الأردن يعزز جهود استقطاب رؤوس الأموال الأجنبية

عزز الأردن جهوده لزيادة زخم الاستثمارات الأجنبية بعد أن أشعلت بيانات انحدار رؤوس الأموال المتدفقة إلى البلاد خلال العامين الأخيرين الجدل بشأن بطء الإصلاحات وتقاعس الجهات الحكومية في الترويج لمناخ الأعمال، في وقت تعاني فيه البلاد من تداعيات أزمات المنطقة.
عمان - يحاول الأردن الخروج من التداعيات الاقتصادية الناجمة عن الاضطرابات في منطقة الشرق الأوسط طيلة السنوات الأخيرة من خلال استقطاب المزيد من الاستثمارات الأجنبية وخاصة العربية.
لكن محللين يرون أن إجراءات الحكومة لإصلاح الأوضاع الاقتصادية لا تزال تصطدم بالعديد من المطبات في طريق تحقيق الأهداف المرسومة.
ويقول آخرون إن عمّان تريد استغلال الوضع الراهن، وخاصة التقلبات في كل من العراق وسوريا ولبنان، لجلب رؤوس أموال إلى قطاعات الصناعة والسياحة والصحة والزراعة.
وفي خطوة لتحريك قطاع الأعمال أعلن رئيس الوزراء عمر الرزاز، في وقت سابق هذا الأسبوع، عن حوالي 68 فرصة استثمارية بقيمة 4.5 مليارات دولار.
المشاريع المعروضة
- 27 مشروعا في قطاع السياحة
- 23 مشروعا في قطاع الزراعة
- 12 مشروعا في قطاع الصناعة
- 6 مشاريع في قطاع الصحة
وقال الرزاز، خلال إطلاق برنامج الفرص المقام في مقر هيئة الاستثمار بالعاصمة عمّان، إن “مشاريع البرنامج تشمل 27 فرصة استثمارية في قطاع السياحة بحجم استثمار يصل إلى ملياري دولار”.
وأوضح أن المشاريع تتضمن أيضا 12 فرصة استثمارية في قطاع الصناعة بمبلغ يبلغ 387 مليون دولار، و6 فرص في القطاع الصحي بحجم استثمار بلغ 458 مليون دولار. وأشار إلى أن هناك 23 فرصة مشروع في قطاع الزراعة بحجم استثمارات إجمالية يصل إلى حوالي 1.5 مليار دولار.
وتقول السلطات إنه رغم صغر حجم الاقتصاد الأردني لكنه يتيح للمنتجات المحلية الدخول إلى أسواق تضم مليارا ونصف المليار مستهلك من خلال الاتفاقيات الحرة الموقعة مع العديد من الدول، وهذا يعتبر عامل جذب للاستثمار.
وأشارت بيانات نشرها البنك المركزي مؤخرا إلى انخفاض صافي تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى البلاد بحوالي 13 في المئة خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الماضي لتصل إلى نحو 473.1 مليون دينار (667.3 مليون دولار) بمقارنة سنوية.
ومن المتوقع أن تساعد الفرص الاستثمارية، في حال تمت على النحو الأمثل، على إعطاء زخم أكبر لسوق العمل التي تعاني من مشاكل منذ سنوات.
ويرى البعض أن وتيرة ارتفاع معدلات البطالة بين الأردنيين تثبت أن إصلاحات سوق العمل لم تتمكن من إطفاء الآثار الجانبية لإجراءات التقشف وخفض الإنفاق والدعم الحكومي والأجور والرسوم والضرائب الجديدة التي فرضتها الحكومة لمعالجة الاختلالات في التوازنات المالية.
وحتى تعالج هذه المشكلة المزمنة، تشترط الحكومة أن تتوزع المشاريع التي أطلقتها على كافة مناطق البلاد لما لها من أثر في تحقيق التنمية المحلية على مستوى المحافظة. ولدعم التمشي الجديد، التقى رئيس الوزراء في هيئة الاستثمار مجموعة من المستثمرين العرب الذين لهم استثمارات في الأردن في العديد من القطاعات.
وأكد الرزاز خلال اللقاء أن الحكومة تعمل على ترويج الاستثمار للأردن بشكل حقيقي، وتحفيزه بشكل منسق والحد من الإجراءات البيروقراطية والإدارية التي تعيق عمل المستثمرين. ولفت إلى أنه تم تعديل التشريعات ذات الصلة بالمستثمرين وضمان استقرارها، ولاسيما ما يتعلق بالحوافز والإعفاءات وغيرها، لمدة لا تقل عن عشر سنوات.
وكان رئيس هيئة الاستثمار خالد الوزني قد أكد الشهر الماضي خلال ندوة أقامتها الجمعية الأردنية للعلوم والثقافة تحت شعار “كيف نكون وجهة للاستثمار” أنّ “أَهم مُقَومات اتخاذ القرار الاستثماري هو تحقيق عائد متوقع على الاستثمار”.
وإلى جانب ذلك، يعتقد الوزني أن عوامل الأمن والاستقرار التشريعي وسيادة القانون والحلول الذكية وتكلفة عناصر الإنتاج، إضافة إلى الحوافز والإعفاءات المالية التي تُقدّم للمشاريع الاستثمارية، مهمة لجلب رؤوس الأموال.
وبحسب المؤشرات، يمتلك الأردن 12 قطاعا متنوعا في عدة محافظات وكذلك ميزات تنافسية جاذبة للاستثمار، إضافة إلى امتلاكه موارد بشرية فاعلة ومؤهلة وقادرة على تحقيق متطلبات المستثمرين.
وقال الوزني حينها “قمنا في الهيئة بالتواصل مع كافة الجهات الحكومية لتوحيد وتجميع الفرص الاستثمارية الموجودة في كافة المحافظات ليتم عرضها على المستثمرين المستهدفين، فالمستثمر اليوم يبحث عن فرص استثمارية حقيقية يحقق عائد ربح من خلالها”.
ويعتبر الاستثمار الأجنبي أحد المعطيات الرئيسية الداخلة في الحساب الجاري لميزان المدفوعات للأردن، إلى جانب كل من السياحة والميزان التجاري وحوالات المغتربين.
وحقق هذا المجال أعلى قيمة له في 2008 ببلوغه مستوى ملياري دينار (2.8 مليار دولار)، لكنه تقلص لاحقا مع تداعيات الأزمة المالية العالمية.
وفي مسعى لتخفيف أزماته، قدم الأردن في فبراير العام الماضي قائمة مشاريع على هامش مؤتمر لندن لدعم الاقتصاد على أمل ضخ استثمارات تمتص جزءا من نسب البطالة.
وقدم صندوق النقد الدولي الشهر الماضي شهادة دعم للإصلاحات الاقتصادية في الأردن بإعلان موافقته على تقديم قرض جديد، وسط تحذيرات من تحديات كبيرة قد تفرضها التقلبات الإقليمية وتذبذب مناخ الاقتصاد العالمي.
وتوصل الصندوق إلى اتفاق مع الأردن على برنامج جديد بقيمة نحو 1.3 مليار دولار مدته أربع سنوات يهدف إلى دعم النمو الاقتصادي وتحفيز سوق العمل مع تعزيز استقرار المالية العامة.
ويؤكد محللون أن الوضع الذي بلغه الأردن في ظل جنوحه مرة أخرى إلى الاقتراض الخارجي دليل واضح على الخلل في إدارة الأموال وعدم وضوح الرؤية وغياب الإرادة الحقيقية لتحسين القطاعات الإنتاجية المهمة.