الأردن يستثمر التضامن العربي لتسريع التطبيع مع سوريا

انتهز الأردن موجة التضامن العربية التي أعقبت الزلزال المدمر الذي ضرب سوريا لإعادة تنشيط مبادرته للتطبيع مع نظام بشار الأسد. ويفتح تضاؤل الزخم العربي الرافض للتطبيع الأبواب أمام تسريع عودة دمشق إلى حاضنتها العربية التي بدأت فعلا لكن بشكل بطيء.
دمشق - أحدث الزلزال الذي ضرب سوريا الأسبوع الماضي ارتدادات سياسية دفعت الأردن إلى إعادة تحريك مبادرته للتطبيع مع النظام السوري، مع انضمام دول عربية كانت متحفظة في السابق على التعامل مع نظام الأسد، فيما باتت الدول العربية على قناعة باستحالة حسم الأزمة السورية عسكريا وأن رجوع دمشق إلى حاضنتها العربية أقل كلفة إقليميا من بقائها معزولة.
وبحث وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي مع الرئيس السوري في دمشق الأربعاء “الجهود المبذولة للتوصل إلى حل سياسي ينهي الأزمة وينهي هذه الكارثة، ويحفظ وحدة سوريا وتماسكها وسيادتها ويعيد لها أمنها واستقرارها ودورها”.
ورحّب الرئيس السوري بأي “موقف إيجابي” يصدر من الدول العربية، التي قطع عدد منها علاقته مع دمشق منذ بداية النزاع في سوريا.
وقال الأسد، وفق ما نقلت حسابات الرئاسة، إن “الشعب السوري يرحب ويتفاعل مع أي موقف إيجابي تجاهه وخاصة من الأشقاء العرب”، مشددا على “أهمية التعاون الثنائي بين سوريا والأردن”.
وزيارة الصفدي هي الثانية منذ وقوع الزلزال لوزير خارجية عربي إلى دمشق، حيث توجه نهاية الأسبوع الماضي وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان الذي تقود بلاده جهود الإغاثة الإقليمية.
ومنذ وقوع الزلزال الذي ضرب سوريا وتركيا في السادس من الشهر الحالي، تلقى الأسد سيلا من الاتصالات من قادة دول عربيّة، في تضامن قد يسرّع عملية تطبيع علاقاته مع محيطه الإقليمي، وفق ما يرى محللون.
وإثر اندلاع النزاع العام 2011، قطعت دول عربية عدة، خصوصا الخليجية، علاقاتها الدبلوماسية مع سوريا وأغلقت سفاراتها، كما علقت جامعة الدول العربية عضوية دمشق.
لكن الأردن كان من الدول العربية القليلة التي أبقت على علاقاتها مع اتصالات محدودة. وتوقّفت الزيارات الرسمية بين البلدين لسنوات عدة قبل أن تُستأنف في العام 2021. كما التقى وزير الخارجية الأردني نظيره السوري على هامش اجتماعات دولية.
وتوج التقارب السوري – الأردني أول اتصال هاتفي منذ 2011 بين الأسد والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني في أكتوبر 2021. واتصل الملك الأردني بالرئيس السوري مرة ثانية بعد وقوع الزلزال.
وبرزت مؤشرات انفتاح عربي على دمشق خلال السنوات القليلة الماضية، وبدأت مع إعادة فتح الإمارات لسفارتها في دمشق عام 2018 ثم زيارة الأسد لأبوظبي في مارس الماضي.
والثلاثاء، هبطت طائرة مساعدات سعودية في مطار حلب الدولي، هي الأولى منذ قطع الرياض علاقاتها الدبلوماسية مع دمشق.
وإلى جانب حلفائه التقليديين، تلقى الأسد الثلاثاء اتصالا من نظيره المصري عبدالفتاح السيسي، أكد فيه “تضامن” بلاده واستعدادها “لتقديم كافة أوجه العون والمساعدة الإغاثية الممكنة”.
وهذا الاتصال هو الأول من نوعه بين الرجلين منذ تولي السيسي السلطة في مصر العام 2014، رغم محافظة البلدين على علاقات أمنية وتمثيل دبلوماسي محدود.
وبالنسبة إلى مصر، لا يبدو أنها تسير عكس تيار الدول الراغبة في إعادة تأهيل النظام السوري لوجود مؤشرين قويين، الأول سياسي والثاني اقتصادي.
وتغير الموقف المصري من الملف السوري إلى النقيض بعد سقوط الإخوان في مصر. وشهدت العلاقات الثنائية بين البلدين تنسيقا أمنيا وصل إلى حد أن رئيس المخابرات المصرية عباس كامل زار دمشق سنة 2020. وأكدت التصريحات السابقة لوزير الخارجية المصري سامح شكري بما يقطع الشك أن القاهرة حريصة على عودة سوريا إلى الجامعة العربية، على الرغم من وجود تعقيدات.
وتلقى الأسد كذلك اتصالا من العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة، هو الأول من نوعه منذ أكثر من عقد.
وفشلت عدة مبادرات أردنية في تعويم نظام بشار الأسد إلى حد الآن، لكن زخم الرافضين لعودة سوريا إلى جامعة الدول العربية يتضاءل في ظل استحالة تسوية النزاع عسكريا.
وتعتقد الكاتبة جويس كرم بأن “الفشل الدولي على مستوى المساعدة والإغاثة في سوريا لا مبرر له، وهو اليوم سيعبد الطريق لإعادة بعض الدول فتح جسورها مع بشار الأسد”.
وقالت إن “بعد اتصال من الرئيسين الإماراتي محمد بن زايد والمصري عبد الفتاح السيسي بالأسد، ستعجل الهزة قطار التطبيع العربي مع الأسد. اليوم، الدول الغربية ما زالت تعيد تحفظاتها وتكرر أنها لن ترسل المساعدات عبر الأسد، إنما دمشق تعول أولا على التطبيع الإقليمي وتحديدا العربي والتركي. فالمال ولو جاء من أوروبا أو الخليج أو أفريقيا لا يهم الأسد، والغطاء الإقليمي هو أكثر من كاف لتعويمه سياسيا”.
وتابعت كرم بأن “عودة الأسد إلى الجامعة العربية دفع باتجاهها الأردن والإمارات وتحفظت عليها السعودية ومعها مصر بعد ضغوط غربية. إنما اليوم والسيسي قد اتصل بالأسد والغرب منشغل بأوكرانيا، فقد تدفع الكارثة بدعوة دمشق من باب المساعدة وإعادة الإعمار”.
• اقرأ أيضا:
كارثة الزلزال تُباعد بين طرفي النزاع في سوريا بدلا عن تقريبهما
الأسد يتوقع مكافأة سياسية بعد السماح بفتح معبرين أمام المساعدات