الأردن يطلق وزارة الاتصال الحكومي لإقناع الأردنيين بالإنجازات

أثار إطلاق وزارة الاتصال الحكومي في الأردن أسئلة حول دور الوزارة الجديدة والتي يقول المسؤولون إنها ستروج للصورة الإيجابية للأردن، فيما يقول مراقبون إن التطبيل للمسؤولين لن يصلح الأمر، بل الأولى معالجة مشاكل الإعلام الذي يفتقر إلى المصداقية في أوساط الأردنيين.
عمان - أقر مجلس الوزراء الأردني نظام التنظيم الإداري لوزارة الاتصال الحكومي لسنة 2022. وقال رئيس الوزراء بشر الخصاونة الخميس إن وزارة الاتصال الحكومي المستحدثة في التعديل الخامس تستهدف رفع الكفاءة بشأن الرسالة الإعلامية للدولة، ولتتفاعل مع الإعلام الجديد الرقمي والإعلام التقليدي.
وقال الخصاونة إن الوزارة تستهدف أن “تصبح أكثر كفاءة في التعبير عن المنجزات التي يوجد تقصير في التعبير عنها، وكذلك بالاعتزاز بهذه المنجزات وبالاستقرار والصلابة والمناعة أمام عاتيات كثيرة تعرضت لها دول كثيرة في الإقليم وأبعد من ذلك”.
وتحدث رئيس الوزراء عن “تشكيل قصة نجاح بكل المقاييس في استيعاب تحديات مماثلة لم تصمد أمامها الكثير من الدول”. وقال الخصاونة “لا بد أن نلحق بركب السردية الإعلامية الضرورية من خلال الانفتاح على الإعلام وتطوير الخطاب”.
وتحدث الخصاونة عن “منجزات نفاخر بها وأن نلقي بياضاً على الأقلية التي تصر على محاولة زرع السوداوية والسواد في مشهديتنا العامة التي تتضمن كل ما يدعو للفخر والاعتزاز بالمنجز وبالنظرة الاستشرافية لقيادتنا وبالمسؤولية العالية وقيم النخوة التي يتمتع بها شعبنا”.
ويظهر حديث الخصاونة التخوف من اضطرابات قد تعصف بالأردن واستقراره وهي محاولات لقطع الطريق عن أصوات تطالب الأردنيين بالاحتجاج، تلقى صدى واسعا في أوساط الأردنيين.
وقال وزير الاتِّصال الحكومي، النَّاطق الرَّسمي باسم الحكومة فيصل الشّبول، إنَّ إقرار النِّظام يأتي “ترجمة لصدور الإرادة الملكيَّة السَّامية بتعيين وزير للاتِّصال الحكومي ضمن التَّعديل الوزاري الأخير، ما يستوجب إنشاء وزارة للاتِّصال الحكومي بمهام وصلاحيَّات وهيكل تنظيمي محدَّد وفق نظام يستند إلى المادَّة (120) من الدّستور الأردني، وكجزء من البرنامج التَّنفيذي لخارطة طريق تحديث القطاع العام”.
وبيَّن الشّبول أنَّ وزارة الاتِّصال الحكومي ستتولَّى بموجب النِّظام مهمَّة وضع سياسة عامَّة للإعلام والاتِّصال الحكومي ترتكز على مبادئ الالتزام بنصوص الدّستور الأردني كضامن لحريَّة التَّعبير عن الرَّأي بما يعزِّز النَّهج الديمقراطي والتعدُّدية السِّياسيَّة، وتعزيز دور الإعلام الوطني في الدِّفاع عن المصالح العُليا للدَّولة والتمسُّك بقيم العروبة والإسلام.
كما تتضمَّن المبادئ حماية تعدُّديَّة وسائل الإعلام وتنوُّعها، وتعزيز دورها في التصدِّي للإشاعات وخطاب الكراهية وانتهاك حُرمة الحياة الخاصَّة، وتعزيز حقّ الجمهور في وسائل إعلام مهنيَّة وموضوعيَّة تحترم العقل والحقيقة وكرامة الإنسان وحريَّته، وتنمية الشُّعور الوطني، وتوعية المواطنين بحقوقهم وواجباتهم، وتعزيز مبادئ العدل والمساواة وسيادة القانون.
ولفت إلى أنَّ من أبرز المهام التي ستتولَّاها الوزارة تقديم الدَّعم الفني للناطقين الإعلاميين في الوزارات والدَّوائر الحكوميَّة المختلفة، وبناء قدراتهم ورفع مستوى أدائهم؛ بما يضمن انسيابيَّة تدفق المعلومات إلى وسائل الإعلام، وديمومة تزويدها بالمعلومات من مصادرها، مشيراً إلى التوجُّه لتدريب قرابة 70 ناطقاً إعلاميَّاً باسم جميع الدَّوائر الرَّسميَّة والمؤسَّسات العامة اعتباراً من مطلع العام المقبل.
