الأردن يعيد وزارة الإعلام بمسمى مختلف

هل ينعش تغيير التسميات الإعلام الأردني.. وزارة التواصل الحكومي بدل وزارة الدولة للإعلام.
الجمعة 2022/08/05
هل يصبح التواصل الحكومي فعالا

أعلنت الحكومة الأردنية عن خطة تحديث القطاع العام التي بمقتضاها يتم دمج ست وزارات في ثلاث، وإلغاء واحدة واستحداث أخرى هي وزارة التواصل الحكومي التي ستعوض وزارة الدولة للإعلام، ما أثار جدلا إعلاميا واسعا.

عمان- كشف وزير التخطيط والتعاون الدولي الأردني ناصر الشريدة عن إنشاء وزارة التواصل الحكومي ونقل ارتباط وكالة الأنباء الأردنية “بترا” والتلفزيون الأردني إليها وإعادة هيكلتهما في العامين المقبلين بما يمكّن التواصل الحكومي الفعَّال.

واعتبر إعلاميون أن الأيام المقبلة ستكون كفيلة بمعرفة الأسباب التي دعت الحكومة إلى استحداث وزارة التواصل الحكومي.

وفيما يعتقد إعلاميون أن التغيير سيكون له الأثر الكبير في إنعاش الإعلام الأردني من جديد، مؤكدين أنه اعتراف حكومي مباشر بضعفه وعجزه عن مجاراة الواقع، اعتبر آخرون أن الوزارة المستحدثة ستفرض رقابة صارمة على المؤسسات الإعلامية الرسمية، في حين أكد آخرون أهمية إبقاء هذه المؤسسات مستقلة.

وسخر مذيع الأخبار الأردني مريد حماد من خطة تحديث القطاع العام قائلا:

من جانبه قال وزير الدولة لشؤون الإعلام، الناطق الرسمي باسم الحكومة، فيصل الشبول إن الهدف من إنشاء الوزارة يأتي في سياق مواكبة تطور العملية الاتصالية، لتكون مرجعا للتواصل مع رئيس الحكومة، بما يشمل وكالة الأنباء (بترا) والتلفزيون الأردني.

وشدد الشبول في تصريحات أدلى بها لصحف محلية على أنه لا يوجد دمج بين وكالة الأنباء والتلفزيون الأردني، كما لن يتم توحيد مجلسي إدارتي المؤسستين، مؤكدا استقلال المؤسستين ماليا وإداريا.

وأوضح أن الخطة ستعيد ارتباط المؤسستين بوزير التواصل (الاتصال) الحكومي، بعد أن كانتا مرتبطتين برئيس الوزراء إداريا، مضيفا أنه وفقا للخطة سيعاد تعريف الوزير في النظام الإداري لكلا المؤسستين بـ”وزير التواصل الحكومي”، وليس رئيس الوزراء كما هو الآن في الأنظمة المعمول بها.

فيصل الشبول: الهدف من إنشاء الوزارة يأتي في سياق مواكبة تطور العملية الاتصالية، لتكون مرجعا للتواصل مع رئيس الحكومة

وأكد الشبول أن الخطة ستعيد ارتباط “بترا” والتلفزيون بوزير التواصل الحكومي، وهذا لا يعني عودة وزارة الإعلام باختصاصاتها السابقة، موضحا أن الغاية من تغيير مسمى الوزارة هي توسيع مظلتها الإشرافية والتنسيقية، بحيث تشمل فنيا التواصل الاجتماعي والناطقين الحكوميين، ويتم التنسيق في ما بينهم للوصول إلى رسالة إعلامية للدولة تعكس قيمها وتوجهاتها وما تريد إيصاله إلى المواطنين.

ولفت إلى أن الوزارة بشكلها الجديد ستحتاج إلى جهاز إداري وفني كي تتمكن من القيام بدورها. وبين الشبول أن هيئة تنظيم الإعلام ستبقى هيئة مستقلة تنظيمية ولن يطرأ تغيير على وضعها أو مسماها.

وقال وزير الدولة لشؤون الإعلام والناطق الرسمي باسم الحكومة السابق محمد المومني إن وزارة التواصل الحكومي هي وزارة إعلام بمسمى مختلف، مبينا أنه بحسب ما رشح من معلومات فإن إعادة وزارة الإعلام تعاكس التوجه العام منذ سنة 2003، عندما ألغيت الوزارة، مستبعدا الفكرة التي تشير إلى أن استحداث الوزارة سيزيد الرقابة على الإعلام الوطني، ولفت إلى أن زمن الرقابة على المعلومات ولى.

وأمل المومني في تصريحات نقلتها صحف إعلامية محلية أن يكون من درس هذه الخطوة قد بحث الجوانب المتعلقة باستحداث الوزارة الجديدة، وأن تشكل حلا لما يواجهها من تحديات الإعلام الرسمي بشكل عام، موضحا أنه من الضروري ترسيخ التجانس بين الجهات الحكومية كافة لتوحيد الخطاب مع الرأي العام.

