الأردن يعزز التزاماته في تنمية مشاريع الاقتصاد الدائري

رهان على الشراكات بين القطاعين العام والخاص لتجسيد أهداف التحول الأخضر.
الخميس 2025/02/06
ثروة تحتاج إلى من يثمنها

يسير الأردن بخطوات ثابتة نحو التحول من الاقتصاد القائم على استخراج الموارد وتصنيع المنتجات والتخلص من مخلفاتها، إلى الاقتصاد الدائري الذي يعتمد على تدوير النفايات، بفضل الفرص الاستثمارية الكثيرة التي يوفرها القطاع، بما يحقق للدولة أهداف التنمية المستدامة.

عمّان - يشكّل التوجه نحو الاقتصاد الدائري للأردن فرصة واعدة لتحقيق تنمية مستدامة وشاملة، والإيفاء بالالتزامات البيئية وزيادة النمو الاقتصادي، ورفع القيمة المضافة للإنتاج المحلي، وتوفير فرص عمل جديدة.

ويرتكز اهتمام الحكومة على الاقتصاد الدائري نظرا لآثاره الإيجابية على المناخ ولاسيما خفض كميات النفايات عبر التدوير أو إعادة الاستخدام وغير ذلك، وتقليل الغازات الدفيئة، واستغلال الموارد بأقصى درجة، والتوجه نحو الاستهلاك والإنتاج المستدامين.

ويقول المسؤولون إن هذا المجال يعد مكونا رئيسيا في سعي الدولة للتحول نحو الاقتصاد الأخضر، بالتعاون مع الشركاء من القطاعين العام والخاص، ومؤسسات المجتمع المدني، مشيرين إلى إدماج مفاهيمه في المناهج المدرسية.

وطورت وزارة البيئة خطة خمسية خضراء تنتهي هذا العام وترتكز على 6 قطاعات رئيسية، هي الطاقة والمياه وإدارة النفايات والزراعة والسياحة والنقل، وربط جهود العمل المناخي بالاقتصاد الدائري عبر المشاريع والوثائق المهمة.

فتحي الجغبير: شركات الصناعة مهتمة كثيرا بتطبيق معايير الاستدامة
فتحي الجغبير: شركات الصناعة مهتمة كثيرا بتطبيق معايير الاستدامة

ورخصت وزارة البيئة 183 منشأة لإدارة النفايات، منها منشآت خاصة لإعادة التدوير، من بينها 8 لإعادة تدوير البطاريات و12 لإعادة تدوير الزيوت ومثلها لإعادة تدوير الإطارات.

كما تم تأسيس 34 محطة لجمع النفايات الكهربائية والإلكترونية وتوزيعها بمحافظات البلاد، إلى جانب الترخيص لثماني منشآت لإعادة تدوير النفايات الإلكترونية والكهربائية.

ووفق ممثل قطاع الصناعات البلاستيكية والمطاطية في غرفة صناعة الأردن علاء أبوخزنة لا تتوفر بيانات دقيقة حول عدد العاملين في قطاع إعادة التدوير بالأردن، لكنه يتوقع وجود عشرات الآلاف من العاملين المنخرطين في سلسلة إعادة التدوير كاملة.

وتسعى رؤية التحديث، التي تعد “خارطة طريق” للاقتصاد الأردني، إلى تعزيز النمو وتوليد فرص عمل جديدة مع ضمان الحفاظ على الموارد الطبيعية والبيئية، إذ حددت ضمن محرك البيئة المستدامة عدة أهداف للحد من النفايات وإعادة تدويرها واستخدامها.

وتهدف الرؤية إلى تحقيق تحول اقتصادي مستدام، يعزز النمو ويعالج التحديات الهيكلية، إذ وضعت الاقتصاد الدائري ضمن أولوياتها تحت المحرك السابع ، محرك “بيئة مستدامة”.

ويرى منتدى الإستراتيجيات الأردني، وهو إحدى مؤسسات القطاع الخاص، أن تجاوز منظور إدارة النفايات وكفاءة استخدام الموارد إلى الإدماج الكامل لجميع مبادئ الاقتصاد الدائري يمكن أن يوفر للأردن المزيد من المكاسب الاجتماعية والاقتصادية والبيئية.

وأشار المنتدى إلى أن الصناعة التحويلية، التي تعد الأكبر في البلاد، من المتوقع أن يتضاعف حجمها بحلول عام 2033 لتولد نحو 260 ألف وظيفة جديدة في الصناعات الكيميائية والمنسوجات والأغذية والأدوية والصناعات الهندسية كخطوط الإنتاج الرئيسية.

وتستهلك القطاعات مجتمعة كميات كبيرة من الطاقة والموارد، وهو ما يجعلها مرشحة بشكل رئيسي لتنفيذ نهج الاقتصاد الدائري الذي يهدف إلى زيادة الكفاءة والحد من النفايات وتعزيز ممارسات الاستدامة.

حجم الصناعة التحويلية سيتضاعف بحلول 2033 لتولد 260 ألف وظيفة جديدة
حجم الصناعة التحويلية سيتضاعف بحلول 2033 لتولد 260 ألف وظيفة جديدة

وأكد رئيس غرفة صناعة الأردن فتحي الجغبير وجود نمو متزايد في الصناعات التي تعتمد على المواد المستدامة والمدورة بالأردن مثل صناعة البناء التي بدأت باستخدام الطوب المعاد تدويره، بالإضافة الى بعض الصناعات الغذائية والكيماوية.

