الأردن يعيد ضبط إيقاع نشاط النقل في تنمية الاقتصاد

أعطت تحركات الحكومة الأردنية لضبط إيقاع نشاط قطاع النقل وتعزيز دوره في الاقتصاد من بوابة تحسين البنية التحتية وتجديد الأسطول البري والبحري والجوي وتطوير الخدمات اللوجستية انطلاقة جديدة ضمن برامج متوازنة تمتد إلى كافة القطاعات.
عمان- قفزت طموحات قطاع النقل في الأردن إلى مستوى جديد بعد الكشف عن حزمة من الخطوات التي ستعزز دوره في تنمية البلد، الذي يسعى إلى إحداث اختراق في جدار أزماته بعد أن أعلن مؤخرا عن استراتيجية تحديث الاقتصاد التي تستمر لعقد من الزمن.
وتعاني شركات قطاع النقل المملوكة للدولة منذ سنوات من مشاكل هيكلية لم تجد الحكومات المتعاقبة وسيلة لتفاديها، وهي تتطلب اليوم حلولا جذرية عاجلة لوضع حد للفوضى التي ضربت مفاصلها وباتت عبئا على الموازنة العامة.
كما يفرض تخلف الخدمات اللوجستية في الأردن على الحكومة النظر بعمق في كيفية هيكلة هذا القطاع الحيوي في مبادرات التنمية، من خلال تطوير البنية التحتية وكافة أنواع وسائل النقل لتعزيز المبادلات التجارية وتطوير مناخ الأعمال ودفع عجلة النمو.

وتقول وزارة النقل إنها تعكف حاليا على تطوير استراتيجية لقطاع النقل تمتد لخمس سنوات وذلك بالتعاون مع شركاء القطاع.
وتستهدف الاستراتيجية مؤشرات قياس أبرزها رفع نسبة مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي من نحو 2.6 في المئة حاليا إلى سبعة في المئة بحلول 2027.
كما تسعى الوزارة إلى توفير فرص عمل أكثر في القطاع بنسبة 18 في المئة. وبحسب إحصائيات وزارة النقل فإن القطاع بمختلف أنماطه يضم حوالي 98 ألف عامل.
ونقلت وكالة الأنباء الأردنية الرسمية عن الوزارة قولها في بيان أصدرته الأربعاء الماضي إن “الإعلان عن محاور الاستراتيجية يأتي تزامنا مع انتهاء أعمال ورشة العمل الاقتصادية الوطنية وإطلاق رؤية التحديث الاقتصادي وإطلاق إمكانات لبناء المستقبل”.
وسيعمل الأردن بالتعاون مع فريق يضم خبراء من البنك الدولي والاتحاد الأوروبي على مواءمة المبادرات الواردة في الوثيقة مع استراتيجية قطاع النقل الخمسية الجديدة.
وتريد الحكومة ترجمة تلك الاستراتيجية إلى خطط تنفيذية تتضمن أهدافا مرحلية مرتبطة بجميع المبادرات التي وردت في وثيقة رؤية التحديث الاقتصادي.
وتمثلت التحديات الرئيسية التي يواجهها القطاع في محدودية عمليات التحوّل الرقمي وتداعيات الجائحة والازدحامات والمساهمة المحدودة جدا للسكك الحديدية، ناهيك عن غياب المناقشات حول الأثر البيئي والتنسيق مع التخطيط العمراني.
ويقول المتابعون للشأن الاقتصادي الأردني إن وثيقة الاستراتيجية المحدثة تمتاز بنظرة شمولية للقطاع مرتكزة على تحليل تكاليف المشاريع والفجوة المالية لتنفيذها.
وأشاروا إلى أنها تقترح أيضا مصادر تمويلية أخرى ضمن الاستراتيجية، مثل الموازنة العامة والإيرادات المتأتية من قطاع النقل وتفعيل الشراكة مع القطاع الخاص والمنح، بهدف سد الفجوة التمويلية الكبيرة في تمويل مشاريع قطاع النقل.

