الأردن يضع حدا لأنشطة الإخوان المسلمين بحظر شامل وإغلاق للمقار

وزير الداخلية يأمر بتسريع مصادرة ممتلكات الجماعة، مؤكدا حظر الانتساب إليها والترويج لأفكارها، ومحذرا من مغبة التعامل معها.
الأربعاء 2025/04/23
رسالة حازمة من عمان للإخوان في أعقاب مخططات زعزعة الاستقرار

عمان - أعلن وزير الداخلية الأردني مازن الفراية الأربعاء عن حظر شامل لكافة أنشطة جماعة الإخوان المسلمين في المملكة، وإغلاق جميع المقار التابعة لها، وذلك بعد سنوات من تغاضي السلطات عن تحركاتها رغم صدور قرار قضائي بحل الجماعة عام 2020.

وهذا القرار التاريخي يمثل نقطة تحول جذرية في علاقة الدولة الأردنية بالجماعة التي نشأت في البلاد عام 1946، ويأتي في ظل اتهامات خطيرة للجماعة بالضلوع في مخططات لزعزعة الاستقرار والقيام بأعمال إجرامية.

وفي مؤتمر صحافي عاجل، تلا الوزير الفراية بيانا شديد اللهجة أكد فيه أن "تقرر حظر كافة نشاطات ما يسمى بجماعة الإخوان المسلمين المنحلة، واعتبار أي نشاط لها أياً كان نوعه عملا يخالف أحكام القانون ويوجب المساءلة القانونية".

وشدد الوزير على أن هذا الحظر يشمل "إغلاق أي مكاتب أو مقار تُستخدم من قبل الجماعة حتى لو كانت بالتشارك مع أي جهات أخرى"، مؤكداً على عزم الحكومة على تجفيف منابع نفوذ الجماعة بشكل كامل.

ولم يقتصر الأمر على الحظر والإغلاق، بل أعلن الوزير عن سلسلة من القرارات الحاسمة التي تستهدف تقويض قدرة الجماعة على العمل والتأثير، فقد أمر بتسريع عمل لجنة الحل المكلفة بمصادرة ممتلكات الجماعة المنقولة وغير المنقولة وفقًا للأحكام القضائية ذات الصلة، في خطوة تهدف إلى إنهاء أي قدرة مالية أو تنظيمية متبقية للجماعة.

كما أكد الوزير الأردني على اعتبار الانتساب لما يسمى بجماعة الإخوان المسلمين المنحلة أمراً محظوراً، ويُمنع منعاً باتاً الترويج لأفكارها تحت طائلة المساءلة القانونية.

ووجه الوزير تحذيرا صريحاً إلى القوى السياسية ووسائل الإعلام ومستخدمي التواصل الاجتماعي والمجتمع المدني وأي جهات أخرى من التعامل أو النشر باسم الجماعة وواجهاتها وأذرعها، مؤكداً على اتخاذ الإجراءات القانونية بحق أي شخص أو جهة يثبت تورطها في أعمال إجرامية مرتبطة بالجماعة والقضايا المعلنة.

وكشف وزير الداخلية عن معلومات خطيرة تُظهر مدى خطورة الأنشطة التي كانت تقوم بها الجماعة وتهدد الأمن الوطني. فقد بين أن الجماعة حاولت "في نفس ليلة الإعلان عن المخططات الأسبوع الماضي تهريب وإتلاف كميات كبيرة من الوثائق من مقارها لإخفاء نشاطاتها وارتباطاتها المشبوهة"، في محاولة واضحة لطمس الأدلة والتستر على أعمالها.

والأكثر إثارة للقلق كان الكشف عن "ضبط عملية لتصنيع المتفجرات وتجريبها من قبل أحد أبناء قيادات الجماعة المنحلة وآخرين كانوا ينوون استهداف الأجهزة الأمنية ومواقع حساسة داخل المملكة"، مما يشير إلى تحول خطير في أنشطة الجماعة من العمل السياسي والدعوي إلى التخطيط وتنفيذ أعمال عنف تهدد استقرار البلاد.