بدوره اعتبر مؤسس “مركز حماية وحرية الصحافيين” نضال منصور أن المشكلة لا تكمن في تغيير مسميات الوزارات، وإنما في القدرة على أن يتماهى الخطاب الحكومي مع التحولات الجارية في العالم.

ونقلت صحيفة “الغد” الأردنية عن منصور قوله إن القضية الأساسية تدور حول ضمان تدفق المعلومات ذات المصداقية والجودة من الحكومة، بحيث تستطيع تغطية الغياب والفراغ الذي يتيح للفرد مساحة واسعة لنشر المعلومات المضللة والشائعات.

وتساءل “كيف يمكن أن تكون الحكومة فاعلة وحاضرة بتقديم رواية متماسكة ذات مصداقية، في وقت يشهد فيه العالم نشاطا معلوماتيا كبيرا على مواقع التواصل الاجتماعي؟”.

محمد المومني: إعادة وزارة الإعلام تعاكس التوجه العام منذ سنة 2003، عندما ألغيت الوزارة

وقال منصور إن “هناك تحديا وموضوعا قيد الاختبار بتغيير الاسم إلى وزارة التواصل الحكومي”، مشيرا إلى أنه كان هناك مشروع في وقت سابق لتوحيد المؤسسات الإعلامية الرسمية تحت مظلة واحدة، غير أن الفكرة لم تكتمل.

ولفت منصور إلى أن وجود “بترا” تحت مظلة الحكومة لا يفيدها، وإنما وجودها تحت مظلة مستقلة للإعلام الحكومي، كما هي التجارب الناجحة على غرار “بي.بي.سي” أو مؤسسة الإذاعة والتلفزيون الأردني، يمكن أن يستفاد منه بشكل أفضل.

ودعا إلى إنهاء الرقابة على المؤسسات الإعلامية الحكومية، ورفع منسوب الحديث عن التنظيم واتباع نظام الإخطار وليس الترخيص.

من جانبه قال نقيب الصحافيين السابق طارق المومني إن “فكرة إنشاء وزارة للتواصل الحكومي جميلة، ما يجعل الأردن متقدما على دول أخرى”، آملا أن تكون جهة فعالة في التنسيق والتعاون بين الجهات ذات الاختصاص، وألا تكون جهة رقابية على الإعلام الرسمي.

وأكد أنه آن الأوان للتخلص من قضايا الرقابة على عمل المؤسسات الإعلامية، خاصة مع وجود مؤسسات كبيرة يعمل فيها صحافيون وإعلاميون محترفون.

وأشار المومني إلى أن الأخطاء إن وقعت فإن القانون هو الفيصل وليس أي جهة أخرى، داعيا إلى تعزيز حرية الإعلام وانسياب المعلومات في زمن يشهد تطورا هائلا من ناحية تدفق المعلومة التي لم يعد بالإمكان إخفاؤها لفترات طويلة.

ومن جانبها استغربت نقابة الصحافيين الأردنيين، في بيان أصدره مجلسها مساء الأربعاء، تغييبها عن مشاورات إعداد خطة تطوير القطاع العام التي أعلنتها الحكومة أخيراً، في ما يتعلق بوسائل الإعلام الرسمية، فضلاً عن العلاقة بين المشغّل والمشتغل.

وأشارت إلى أن مخرجات اللجنة تناولت قضايا جوهرية تأتي ضمن مهام النقابة، الأمر الذي يستدعي رفض دمج المؤسستين والإبقاء على استقلاليتهما، وطالبت بإقرار أنظمة خاصة بالإعلام الرسمي تضمن استقلال المؤسسات مالياً وإدارياً.

ونبه المجلس أيضاً إلى أن خطة التحديث ستؤثر مباشرة على العاملين في قطاع الإعلام الخاص في حال إلغاء وزارة العمل، ما يفقد العاملين آخر معاقلهم المرجعية الضامنة لحقوقهم والضابطة لعلاقتهم مع المشغلين.

 المشكلة لا تكمن في تغيير مسميات الوزارات، وإنما في القدرة على أن يتماهى الخطاب الحكومي مع التحولات الجارية

وتساءل عن نهج المفاضلة بين وسائل الإعلام التي تتلقى تمويلها من الخزينة العامة، وما يترتب على ذلك من تعدد مرجعي وتباين في الامتياز الوظيفي للعاملين فيها، في إشارة إلى استثناء قناة المملكة من الإجراءات المتعلقة بخطة تحديث القطاع العام.

وطالب باجتراح خطة نهوض شاملة للإعلام الوطني، بشقيه العام والخاص، تكون قادرة على معالجة اعتلالات الواقع وبناء مقاربة تصلح للمستقبل بالشراكة المفتوحة مع نقابة الصحافيين وهيئتها العامة.

وأضاف البيان “تتفق النقابة مع ضرورة أن يكون للدولة إعلامها الرسمي الذي يعبّر عن رؤاها، بيد أن ذلك لا يتناقض مع التمسك بالتدفق الحر للمعلومات، وضمان إيصالها إلى الجمهور الأوسع، وهو غاية أي وسيلة إعلامية، مع التمسك بالأطر التشريعية الناظمة للعمل”.

16