ونسبت وكالة الأنباء الأردنية الرسمية إلى الجغبير قوله إن “قطاع الطاقة المتجددة يعد من العوامل الرئيسية في دعم الاقتصاد الدائري، من خلال توفير طاقة نظيفة ومستدامة.”

وتطرق في حديثه إلى القطاع الزراعي الذي يستفيد من ممارسات الاقتصاد الدائري بتطبيق الأنظمة المستدامة، كالزراعة العضوية وتدوير المخلفات لاستخدامها كسماد أو لتوليد الطاقة.

وأكد الجغبير أن هناك اهتماما متزايدا من الشركات الصناعية بالأردن لتطبيق الممارسات المتعلقة بالاقتصاد الدائري، ولاسيما مع تزايد الوعي البيئي ودعم التشريعات الحكومية لهذه الاتجاهات.

وحسب بيانات لوزارة البيئة، يبلغ معدل الإنتاج السنوي للنفايات في البلاد 2.7 مليون طن، وكمية النفايات الصلبة 2.5 مليون طن في السنة، 50 في المئة منها عضوية.

أما كمية النفايات الطبية فتبلغ 2745 طنا في السنة، وكمية النفايات الصناعية الخطرة تبلغ 45 ألف طن سنويا، فيما تبلغ نسبة النفايات البلاستيكية من إجمالي النفايات نحو 35 في المئة.

وتشير المعطيات إلى أن 90 في المئة من المناطق الحضرية و70 في المئة من المناطق الريفية مغطاة بخدمة جمع وإدارة النفايات الصلبة.

كما أن جزءا كبيرا منها، كالزيوت المعدنية وبطاريات الرصاص الحامضية المستهلكة، يعاد تدويره وينقل إلى مركز معالجة النفايات الخطرة، بما يعادل ألفي طن سنويا.

ويؤكد ممثل قطاع الصناعات التموينية والغذائية في غرفة صناعة الأردن محمد الجيطان أن قطاع التصنيع الغذائي يعتمد على تبني العديد من ممارسات الاقتصاد الدائري.

6

قطاعات تركز عليها وزارة البيئة هي الطاقة والمياه وإدارة النفايات والزراعة والسياحة والنقل

وقال “أظهر القطاع اهتماما ملحوظا بإعادة استخدام المواد والموارد لتحسين الكفاءة وتقليل الفاقد، واستخدام النفايات العضوية في إنتاج السماد أو الطاقة الحيوية، وهو ما جعل القطاع رائداً في مجال تحسين جودة المنتجات وتقليل التكاليف.”

وشدد على أنه أصبح أحد أبرز القطاعات التي تعتمد على منتجات تدوم طويلاً وقابلة لإعادة التدوير أو التفكيك، والمواد المستدامة والمدورة، بالإضافة إلى تبنيه مفهوم الابتكار في تصميم مواد تغليف قابلة للتدوير أو التحلل الحيوي.

وأشار الجيطان إلى أن هذه الممارسات تقلل الأثر البيئي وتسهم في تحقيق استدامة شاملة، إلى جانب تطبيق الممارسات الخاصة بإعادة استخدام المياه الناتجة عن عمليات التصنيع، والاستفادة من المنتجات الثانوية وقشور الفاكهة والبذور في إنتاج مواد غذائية إضافية.

وقبل عامين أطلقت الحكومة مشروع تطبيق ممارسات متكاملة متعلقة بكفاءة استخدام الموارد والإنتاج الأنظف المطبقة في المنشآت الصناعية بغية تنفيذ خدمات فنية واستشارية لتطبيق منهجية الإنتاج الأنظف والكفؤ في استخدام الموارد لـنحو 15 منشأة صناعية.

وضمن جهود مشاريع إعادة التدوير أُنشئ أول مركز لبنوك التدوير في العاصمة عمّان، وهو مصمم لتلبية أفضل الممارسات الدولية، عبر استقبال المواد القابلة لإعادة التدوير المفصولة من المصدر كالبلاستيك والورق والمعادن والكرتون.

وبين المدير التنفيذي لشركة الأنظمة الذكية سامر الزمر أن الشركة تركز على إعادة تدوير مواد مختلفة، منها النفايات البلدية والإطارات المطاطية والمخلفات البلاستيكية والمخلفات الزراعية.

كما أنها تعمل على تحويل العديد من أنواع المخلفات إلى وقود بديل قابل للاستخدام في الصناعة وفي العديد من التطبيقات المنزلية وتربية الدواجن مثل التدفئة.

وقال الزمر إن “مختلف القطاعات في الأردن تعاني من ارتفاع فاتورة الطاقة المستخدمة إما للإنتاج أو للتدفئة، وفي الوقت نفسه تشكل النفايات مشكلة متراكمة تؤثر على البيئة و المياه الجوفية وانبعاثات غازات الدفيئة.”

وأضاف أن “هذا الوضع دفع الشركة إلى تقديم حلول بيئية لتحويل المخلفات إلى مصدر مستدام للطاقة وتحويلها إلى وقود صلب أو سائل بنحو قابل للاستخدام بسهولة في مختلف المنشآت.”

10