واستندت الحكومة في قراراتها الحاسمة إلى "ثبوت قيام عناصر بما يسمى بجماعة الإخوان المسلمين المنحلة حكما بموجب القرارات القضائية القطعية بالعمل في الظلام والقيام بنشاطات من شأنها زعزعة الاستقرار والعبث بالأمن والوحدة الوطنية والإخلال بمنظومة الأمن والنظام العام".

كما تم الكشف عن "متفجرات وأسلحة كانت تتحرك بين المدن الأردنية وتُخزّن داخل الأحياء السكنية والقيام بعمليات تصنيع وإخفاء صواريخ في ضواحي العاصمة وبعمليات تدريب وتجنيد في الداخل والخارج"، مما يكشف عن بنية تحتية سرية كانت تعمل على تقويض أمن الدولة.

وقد بدأت الضابطة العدلية في الأردن بالفعل يوم الأربعاء بتفتيش عدد من المقار التي كانت تستخدم من قبل ما يسمى بـ"جماعة الإخوان المسلمين المنحلة" في عدد من محافظات المملكة، وذلك لغايات تحقيقية وبموجب القانون وقرار من النيابة العامة، في خطوة عملية لتنفيذ قرار الحظر على أرض الواقع.

ويمثل هذا القرار نقطة نهاية لمرحلة طويلة من العلاقة المتوترة بين الدولة الأردنية وجماعة الإخوان المسلمين التي تأسست في الأردن عام 1946 كجمعية دعوية، وشهدت فترات من التحالف مع الحكومات، وصل فيها قياديون منها إلى مناصب رفيعة.

إلا أن التحول في هذه العلاقة بدأ عقب مشاركة الأردن في مؤتمر مدريد للسلام عام 1992، حيث تصاعدت معارضة الجماعة وحزبها السياسي "جبهة العمل الإسلامي" لعملية السلام مع إسرائيل، وهو ما أدى إلى فتور تدريجي في العلاقة بين الطرفين. وعلى الرغم من فترات الهدوء والسكون التي شهدتها العلاقة لاحقاً، إلا أنها لم تعد إلى سابق عهدها من الثقة والتعاون.

يأتي هذا الحظر بعد يوم واحد فقط من مطالبة حركة "حماس" بالإفراج عن متهمين في القضية المعروفة إعلامياً باسم "خلايا الفوضى"، والتي وجهت فيها السلطات الأردنية الاتهام لـ 16 شخصاً بالضلوع في "مخططات كانت تهدف إلى المساس بالأمن الوطني، وإثارة الفوضى، والتخريب المادي داخل المملكة".

وقد كشفت التحقيقات عن تورط المتهمين في تصنيع صواريخ وحيازة متفجرات وتجنيد وتدريب عناصر، مما يسلط الضوء على المخاطر الأمنية التي تواجهها المملكة.

وتشير المصادر إلى أن هذا الإعلان الحكومي يأتي تفعيلاً لحكم قضائي يعود لعام 2020 بـ"حل جماعة الإخوان المسلمين" واعتبارها "منحلة حكماً وفاقدة لشخصيتها القانونية والاعتبارية" بسبب عدم قيامها بتصويب أوضاعها القانونية وفقًا للقوانين الأردنية، مما يعني أن الحكومة كانت تمتلك سنداً قانونياً قوياً لاتخاذ هذه الخطوة.

ويؤكد هذا القرار الحاسم على توجه الدولة الأردنية نحو فرض سيادة القانون وعدم التهاون مع أي أنشطة تهدد الأمن الوطني والاستقرار. كما يمثل رسالة واضحة بأن "المرونة" التي أبدتها السلطات في التعامل مع الجماعة على مدى السنوات الماضية لم تُقابل بالمسؤولية المطلوبة، وأن الدولة لن تسمح باستغلال العمل السياسي المسؤول للقيام بأنشطة تخريبية تهدد أمن المجتمع ووحدته الوطنية.