وزارة النقل: سنوفّر فرص عمل أكثر في القطاع بنسبة 18 في المئة
وتستهدف الاستراتيجية تخفيض معدل تكاليف النقل من متوسط دخل الأسرة بحدود 5 في المئة، والتقليل من استخدام السيارات الخاصة ورفع نسبة مستخدمي وسائل النقل العام من جميع حركات التنقل من حوالي 12 إلى 17 في المئة.
وبالإضافة إلى ذلك العمل على خفض كلفة الخسائر المترتبة على إجمالي الحوادث المرورية بنسبة 35 في المئة، وتخفيض استهلاك قطاع النقل من الطاقة بحدود سبعة في المئة، وتخفيض نسبة الانبعاثات الناتجة عن قطاع النقل بحدود 125 في المئة.
وكان الأردن قد دخل خلال سبتمبر الماضي في مفاوضات مع البنك الدولي للحصول على تمويلات تساعده على تنفيذ برنامجه المؤجل لإصلاح قطاع في ظل الضغوط المستمرة من أوساط الأعمال للتسريع في معالجة مشكلة البنى التحتية ونموذج النقل المترهل في البلد.
وسعى وزير النقل وجيه عزايزة خلال لقاء حينها مع المدير الإقليمي للبنك ساروج جها إلى تسليط الضوء على واقع النقل العام وسبل دعم خطط تنميته في السنوات المقبلة بما يخدم استراتيجية التنمية التي تسعى السلطات إلى تنفيذها ولكن تكبلها مشكلة التمويل.
وقال عزايزة حينها إن الوزارة “تعكف حاليا على تحديث استراتيجية قطاع النقل بجميع أنماطه”، مؤكدا أن الاستراتيجية تعد في صدارة أولويات الوزارة بمشاركة القطاع الخاص.
وتركزت النقاشات على ضرورة أن يتضمن برنامج الدعم من البنك الدولي خططا لتنمية وتطوير وبناء قدرات العاملين في مجال النقل، سواء منهم العمال أو المختصون في الوزارة، بالتعاون مع المجتمع المحلي من نقابات وجامعات.
وأكد جها أن البنك الدولي سيتعاون مع عمّان في مراحل هذه الخطة من خلال تقديم منحة بهدف تحديث استراتيجية قطاع النقل وجعل البلد محورا إقليميا للتجارة وتجارة العبور من خلال خطة تعتمد شبكة متعددة الوسائط عن طريق البر والبحر والجو.
ويجمع خبراء اقتصاد على أن نموذج نشاط قطاع النقل الحكومي في الأردن بات في حاجة إلى نفس جديد ضمن رؤية شاملة لتحفيزه باعتباره أحد الأسس الرئيسية للنمو الاقتصادي للبلاد، لاسيما في ظل ما تعانيه البنية التحتية من ضغوط جراء بطء عملية الإصلاح.
ويجزم هؤلاء بأن تأخر الإصلاح والحلول الجذرية لتخفيف الأزمات الاقتصادية سيخلف تكاليف باهظة وقاسية مستقبلا تزداد أعباؤها على سكان البلاد إذا استمرت المؤشرات في التراجع إلى معدلات خطيرة.
الاستراتيجية تستهدف تخفيض معدل تكاليف النقل من متوسط دخل الأسرة بحدود 5 في المئة
وأدى غياب الاهتمام الرسمي بقطاع النقل إلى تراجع مستوى الخدمات وعدم فاعلية أنظمة النقل داخل المدن وبين المحافظات لخلوها من الحداثة والذكاء ومن أي مرونة وسهولة، علاوة على تغييب المعايير التي يمكن القياس عليها.
وتنهمك وزارة النقل في دراسة التشريعات الناظمة للقطاع بهدف تحفيزه وزيادة تنافسيته، وتوفير مناخ جاذب للاستثمار بقطاع لم ترتق مساهمته في الاقتصاد المحلي إلى مستوى التطلعات.
وتتضمن الاستراتيجية مشروع تركيب وتشغيل وتنفيذ أنظمة النقل الذكي بهدف توفير معلومات متعلقة بالركاب ومسارات الخطوط وترددات وسائط النقل، وإيجاد وسيلة لتحصيل الأجور وتقديم دعم الأجور إلكترونيا، وأيضا تخفيف الانبعاثات الكربونية.