الأردن يركز أنظاره على التمويل الإسلامي لتحفيز الاستثمارات

وجهت الأوساط المالية الأردنية أنظارها باتجاه دفع الحكومة باتجاه تعزيز نشاط الصيرفة الإسلامي ولاسيما الصكوك، في أحدث محاولة لتحفيز الاستثمارات في البلاد من خلال توفير أدوات ديون بديلة تسهم في دفع عجلات الاقتصاد.
عمّان - يشجع الزخم المتزايد للتمويل الإسلامي، بالتوازي مع انتشاره الكبير وتحقيقه لأرباح ضخمة سنويا للمؤسسات المالية حول العالم، الأردن على المراهنة على هذه الصناعة كأداة مهمة لتحفيز الاقتصاد عبر استثمارها في تمويل مشاريع التنمية.
وعقد المنتدى الاقتصادي الأردني مؤخرا جلسة ضمن فعاليات برنامج الصالون الاقتصادي محورها “الصكوك الإسلامية: أداة تمويل بديلة” لاستكشاف الدور الحيوي، الذي تلعبه الصكوك الإسلامية في عمليات التمويل والاستثمار.
وقال المنتدى في بيان أوردته وكالة الأنباء الأردنية الرسمية الأحد إن “الأردن كان من الدول السباقة في إصدار تشريع للصكوك الإسلامية ضمن قانون سندات المقارضة، ما يعكس مكانتها كمركز متميز في التمويل والاستثمار الإسلامييْن”.
وكانت البلاد قد أطلقت أول صكوكها الإسلامية في العام 2016 ضمن محاولات الحكومة لتوفير مصادر جديدة لتمويل عجز الميزانية خاصة وأن هذه النوعية من الديون برزت كأدوات للعديد من الدول لجذب المستثمرين المراهنين عليها.
وشدد رئيس مجلس مفوضي هيئة الأوراق المالية الأردنية عادل بينو خلال الجلسة على أهمية التركيز على جدوى المشاريع والعوائد المتوقعة وضرورة توسيع قاعدة إصدار الصكوك.
وقال إنه “من الضروري وخاصة البنوك الإسلامية، أن تجد في الصكوك بديلا يماثل السندات الحكومية، مما يعزز من استقرار ونمو هذه السوق”.
وأكد حرص الهيئة على تطوير صكوك قابلة للتداول، بما في ذلك صكوك المضاربة والمشاركة، ونعمل حالياً على التحضير لإصدار صكوك المضاربة، مستفيدين من المرونة التي يوفرها القانون الحالي.
وأضاف أن “الحكومة والمؤسسات الحكومية والبنوك الإسلامية، بالإضافة إلى أية جهة أخرى يوافق عليها مجلس مفوضي الهيئة، كلها تمتلك القدرة على إصدار الصكوك، ما يفتح آفاقاً واسعة أمام تنويع أدوات التمويل وتعزيز الاستثمارات في مختلف القطاعات”.
وذكر الدكتور بينو، بعض الأمثلة الناجحة على استخدام الصكوك في تمويل المشاريع، موضحاً كيف أن تطابق كل مشروع مع أنواع معينة من الصكوك يمكن أن يعزز من فعاليتها، ويوسع نطاق تطبيقها.
وأضاف أن هذه التوصيات تهدف إلى تحقيق التوافق الشرعي والقانوني، مع تأكيد الحاجة إلى الوعي بالأطر القانونية والتنظيمية الخاصة بالصكوك الإسلامية.
ودعا إلى تبني نهج شامل يشمل إعداد دراسات جدوى ودراسات مالية دقيقة، والعمل على تطوير الإطار الشرعي والقانوني اللازم لتحسين بيئة الصكوك.
ووصل عدد البنوك العاملة في البلاد بنهاية العام الماضي إلى 20 بنكا وتشمل 15 بنكا أردنيا مدرجا في بورصة عمّان، منها 3 بنوك إسلامية و5 أجنبية منها بنك إسلامي.
◙ 2.25 مليار دولار إجمالي قيمة الصكوك التي تم إصدارها في البلاد منذ العام 2016
وبحسب المعطيات الرسمية، فإن البنوك الإسلامية الناشطة بالسوق المحلية هي البنك العربي الإسلامي الدولي والبنك الإسلامي الأردني وبنك صفوة الإسلامي ومصرف الراجحي السعودية.
وتشير التقديرات إلى أن أصول البنوك الإسلامية الأربعة تبلغ نحو 5 مليارات دولار، وهي تمثل نحو 5 في المئة من إجمالي الأصول المصرفية.
وتظهر بيانات شركة بيتك للأبحاث المحدودة، ومقرها الأردن، أن البنوك الإسلامية تحقق نموا سنويا بنحو 13 في المئة، حيث أنها تتفوق على البنوك التقليدية من حيث نمو نسبة الودائع والتمويلات.
ووفق تقديرات وكالة فيتش للتصنيف الائتماني، تبلغ حصة البنوك الإسلامية بالأردن 20 في المئة من إجمالي رقم تعاملات القطاع المصرفي والمالي عموما.
ويشير الرئيس التنفيذي للبنك الإسلامي الأردني حسين سعيد إلى أن عمّان أصدرا صكوكا بقيمة 1.8 مليار دينار (2.55 مليار دولار) منذ العام 2016، مؤكدا أهمية هذه الأداة في السيولة وكفاية رأس المال.
ويرى سعيد أن هذه الخطوة، لا تعكس فقط الجدية في تطوير البنية التشريعية للصكوك، بل تُظهر أيضا كيف يمكن للصكوك أن تُسهم في توفير أدوات تمويل مستدامة وفعالة.
وبحسب التقديرات بلغت قيمة الأصول المالية الإسلامية على مستوى العالم حوالي 4.5 تريليون دولار، بما في ذلك حوالي 3.25 تريليون دولار منها للصيرفة الإسلامية.
ويبرز الدور الريادي لكل من ماليزيا والسعودية في صناعة الصكوك الإسلامية على المستوى العالمي، واللتين تقودان هذا التيار إلى جانب دول أخرى مثل تركيا والإمارات وإندونيسيا.
ويشهد البلد نموا في التمويل الإسلامي في ظل نمو سريع للصيرفة الإسلامية خاصة مع سن قوانين لتنظيم هذا المجال، منها قانون الصكوك وآخر لتنظيم عمل شركات التأمين.
وقال رئيس قسم المصارف الإسلامية في الجامعة الأردنية باسل الشاعر إن “الصكوك ركيزة أساسية لنمو الأسواق المالية”، لافتا إلى أنها تستند إلى المشاركة في الربح والخسارة، حيث توفر فرصا استثمارية جذابة تتوافق مع معايير التمويل الإسلامي.
ونوه بأن من بين أنواع الصكوك في السوق، صكوك المضاربة وصكوك المشاركة، إذ أن كل منها يخدم أغراضا استثمارية متنوعة ويفتح آفاقاً جديدة للتمويل والاستثمار، وفق مبادئ وأحكام الشريعة.
وأشار الشاعر، إلى أن الأردن أخذ خطوات متقدمة لتطوير الإطار التشريعي والتنظيمي لهذه الصكوك، حيث تم إصدار قانون صكوك التمويل الإسلامي في العام 2012، ما يمثل نقلة نوعية في تعزيز البنية التشريعية الداعمة لأدوات الدين في البلاد.