الأردن يكشف ملامح رؤيته الطموحة للنهوض باقتصاده الهش

رؤية مستقبلية طموحة يكشف عنها الأردن تتضمن حزمة مرتكزات أساسية لتنفيذ برامج تنموية مستدامة وقطاعات أكثر متانة.
الثلاثاء 2022/06/07
نظرة إلى مستقبل أكثر انفتاحا ومتانة

البحر الميت (الأردن)- كشف الأردن الاثنين عن ملامح رؤيته المستقبلية الطموحة للنهوض بالتنمية في أعقاب سلسلة نقاشات طويلة شملت كافة القطاعات أملا في طي صفحة الماضي في إدارة الاقتصاد عبر وضع أهداف استراتيجية سيتم تحقيقها بحلول 2032.

ويسعى المسؤولون إلى ترجمة الأفكار، التي تضمنتها الورشة الاقتصادية، التي استمرت أشهرا، وتحويل التحديات إلى فرص لتسريع وتيرة نمو الناتج المحلي الإجمالي وزيادة التنافسية وتنشيط الاستثمار وتحفيز سوق العمل بشكل أكبر.

ويعد البلد أحد نماذج الاقتصاد الهش بالمنطقة العربية كونه يعتمد على المساعدات الخارجية بشكل مفرط، وتلتهم واردات الطاقة أكثر من ثلثي موازنته السنوية، فضلا عن معضلة الجفاف التي تقضم الأراضي الزراعية، ولذلك فإنه شديد التأثر بالأزمات الخارجية وتقلبات الاقتصاد العالمي.

خير أبوصعيليك: رؤية التحديث تتضمن 366 مبادرة ستنقلنا إلى واقع جديد

وتشكل الرؤية التي جاءت بعنوان “إطلاق الإمكانات لبناء المستقبل” والتي تم إطلاقها من البحر الميت أساسا لحزمة واسعة من المحركات التي ستسهم في بناء الاقتصاد على أسس مستدامة.

وتحظى هذه المرحلة  من بناء أسس تنموية جديدة بدعم من العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، الذي رسم في رسالة وجهها إلى المواطنين في أواخر يناير الماضي، الملامح المستقبلية للاقتصاد.

وقال حينها “نريد المضي في مسيرة البناء إلى آفاق أوسع من التميز والإنجاز والإبداع”. وأضاف “نريده مستقبلا نستعيد فيه صدارتنا في التعليم، وننهض فيه باقتصادنا، وتزداد فيه قدرات قطاعنا العام وفاعليته، ويزدهر فيه قطاعنا الخاص”.

ويسعى البلد، الذي واجه صعوبات مالية عمقتها الجائحة إلى تدعيم محركات النمو المستدام لمواجهة معضلتي الفقر والبطالة واستغلال الفرص الزاخرة بالعديد من القطاعات ذات القيمة المضافة والميزة التنافسية العالية وتوليد فرص العمل وجذب استثمارات جديدة.

وتتضمن الرؤية، التي تأتي في وقت رسمت فيه العديد من دول المنطقة خططا لتحفيز اقتصاداتها، باستثناء البلدان التي لا تزال تواجه أزمات مثل سوريا واليمن والعراق، حزمة مرتكزات أساسية لتنفيذ برامج تنموية مستدامة وقطاعات أكثر متانة.

وتستهدف الرؤية قطاعات الزراعة والأمن الغذائي والطاقة والمياه والتعدين والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والأسواق والخدمات المالية والرعاية الصحية والتجارة والصناعة والسياحة والتعليم وسوق العمل.

وبالإضافة إلى ذلك العمل على تطوير قطاع النقل والخدمات اللوجستية والتنمية الحضرية وأيضا الصناعات التي تعتمد على الابتكار والسياسة المالية مع توظيف التكنولوجيا فيها والتشغيل والاستثمار وبيئة الأعمال.

ناصر الشريدة: نريد الاستفادة من إمكانياتنا وفق خارطة طريق حتى 2032

وأكد رئيس لجنة الاقتصاد والاستثمار النيابية خير أبوصعيليك في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الأردنية أن اللجنة ستبذل كل الجهود لتذليل العقبات التشريعية اللازمة، لإنجاح رؤية التحديث الاقتصادي عبر أهدافها قصيرة وطويلة الأمد.

