الأردن يراهن على مؤتمر لندن للمانحين لتخفيف الأزمات الاقتصادية

عمّان تحاول الحصول على تمويل أرخص لتخفيف أعباء الدين، وانحسار الأزمات في العراق وسوريا يؤدي لارتفاع الصادرات.
الخميس 2019/02/28
آمال متزايدة بتحريك عجلات الاقتصاد
 

تصاعدت آمال الأردن بتخفيف الأزمات الاقتصادية المزمنة بعد تسريع برنامج الإصلاحات، في وقت تعوّل فيه كثيرا على مؤتمر المانحين المقرّر عقده في لندن للحصول على المساعدات والاستثمارات، خاصة بعد تحسن بعض المؤشرات مع انحسار الأزمات في العراق وسوريا وتحسن آفاق الصادرات الأردنية.

عمّان - سعت الحكومة الأردنية إلى طمأنة الأوساط الشعبية حول نجاح سياسات الإصلاح الاقتصادي، رغم الإقرار بصعوبة الأوضاع
في ظل تباطؤ معدلات النمو في السنوات الأخيرة.

وقال رئيس الوزراء عمر الرزاز في مقابلة مع وكالة رويترز إن اقتصاد بلاده “بدأ يتحسن بعد أقل من عام على الشروع في تنفيذ إصلاحات مالية صعبة مطلوبة لخفض الدين، وحاسمة لتحفيز النموّ الذي تضرر بالصراعات في المنطقة”.

وقبل يوم من انعقاد مؤتمر المانحين في لندن اليوم الخميس، كشف الرزاز أنه سيعرض خطوات بلاده والتزاماتها بتنفيذ الإصلاحات المالية والهيكلية التي يدعمها صندوق النقد الدولي لتحفيز الاقتصاد.

وكان العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني قد عيّن الرزاز في يونيو الماضي لتهدئة أكبر احتجاجات تشهدها البلاد منذ سنوات بعد زيادات في الضرائب بتوجيه من صندوق النقد لخفض الدين العام الضخم.

ونجح الرزاز، الذي كانت مهمته الأساسية استعادة الثقة، في دفع البرلمان في نوفمبر الماضي لإقرار قانون ضريبي جديد، بمثابة دعامة رئيسية في إجراءات تقشفية لتخفيف الأزمة المالية، وتحفيز النموّ الراكد الذي ظلّ يحوم حول اثنين في المئة في السنوات الأخيرة.

عمر الرزاز: هناك تحسن في النمو بعد أقل من عام على الشروع في تنفيذ الإصلاحات
عمر الرزاز: هناك تحسن في النمو بعد أقل من عام على الشروع في تنفيذ الإصلاحات

وأكد رئيس الوزراء أن القاعدة الضريبية الموسعة وخفض الإنفاق العام زادا من إيرادات الدولة، كما قلّصت الضغوط على موارد الدولة، التي تكافح لكبح دين عام يبلغ نحو 40 مليار دولار.

وأوضح الرزاز، الذي سيقود وفد بلاده في مؤتمر لندن أن أساسات الاقتصاد بدأت تتحسّن كلها والمؤشرات المالية والاقتصادية الشاملة أفضل.

ورغم هذه النظرة التفاؤلية، يعتقد محللون أن عمّان لا تزال أمامها الكثير من التحديات لتجاوزها في طريق دعم مناخ الأعمال عبر تحفيز القطاع الخاص، والمشاريع الصغيرة والمتوسطة وتوفير فرص عمل جديدة للشباب.

وجاء في بيان صدر عن صندوق النقد هذا الشهر في ختام آخر مهامه لمراجعة برنامج مدته ثلاث سنوات لدعم الإصلاح المالي والاقتصادي بالأردن، أن المشهد الاقتصادي يظهر “تجدد قوة الدفع رغم بقاء التحديات”.

