بالموافقة بالإجماع.

أحمد الصفدي: سنقدم توصيات إلى الحكومة بشأن مراجعة الاتفاقيات مع إسرائيل
أحمد الصفدي: سنقدم توصيات إلى الحكومة بشأن مراجعة الاتفاقيات مع إسرائيل

ووقّع الأردن اتفاق سلام مع إسرائيل العام 1994، لكن الشعب الذي يتحدر نصفه تقريبا من أصول فلسطينية، رفض تطبيع العلاقات بشكل عام.

ووقعت المملكة في 24 نوفمبر 2021 في دبي إعلان نوايا مع إسرائيل برعاية أميركية للتعاون في إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية وتحلية المياه. وبدأت دراسات جدوى المشروع العام الماضي.

وينص اتفاق النوايا على أن يعمل الأردن على توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية لصالح إسرائيل، بينما ستعمل الدولة العبرية على تحلية المياه لصالح الأردن الذي يعاني من الجفاف.

كما نص على أن تقوم شركة إماراتية ببناء محطة طاقة شمسية في الأردن لتوليد الكهرباء. ولم تكشف الأطراف المعنية عن كلفة المشروع. وفي حال تطبيقه، ستوفّر محطة الطاقة الشمسية 200 ميغاواط من الكهرباء لإسرائيل، في ما ستزوّد إسرائيل الأردن بما يصل إلى 200 مليون متر مكعب من المياه سنويا.

ويحتاج الأردن الذي يعد من الدول الأكثر افتقارا للمياه في العالم، سنويا، إلى قرابة 1.3 مليار متر مكعب من المياه للاستخدامات المختلفة.

وكان نواب أردنيون اعترضوا على هذا الاتفاق، معتبرين إياه “خيانة” و”اعتداء على أمن الأردن”.

كما لا تلقى اتفاقية الغاز بين الأردن وإسرائيل منذ توقيعها قبل نحو سبعة أعوام قبولا في الأوساط الشعبية والبرلمانية. وطالب مجلس النواب الأردني في 26 مارس 2020 الحكومة بإلغاء الاتفاقية.

ودافعت الحكومة الأردنية عن الاتفاق حينها، قائلة إنه سيوفر 600 مليون دولار سنوياً من نفقات الدولة في مجال الطاقة.

اتفاقية الغاز بين الأردن وإسرائيل لا تلقى منذ توقيعها قبل نحو سبعة أعوام قبولا في الأوساط الشعبية والبرلمانية

ويرى محللون أن الأردن تدرّج في ضغوطه على إسرائيل منذ هجوم حماس في 7 أكتوبر الماضي في محاولة لوقف الحرب وتفادي الضغوط الداخلية عليه، لكن التلويح بمراجعة الاتفاقيات مع تل أبيب لا يصب في مصلحته اقتصاديا واجتماعيا وأمنيا.

ويشير هؤلاء المحللون إلى أن مراجعة الاتفاقيات الاقتصادية مع تل أبيب أو حتى تجميدها لغاية انتهاء الحرب كما يقول مسؤولون أردنيون ضمن الخيارات المتاحة، لكن الانسحاب من اتفاقية السلام أمر غير وارد إذ أن اتفاقية السلام تخدم الأردن بدرجة أولى قبل إسرائيل.

ويؤشر التنسيق الأمني المتواصل بين عمّان وتل أبيب خلال حرب غزة الجارية وآخرها سماح إسرائيل بتوصيل الجيش الأردني لمساعدات إنسانية وطبية إلى غزة عبر إلقائها بالمظلات على أن اتفاقية السلام (وادي عربة) صامدة.

ويؤكد محللون اقتصاديون أن لجوء الأردن إلى ممارسة أعلى درجات الضغط على إسرائيل من بوابة الاتفاقيات الاقتصادية مفهوم إسرائيليا وأميركيا، لكن المس من الأوضاع الأمنية سيكون له تداعيات خطرة على اقتصاد المملكة المعتمد بدرجة شبه كلية على المساعدات الغربية.

وتملك الولايات المتحدة الحليف الأبرز لإسرائيل عرقلة المنح الغربية للأردن وحتى قروض صندوق النقد الدولي التي تعول عليها الأردن بشدة في مواجهة أزمتها الاقتصادية غير المسبوقة.

الأردن تدرّج في ضغوطه على إسرائيل منذ هجوم حماس في 7 أكتوبر الماضي في محاولة لوقف الحرب وتفادي الضغوط الداخلية عليه

ومخاوف الأردن بشأن حدوث انهيار داخلي بين الفلسطينيين والإسرائيليين ليست جديدة. ولسنوات، حذرت عمّان من أن الوضع الراهن لا يمكن الدفاع عنه، وأن سياسات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أضعفت منظمة التحرير الفلسطينية المنافسة لحماس وحل الدولتين.

وعلى مدى عقود، ظل الأردن يدعو إلى حل الدولتين عن طريق التفاوض. وتكمن مصلحته في أن المكون الديموغرافي الكبير الذي يشكل ما يقرب من 40 في المئة من السكان هم من أصل فلسطيني، ويتقاسم حدودًا طويلة مع الضفة الغربية وإسرائيل، فضلاً عن قيامه بدور الوصي على الأماكن الإسلامية المقدسة في القدس.

وعلى الرغم من معاهدة السلام مع إسرائيل عام 1994، توترت العلاقات الثنائية في العقد الماضي، ويرجع ذلك بشكل رئيسي إلى التوترات بين الإسرائيليين والفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس الشرقية، لكن الحرب الحالية مع حماس دفعت بالتوترات إلى حافة الهاوية.

واستدعى الأردن في الثاني من الشهر الحالي سفيره لدى إسرائيل، منددا بـ”الحرب الإسرائيلية المستعرة على غزة التي تقتل الأبرياء وتسبب كارثة إنسانية غير مسبوقة”، كما أعلم إسرائيل بعدم إعادة سفيرها الذي سبق أن غادر المملكة.

ومنذ السابع من أكتوبر، يشهد الأردن وبشكل شبه يومي تظاهرات تضامنية مع الفلسطينيين للمطالبة بإلغاء معاهدة السلام الموقعة بينه وبين إسرائيل وإغلاق السفارة الإسرائيلية في عمّان.

وتقصف إسرائيل قطاع غزة من دون هوادة منذ ستة أسابيع ردا على الهجوم الذي شنته حركة حماس في السابع من أكتوبر، ما أدى إلى مقتل 11 ألفا و180 فلسطينيا، بينهم 4609 من الأطفال و3100 امرأة، فضلا عن إصابة 28 ألفا و200 شخص.

وأدى الهجوم المباغت الذي شنته حماس على الدولة العبرية إلى مقتل حوالى 1200 شخص معظمهم مدنيون قضوا في اليوم الأول منه وفقا للسلطات الإسرائيلية.

2