وستتولَّى الوزارة كذلك مهام أخرى من بينها: نقل صورة إيجابيَّة عن المملكة إلى الخارج، ونشر التَّربية الإعلاميَّة والمعلوماتية، وتنظيم الفعاليَّات الإعلاميَّة الحكوميَّة، ومتابعة الدراسات والتقارير والبحوث، وإطلاع الجمهور على سياسات الحكومة وخططها وبرامجها وتوجُّهاتها والتَّشريعات التي تعمل على إعدادها، وتشجيع إبداء الرَّأي والحوار الهادف حولها.
وستتولَّى وزارة الاتِّصال الحكومي أيضا، بحسب الشّبول، توفير المعلومات الأساسيَّة المتعلقة بالحكومة ومؤسَّسات الدَّولة لوسائل الإعلام المختلفة، وتوثيق علاقات التَّعاون معها، ووضع الخطط والبرامج اللازمة لتنفيذ السياسة العامَّة للإعلام والاتصال الحكومي والإشراف عليها ومتابعتها، وإعداد المواد الإعلاميَّة المتعلِّقة بأنشطة الحكومة والمناسبات الوطنية بالتَّعاون والتَّنسيق مع مؤسَّسات الإعلام الحكومي.
واعتبر صحافيون أن الوزارة الجديدة هدفها “التطبيل” للمسؤولين ومحاربة كل الأصوات المخالفة، مؤكدين أن ما يحدث يجدد المطالبة بضرورة وجود إعلام دولة قوي يتصدى للإشاعات. ويعاني الإعلام الأردني منذ سنوات من أزمات مركبة لم تحرك السلطات تجاهها ساكنا، أبرزها الأزمة المالية، كما يعاني من التضييق والقمع.
ويحمّل مراقبون الحكومة مسؤولية تردي الإعلام الأردني وتراجعه، وخاصة أنها لا تدعم وسائل الإعلام، وليس لدى الحكومات المتعاقبة أي إرادة سياسية لتقويتها وتعزيز دورها. ويشير صحافيون إلى أن آخر إستراتيجية وضعت لدعم الإعلام كانت في عام 2011 إبان ما عرف بـ”الربيع العربي”، وانتهت بعد خمس سنوات دون أن تحقق شيئا.
وكانت الأزمة السياسية التي عصفت بالأردن – أو ما يسمى بـ”قضية الفتنة” – أظهرت إعلاما أردنيا ضعيفا حين لجأ الأردنيون إلى الإعلام الخارجي ومواقع التواصل لاستقصاء الأخبار.
ويلجأ المسؤولون إلى التأكيد كل مرة على أن الأردن مستهدف، وسبق لمدير وحدة الاستجابة الإعلامية بالمركز الوطني للأمن وإدارة الأزمات أحمد النعيمات أن أكد في حديث لقناة “المملكة”، أن “دولا ذات مصالح من المصادر الرئيسية للشائعات ضد الأردن”، مشيرا إلى أن “هناك مصالح للمساس بأمن الأردن”.
وكشف النعيمات النقاب عن أن الأردنيين يتداولون 90 مليون رسالة واتساب يوميا، معتبرا أن انتشار الشائعات يعود إلى فقدان الثقة في الإعلام الرسمي الذي لا يؤثر في الرأي العام إلا في حدود 36 في المئة.
لكنّ معارضين سياسيين طرحوا فرضية ثانية تتلخص في أن توجهات الحكومات لإثارة الخوف من استهداف الأردن ليست سوى “فزاعة”.
ولا يخفي العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني انزعاجه من حرب الإشاعات التي “تنخر” الأردن، ولا تتوقف عند حدود، وقال “أنا أسمع إشاعات كثيرة بالداخل والخارج.. فمن أين يأتون بهذه الأفكار؟ لا نعلم!”. ويكمل الملك رسالته الواضحة “نريد أن نطور بلدنا ونعمل بشفافية ونحارب الفقر والبطالة والوساطة والفساد، لكن من غير المسموح اغتيال الشخصية، والفتنة خط أحمر”.
من جانب آخر، يصر الشبول على أن وزارة الاتصال الحكومي ليست عودة إلى وزارة الإعلام التي ألغيت عام 2003. وأوضح الشبول أن وزارة الإعلام كان في نظامها أن الوزارة تتألف من مؤسسة الإذاعة والتلفزيون وإدارة المطبوعات والنشر ووكالة الأنباء الأردنية، وكلها ليست موجودة في هذه الوزارة.
وبين الشبول أن عدد وسائل الإعلام في الأردن قبل إلغاء وزارة الإعلام كان بالعشرات مقارنة مع 250 وسيلة إعلام حالياً، ما بين رسمية وحكومية وقطاع خاص. وأوضح أن وسائل الإعلام الحكومية هي وكالة الأنباء الأردنية (بترا)، ومؤسسة الإذاعة والتلفزيون.
وعن مكان وكادر الوزارة، قال الشبول إنه تم استئجار مبنى للوزارة في منطقة الشميساني في عمّان، مضيفا أن كادر الوزارة عشرات فقط.