وقال على هامش فعالية إطلاق رؤية التحديث الاقتصادي إن “الأردن دشن مرحلة جديدة اليوم بعدما رصدنا مؤشرات لقياس الأداء ما يجعلها قابلة للتطبيق”.

وأضاف “بالتزامن مع المسار السياسي، أطلق المسار الاقتصادي عبر رؤية طموحة أعدها 500 مشارك ضمن جداول زمنية للتنفيذ”.

وأشار إلى أن الرؤية استندت إلى مرتكزين رئيسيين، هما النمو الاقتصادي، وتحسين حياة المواطنين، عبر 366 مبادرة، تنقل الواقع الاقتصادي إلى مرحلة التطبيق، من خلال تنفيذ الحكومة بنودها.

ويعول الأردن على نجاح رؤيته الاقتصادية الجديدة على ركائز كثيرة، في مقدمتها مكانته ودوره وشراكاته مع دول المنطقة، وفي ظل قطاع صناعي متطور تصل منتجاته إلى 140 سوقا بالعالم، فضلا عن الكفاءات المحلية لتقليص البطالة البالغة نحو 24 في المئة.

وقال وزير التخطيط والتعاون الدولي ناصر الشريدة إن “رؤية التحديث الاقتصادي تمثل خارطة طريق لعشر سنوات مقبلة لتمكيننا من الاستفادة من مختلف الإمكانات في اقتصادنا والاستفادة من الميزات التنافسية للبناء على القطاعات الواعدة وتحقيق الأهداف”.

وأكد أنه سيتم خلال الأشهر المقبلة ترجمة أول خطة تنفيذية والتي تحتاج من سنتين إلى ثلاث سنوات لتطبيقها، ومن ثم حشد التمويل سواء من خلال الإنفاق الرأسمالي المتاح من الموازنة العامة أو من خلال المساعدات الخارجية.

وخلال الأشهر الماضية تواصل الأردن مع مختلف الجهات المانحة والممولة، وهي بانتظار تزويدها بتفاصيل هذه الرؤية. كما عملت وزارة التخطيط على إعداد برنامج الخطة التنفيذية لأول عامين، إذ يتم رصد أكبر قدر ممكن من المساعدات بهذا التوجه.

نايف استيتية: بادرة لاستدامة سوق العمل وجذب الاستثمار وتطوير القطاعات

وتعتمد الرؤية في شق أساسي منها على ترسيخ شراكة حقيقية مع القطاع الخاص عبر تحفيز الاستثمارات المحلية أو الأجنبية لتوجيهها نحو مشاريع نوعية تخلق نشاطا اقتصاديا وقيمة مضافة عالية.

وعلاوة على ذلك توجيهها إلى مشاريع تساهم في نقل المعرفة والتكنولوجيا، إضافة إلى مشاريع تسهم في فتح أسواق جديدة وأخرى توفر فرص عمل مطلوبة للأردنيين والأردنيات.

وأكد وزير العمل نايف استيتية في تصريحات للصحافيين أن رؤية التحديث الاقتصادي ستكون بادرة لتحقيق استدامة في سوق العمل، وجذب الاستثمارات وتطوير القطاعات.

وقال إن “الرؤية تطلبت أشهرا من العصف الذهني، شارك فيها العديد من الخبراء والمختصين من القطاعين العام والخاص، للخروج بتوصيات يمكن تحقيقها خلال العقد المقبل.

وأضاف أن الرؤية تهدف إلى “الخروج بحلول للتحديات المحلية التي تواجه الشباب بالشراكة ما بين القطاعين العام والخاص”.

ولدى القطاع فرص وافرة يمكن اغتنامها، ما يكفل تحسين المؤشرات الاقتصادية المختلفة، سواء من حيث الصادرات أو جذب المزيد من الاستثمارات وبالتالي توفير فرص العمل.

واعتبر وزير الاستثمار خيري عمرو، أن رؤية تعد ضرورة حتمية للأردن، ليحافظ على قدرته التنافسية.

وقال إن “تمكين الاقتصاد الأردني وتعزيز تنافسيته في المنطقة، يعود بالنفع على الأردنيين”، مشيراً إلى أن الرؤية ستمهد الطريق أمام الإصلاح الاقتصادي.

10