الأردن يصوغ إستراتيجية وطنية لمواجهة الإشاعات ومخاطر الأخبار المضللة

وسائل إعلام نشرت 137إشاعة من أصل 1170 إشاعة في آخر 15 شهرا.
السبت 2025/05/03
تحديات كبيرة أمام الشباب في ما يتعلق بإعلام المستقبل

عمّان - قرر الأردن مواجهة الأخطار الناجمة عن إعلام المستقبل على الشباب عبر نشر التربية الإعلامية للوقاية ضد وباء المعلومات المضللة، بينما يعكف على صياغة إستراتيجية وطنية تحكم الإطار الناظم للإعلام بأشكاله كافة، في مواجهة الإشاعات ومخاطر الأخبار المضللة والزائفة.

وبدأ الأردن مبكرا في التعامل مع إعلام المستقبل وتحصين الشباب ببرنامج متكامل يحمل اسم “التربية الإعلامية والمعلوماتية”، وشكل فريق متابعة للمشروع برئاسة وزير الاتصال الحكومي، والأمناء العامين للوزارات المتعاونة، حيث تهدف الخطة التنفيذية للبرنامج إلى تطوير برنامج عمل لتحسين قدرة المجتمع في التعامل مع مصادر المعلومات والأخبار، وأدوات التكنولوجيا الرقمية، كما تهدف المبادرة إلى الانتقال من النظرة السائدة حول التربية الإعلامية كأداة للحماية والدفاع إلى فهم أعمق وأشمل، بوصفها أداة للتمكين والمشاركة والابتكار.

وتقول وزارة الاتصال إن التربية الإعلامية والمعلوماتية يجري تنفيذها بالتعاون مع وزارات التربية والتعليم، والتعليم العالي والبحث العلمي، والشباب، والثقافة، والمركز الوطني لتطوير المناهج ومعهد الإعلام الأردني، ومؤسسات المجتمع المدني، والنظام التعليمي الوطني والمجتمعات الشبابية والهيئات الثقافية وفعاليات الحياة العامة.

وقال وزير الاتصال الحكومي السابق مهند مبيضين في تصريحات لوكالة “بترا” إن هناك تحديات كبيرة أمام الشباب في ما يتعلق بإعلام المستقبل، وإن الأمر يتعلق بتوفير الإمكانات الكافية للجميع، لكنها الآن غير متوفرة على أرض الواقع، ما يعني أن الحاجة ماسة للحصول على فرص تدريبية وتعليمية كافية في هذا المجال.

وأضاف “لا يوجد اليوم صف ثان قادر على التدريب في هذا المجال، وبين هذا الصف والإعلام الجديد فجوة كبيرة، وهناك محاولات لبعض المنصات لمواكبة الإعلام الجديد، ومحاولات لاختراق فاعل من قبل وسائل الإعلام للإعلام الجديد وما زالت بنية الإعلام التقليدي هي المسيطرة.”

وفي تقارير مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد)، تبين أن ألفا و26 إشاعة من أصل ألف و170 إشاعة في آخر 15 شهرا انتشرت في الأردن كان مصدرها منصات النشر العلنية التي تشمل وسائل التواصل الاجتماعي، وهي أحد أنواع إعلام المستقبل التي يشترك فيها غالبية الشباب، ورافق هذا الرقم انتشار خطابات كراهية وعنصرية، لكن الأردن واجه ذلك بوضع أساس تشريعي يحتكم إليه، وهو قانون الجرائم الإلكترونية الذي يمنع بث خطابات الكراهية والعنصرية والتفرقة بين الناس، وبما يحمي حق الناس في التعبير بعيدا عن انتهاك الكرامة وحقوق الإنسان.

مهند مبيضين: الحاجة ماسة للحصول على فرص تدريبية وتعليمية
مهند مبيضين: الحاجة ماسة للحصول على فرص تدريبية وتعليمية

ونشرت وسائل إعلام 137 إشاعة من أصل 1170 إشاعة في آخر 15 شهرا، الأمر الذي حذّر منه متخصصون بأن إعلام المستقبل بكل أنواعه أصبح أداة في الكثير من الأحيان لبث السلبية والفوضى وتضليل الرأي العام وانتهاك الحرمات، ما يستدعي إيجاد حلول وقائية وتشريعية صارمة وجادة لمواجهة كل ذلك.

وقالت أستاذة القانون والخبيرة في التشريع والإعلام الدكتورة نهلا المومني أن الإعلام الجديد وتعامل فئة الشباب معه يعد من المواضيع التي تتطلب وضع رؤية شمولية تضمن التوازن بين مواجهة التحديات الناشئة عنه، وفي الوقت ذاته ضمان الاستفادة من إيجابياته من قبل هذه الفئة.

وأضافت أن هذا الأمر يقتضي البدء بوضع سياسة عامة واضحة المعالم تحدد أطر هذا الإعلام، والآليات اللازمة للتعامل مع معطياته، وقد تأتي هذه السياسة في إطار وضع إستراتيجية وطنية تحكم الإطار الناظم للإعلام بأشكاله كافة، والنهوض به وتوفير المناخ الإعلامي اللازم وصولا إلى إعلام حر ومسؤول في الوقت ذاته.

وأشارت المومني إلى أن الحاجة تبدو ملحة لدراسة المنظومة القانونية الوطنية ذات العلاقة بالإعلام في إطار مصفوفة تشريعية متكاملة تضمن إزالة التعارض ومعالجة الثغرات القائمة ومراعاة الدستور الأردني والمعايير الدولية لحقوق الإنسان، خاصة أن المنظومة القانونية الوطنية تتضمن تأطيرا وتنظيما جزئيا في ما يتعلق بهذا الأمر حيث توجد مجموعة من التشريعات التي تضمنت تنظيما يتعلق بمواجهة التحديات التي قد يفرزها هذا الإعلام سواء قانون الجرائم الإلكترونية وقانون حماية البيانات الشخصية بما في ذلك حماية الحق في الخصوصية ومواجهة الأخبار الكاذبة وخطاب الكراهية.

وأكدت أن الحماية ذات العلاقة بالذكاء الاصطناعي واستخدامه في الإعلام الجديد ما زالت حماية محدودة، وهو الأمر ذاته في الدول العربية التي ما تزال الحماية فيها غير شمولية، فيما نجد على سبيل المثال أن الاتحاد الأوروبي أصدر ميثاقا متكاملا للذكاء الاصطناعي، في حين أن الدول العربية لم تضع تشريعا متكاملا، ولكن جرى وضع إستراتيجيات وطنية في بعض الدول؛ مثل الأردن الذي وضع الإستراتيجية الأردنية للذكاء الاصطناعي، وكذلك الحال في مصر والإمارات وقطر والسعودية، وهي خطوات جيدة وصولا إلى الحماية المتكاملة.

وقالت المومني “وفي الوقت ذاته لا بد من العمل على محور تمكين الشباب في مواجهة الإعلام الجديد، ما يتطلب رفع قدرات الشباب في مجال التربية المعلوماتية ورفع الوعي الرقمي والسلامة الرقمية لديهم، وهذا يقتضي التوسع في إدخال هذه المفاهيم في إطار تطبيقي في المناهج الدراسية، بالإضافة إلى تمكين الشباب قانونيا لمعرفة التحديات التي قد تنجم من هذا الإعلام وتشكل جرائم بحكم القانون.”

5