وعانى الأردن من انعدام الاستقرار على حدوده طيلة سنوات لأسباب منها الحرب في العراق وسوريا والوضع في الضفة الغربية المحتلة.

وضرب عدم الاستقرار اقتصاد بلد يفتقر إلى الموارد وقد استضاف أكثر من مليون لاجئ منذ بداية الأزمة السورية. وبلغ معدّل البطالة بين الأردنيين وفقا لدائرة الإحصاءات العامة 18.4 بالمئة.

وتهدف خطة التعزيز المالي للبلاد إلى خفض الدين العام إلى 77 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2021 من 95 بالمئة حاليا.

وأظهرت الإحصاءات على الموقع الإلكتروني لوزارة المالية أمس أن صافي الدين الداخلي للبلاد بلغ 14.82 مليار دينار (نحو 21 مليار دولار) بنهاية الماضي، في حين وصل الدين الخارجي إلى 12.08 مليار دينار (17 مليار دولار).

وتشير البيانات الرسمية كذلك إلى أن صافي الدين العام المستحق على الأردن ارتفع في الأشهر العشرة الأولى من العام الماضي بنسبة ستة بالمئة إلى 26.9 مليار دينار (37.9 مليار دولار) مقارنة مع 25.4 مليار دينار في نهاية 2017.

وقال الرزاز لقد “أخذنا الدواء المرّ الذي كان مطلوبا وفعل الأردن كل ما بوسعه على الصعيد المالي لإتاحة المجال أمام النمو”، مشيرا إلى أن العبء يقع الآن على مجتمع المانحين الدولي لدفع البلاد “لتحقيق نمو مستدام”.

ويجري الأردن منذ فترة مناقشات مع كبار المانحين والبنك الدولي للحصول على قروض ومنح بشروط ميسرة لسداد الديون المستحقة، لخفض خدمة الدين العالية التي تضغط بقوة على الميزانية البالغ حجمها 13 مليار دولار.

كما دعا صندوق النقد إلى تقديم منح للميزانية وتمويلات ميسرة لدعم إصلاحات الأردن واحتياجاته المالية الضخمة التي زادت نتيجة إيواء الكثير من اللاجئين السوريين.

صندوق النقد الدولي يرى أن الاقتصاد الأردني يظهر تجدد قوة الدفع إلى الأمام رغم بقاء التحديات
صندوق النقد الدولي يرى أن الاقتصاد الأردني يظهر تجدد قوة الدفع إلى الأمام رغم بقاء التحديات

ومن المتوقع أن يتعافى الاقتصاد في السنوات الخمس القادمة ويحقق نموا يتجاوز 3 بالمئة المتوقعة خلال 2019، مدعوما بزيادة الصادرات وإعادة فتح معابر حدودية مع جارتيه سوريا والعراق.

ويقول محللون ووكالات ائتمان إن الاقتصاد الأردني يستمد دعما من المانحين الغربيين وعوامل جيوسياسية تخفف من الضغوط الاقتصادية والسياسية على البلاد.

وتلقّى الأردن العام الماضي دعما خليجيا من الإمارات والسعودية والكويت بقيمة 2.5 مليار دولار بهدف التخفيف من حدة أزمته الاقتصادية.

وتوجد بالفعل علامات على ارتفاع الصادرات، بحسب الرزاز، مع استعادة البلاد أسواقا فقدتها خلال سنوات الصراع على حدودها وخاصة مع العراق.

ويبدو أن الاستقرار السياسي وأساسيات الاقتصاد الكلي سمحا للأردن بأن يفلت مؤقتا من الاضطرابات، التي انتشرت في أنحاء المنطقة في السنوات الأخيرة.

وقال الرزاز “أثبتَ الأردن قدرته على الصمود في وجه الصدمات الخارجية وعلى البقاء بل واغتنامها في وقت يستضيف فيه لاجئين، وقد فعل ذلك على الوجه الصحيح”.

10