الأردن يستبق موجة احتجاجات برفع أجور المتقاعدين

عمّان - تعكس توصية لجنة المالية بمجلس النواب الأردني برفع أجور الموظفين المتقاعدين حالة من التململ لدى الأردنيين الذين تضررت مقدرتهم الشرائية بشدة جراء أزمة اقتصادية عجزت الحكومة عن تطويقها، ما ينذر باندلاع موجة احتجاجات معيشية باتت ظروفها مهيأة.
وأوصت اللجنة الأربعاء الحكومة بدراسة رفع رواتب الموظفين المتقاعدين الذين تقل رواتبهم عن 300 و250 و200 دينار بشكل عام.
وقال رئيس اللجنة محمد السعودي خلال اجتماع مع الفريق الاقتصادي الحكومي، إن اللجنة تريد “معرفة أثر ذلك على المالية العامة لو تمت زيادة 50، 25 و15 دينارا لمن رواتبهم أقل من 200، 250 و300 دينار”.
وتتوقع دوائر أردنية أن تستجيب الحكومة لهذه التوصية رغم العجز المالي في موازنة 2022 المقدر بـ1.7 مليار دينار (2.4 مليار دولار)، مقارنة مع 2.05 مليار دينار (2.8 مليار دولار) لسنة 2021.

محمد السعودي: ندعو إلى النظر في رفع رواتب الموظفين المتقاعدين
وفرض غلاء أسعار السلع الاستهلاكية نفسه على الأسواق الأردنية خلال الشهرين الماضيين اللذين سجلا زيادات حادة في أسعار سلع رئيسة أرجعه وكلاء إلى الغلاء عالميا، إلا أن هذه الخطوات الموجعة من شأنها إثارة احتقان اجتماعي تبدو أرضيته مهيأة في بلد يعيش أزمة اقتصادية حادة واستفحلت فيه البطالة وتراجعت فيه بقوة المقدرة الشرائية.
ورغم أن الحكومة أعلنت مؤخرا عن إجراءات للحد والسيطرة على ارتداد الزيادات العالمية والمتواصلة التي طالت أسعار السلع الغذائية والأساسية، إلا أن محللين يؤكدون أن خفض ضريبة المبيعات على السلع الغذائية والرئيسة هي أهم إجراء يمكن أن يلمس المستهلكون آثاره فعلا.
وقال أمين سر غرفة صناعة عمّان وعضو مجلس إدارة صناعة الأردن تميم القصراوي إن الأسواق العالمية تشهد زيادة كبيرة في أسعار مختلف السلع الغذائية والأساسية بنسب وصلت إلى 100 في المئة لبعض الأصناف.
ويواجه الأردن أزمة اقتصادية منذ سنوات جراء الصراعات المحيطة، وتراجع أولويات الدول الداعمة لاسيما الخليجية منها التي كانت سباقة في ما مضى إلى ضخ أموال في خزينته، ومع تفشي جائحة فايروس كورونا ازداد اقتصاد المملكة سوءا، وسط حالة يأس وإحباط من إمكانية الخروج من هذا الوضع قريبا.
وتجنبت الحكومة الأردنية فرض رسوم وضرائب جديدة في موازنة العام 2021، في مقابل ذلك ركزت على محاربة التهرب الضريبي والجمركي، في خطوة تعكس خشية من ردود فعل الشارع المتحفز.
ويرى محللون أن الأردن اختار عدم فرض ضرائب ورسوم جديدة تجنّبا لردود فعل الشارع وخشية من احتجاجات قد تعمّق أزمات المملكة المشحونة اجتماعيا على غرار احتجاجات 2018 التي انتهت باستقالة حكومة رئيس الوزراء الأسبق هاني الملقي.
وكانت احتجاجات 2018 بدعوة من النقابات المهنية ضد مشروع قانون ضريبة الدخل واستمرت لنحو أسبوع.
خفض ضريبة المبيعات على السلع الغذائية والرئيسة هي أهم إجراء يمكن أن يلمس المستهلكون آثاره على أرض الواقع
ويقول متابعون إن المواطن الأردني لم يعد قادرا على تحمل تراجع قدرته الشرائية، وغياب الخطط الحكومية الفعالة لدعمه، فضلا عن قناعته بأن الإجراءات الاجتماعية لدعمه يطغى عليها الطابع الارتجالي ولم تحقق أي نتائج إيجابية، بل على العكس فاقمت من أزماته.
ورصدت الحكومة الأردنية مخصّصات لزيادة شبكة الأمان الاجتماعي وتوسيع قاعدة المنتفعين من صندوق المعونة الوطنية، حيث تم رصد مخصصات زيادة لصندوق المعونة الوطنية بنسبة 38 في المئة، في محاولة للتخفيف من آلام الأردنيين الاقتصادية، إلا أن هذه الخطوات تظل ترقيعية وغير قادرة على بلوغ أهدافها.
ومؤخرا عادت الاحتجاجات إلى شوارع العاصمة عمّان لتضاعف الضغوط على الحكومة الأردنية التي اتخذت إجراءات تقشفية تراها ضرورية لكبح عجز الموازنة ، بينما يرى فيها المواطنون إثقالا لكاهلهم ونتيجة طبيعية للفشل الحكومي في الإصلاحات واستفحال الفساد في المملكة.
وشارك المئات من الأردنيين في مسيرة احتجاجية بالعاصمة عمّان رفضا للزيادة في أسعار السلع والمحروقات.
ورفع المشاركون لافتات كتبت عليها شعارات منها “لا لرفع الأسعار.. يوجد هنا شعب”، و”المساعدات والمنح في بطون الفاسدين” و”لا لسياسة التجويع والإفقار”.
وقال نائب أمين حزب الشراكة والإنقاذ سالم الفلاحات إن “الأسعار ترتفع بشكل جنوني وإرادة الشعب مغيبة، الاحتجاجات هي لتذكير الأردنيين بأن هذا وطنكم وهذه مسؤوليتكم”.