الأردن يكسر جمود العلاقات مع إسرائيل تمهيدا لاستئناف مفاوضات السلام

للمرة الأولى منذ سنوات.. اجتماع بين وزيري خارجية الأردن وإسرائيل لبحث سبل العودة إلى طاولة المفاوضات.
الجمعة 2020/12/04
تمسك بحلّ الدولتين سبيلا للسلام

عمان – عقد وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي لقاء هو الأول منذ سنوات، مع نظيره الإسرائيلي غابي أشكنازي، لبحث جهود استئناف مفاوضات السلام الإسرائيلية الفلسطينية.

وتستشعر عمان، التي تربطها بإسرائيل معاهدة للسلام، خطر التحولات الطارئة في المنطقة العربية على تموضعها السياسي، ودورها في مسار القضية الفلسطينية، ما دفعها إلى التحرك ومجاراة تيار تطبيع العلاقات في نسخته الجديدة، واختراق البرود المحيط بعلاقاتها مع إسرائيل.

وبحث الوزيران خلال اجتماعهما الخميس في “جسر الملك حسين” الرابط بين المملكة والضفة الغربية، التطورات المرتبطة بجهود إعادة إطلاق المفاوضات، وخصوصا في ضوء قرار السلطة الفلسطينية استئناف التعاون الأمني والاقتصادي مع إسرائيل.

وشدد الصفدي على أنه “لا بديل لحل الدولتين سبيلا لتحقيق السلام العادل والشامل الذي يشكل ضرورة إقليمية ودولية"، مؤكدا "ضرورة العودة إلى طاولة المفاوضات على أساس القانون الدولي لإيجاد أفق حقيقي لتحقيق السلام العادل على أساس هذا الحل".

وطالب وزير الخارجية الأردني إسرائيل بـ”وقف إجراءاتها الاستفزازية في المسجد الأقصى، والإجراءات التي تقوض فرص السلام”.

وتطرق اللقاء إلى عدد من القضايا العالقة بين الأردن وإسرائيل، شملت المياه ورفع القيود عن الصادرات الأردنية للضفة الغربية، وعن تزويد الأردن السلطة الفلسطينية بكميات إضافية من الكهرباء، وتنظيم الحركة عبر المعابر في ضوء إغلاقها جراء جائحة كورونا.

ويعد لقاء الوزيرين أمرا غير اعتيادي، لاسيما أن العلاقات بين المملكة وإسرائيل اللتين ترتبطان باتفاقية سلام منذ عام 1994، مرت بفترة توتر على خلفية انتهاكات إسرائيلية في القدس والمسجد الأقصى واعتداءات على قطاع غزة، فضلا عن احتجاز متبادل لمواطنين من البلدين، إضافة إلى إطلاق نار وقع بمجمّع السفارة الإسرائيلية لدى عمان في يوليو 2017، ما أسفر عن مقتل أردنيين اثنين وإصابة إسرائيلي.

ووصف العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني علاقات بلاده مع إسرائيل، في كلمة بواشنطن، أواخر العام الماضي، بأنها “في أسوأ حالاتها”.

وعملية السلام بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي مجمدة منذ أبريل 2014، جراء رفض إسرائيل وقف الاستيطان في الأراضي المحتلة، وتنكرها لحدود 1967 كأساس للتفاوض على إقامة دولة فلسطينية.

وطالب الرئيس الفلسطيني محمود عباس في 25 سبتمبر الماضي أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش  بالبدء بخطوات عملية لعقد مؤتمر دولي للسلام، مطلع العام 2021.

وأعلن مسؤولون فلسطينيون في أكثر من مناسبة استعدادهم للعودة إلى المفاوضات وفق قرارات الشرعية الدولية.

ويعرب الفلسطينيون عن تفاؤل حذر بعد فوز المرشح الديمقراطي جو بايدن برئاسة الولايات المتحدة، على منافسه الرئيس الحالي دونالد ترامب.

وانضم الأردن في أكتوبر الماضي إلى اتفاقيات السماوات المفتوحة مع إسرائيل، بتوقيع اتفاقية تسمح برحلات جوية تجارية عبر المجال الجوي للجانبين، في خطوة تحمل أكثر من دلالة لاسيما من حيث توقيتها، في ظل الاختراقات الجارية على مستوى العلاقات العربية الإسرائيلية.

وجاءت الاتفاقية الأردنية الإسرائيلية، بعد توقيع اتفاقات بين إسرائيل والبحرين والإمارات والمملكة العربية السعودية على أهمية ضمان رحلات جوية منتظمة ومباشرة لتعزيز العلاقات وفتح المجال الجوي أمام الطيران الإسرائيلي.

وأعلنت الإمارات والبحرين عن تطبيع العلاقات مع إسرائيل وتوسيعها لتشمل التعاون في المجالات الاقتصادية والصناعية والتعليمية والتكنولوجية.

ويبدو أن عمان بدأت تستشعر خطورة مسار التطبيع الخليجي الإسرائيلي على وضعها، وهو ما جعلها تعيد النظر في سياساتها ليثمر ذلك لقاء مع الجانب الإسرائيلي بعد سنوات من الجمود.

وشكل اتفاق وادي عربة الاختراق الثاني في العلاقات العربية الإسرائيلية بعد توقيع مصر معاهدة للسلام في كامب ديفيد في العام 1978. ومنذ توقيع الاتفاق شهدت العلاقات الأردنية الإسرائيلية تقاربا سريعا، ومكن ذلك الاتفاق عمان من لعب دور محوري في المنطقة، وكانت خيط الوصل بين عدد من الدول الخليجية وإسرائيل، بيد أنه في السنوات الأخيرة ومع صعود اليمين إلى السلطة في إسرائيل شهدت العلاقة بين الطرفين هزات عدة كان أخطرها مقتل أردنيين داخل السفارة الإسرائيلية في العام 2017.

ويقول متابعون إن الأردن وقّع معاهدة السلام على أساس تصوّر شامل يمهّد لقيام دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية، وحلّ مشكلة اللاجئين الفلسطينيين الذين لجأ مئات الآلاف منهم إلى المملكة عام 1948 وعام 1967.

ويبلغ عدد اللاجئين الفلسطينيين المسجلين لدى الأمم المتحدة في الأردن أكثر من 2.2 مليون لاجئ، في حين يشكل الأردنيون من أصل فلسطيني أكثر من نصف عدد السكان البالغ نحو عشرة ملايين.